أكد الرئيس الأميركي جورج بوش أمس أن الولاياتالمتحدة لا تزال ملتزمة بتحالف قوي مع أوروبا التي دعاها مع ذلك إلى اعتماد معاييره في مكافحة الإرهاب والمجاعة والفقر والإيدز. وحذر أثناء زيارته لمعسكر أوشفيتز النازي للاعتقال في بولندا العالم من أخطار ترك "الشر من دون مواجهته". وقال بوش الذي كان يتحدث في ساحة قصر فافيل الاثري في وسط كراكوفا في بولندا إن "على أميركا والدول الأوروبية أن تواجه تهديد الارهاب الدولي. إن كل دولة واجهت خيارات صعبة في شأن استخدام القوة للحفاظ على السلام. وقد عشنا الوحدة والبحث عن أهداف مشتركة، كما شهدنا نقاشات كان بعضها صحياً والآخر مثيراً للخلاف والانشقاق". واختار بوش للادلاء بهذا الخطاب بولندا التي وقفت إلى جانب الولاياتالمتحدة في حربها على العراق. وشكر الرئيس الاميركي نظيره البولندي ألكسندر كواشنيفسكي على مواقف بلاده، ورد الأخير بالقول إن "الولاياتالمتحدة تحتاج إلى أوروبا موحدة وأوروبا تحتاج إلى الولاياتالمتحدة". وذكّر بوش بأنه تم تحقيق الهدف الأميركي المتمثل في جعل الدول التي كانت تدور في الفلك السوفياتي سابقاً، جزءاً من حلف شمال الأطلسي، مشيراً إلى أن بلاده ترغب اليوم في "تحالف قوي بين جانبي الاطلسي"، قادر على التحرك "أبعد من حدود أوروبا"، وذلك في تصريحات ترمي إلى تحسين العلاقات مع أوروبا بعد انقسامات مريرة بسبب الحرب على العراق. ورأى الرئيس الأميركي أن "هذا هو الوقت المناسب لنتحد جميعاً في الدفاع عن الحرية ... وليس وقت تشجيع الانقسامات داخل تحالف عظيم"، معتبراً أن الوحدة ضرورية لمواجهة الإرهاب ولتحقيق تقدم في قضايا السلام في العالم. إلا أن خطابه لم يخل من بعض الانتقادات الضمنية للحلفاء الأوروبيين، لا سيما في شأن المساعدة في عملية التنمية ومكافحة الإيدز والمجاعة. ودعا الدول الأوروبية إلى اعتماد "المعايير ذاتها" التي تعتمدها الولاياتالمتحدة في توزيع مساعداتها من أجل التنمية كي لا تفيد منها "نخب فاسدة". في اوشفيتز وفي وقت لاحق، حذر الرئيس الاميركي العالم من أخطار ترك "الشر من دون مواجهته" إثر زيارته لمعسكر أوشفيتز النازي للاعتقال في بولندا تكريماً لضحايا المحرقة اليهودية. واستذكر بوش، الذي أحاط حربه ضد العراق ومعركته ضد الارهاب بمبررات أخلاقية، المعتقلين الذين زاد عددهم على المليون من اليهود وغيرهم من أنحاء أوروبا الذين أعدموا في أوشفيتز خلال الحرب العالمية الثانية. وقال بعد استعراضه غرف الغاز في المعسكر الواقع على مشارف مدينة كراكوفا البولندية "أن هذا الموقع هو عامل تذكير واضح لقوة الشر وضرورة أن يقاوم الناس الشر". وأضاف وإلى جانبه زوجته لورا "إن هذا الموقع هو عامل تذكير واضح على أنه عندما نجد معاداة للسامية سواء في أوروبا أو أي مكان آخر، يجب أن يتحد البشر لمكافحة مثل هذه الدوافع القاتمة ... في هذا الموقع شيء يذكر بقوة بأن العالم المتحضر يجب ألا ينسى أبداً ما جرى هنا". ويلتقي الرئيس الاميركي اعتباراً من الاحد في إيفيان فرنسا شركاءه في مجموعة الثماني الولاياتالمتحدة وألمانيا وكندا وفرنسا وإيطاليا واليابان وبريطانيا وروسيا لإجراء محادثات تتمحور حول الوضع الاقتصادي العالمي والارهاب ومكافحة الفقر والأوبئة. وسيكون هذا اللقاء الأول من نوعه منذ بدء التوتر بين واشنطن ولندن من جهة وبين باريس وبرلين وموسكو من جهة أخرى في شأن استخدام القوة في العراق. ووصل بوش أمس إلى سان بطرسبورغ لعقد قمة روسية - أميركية اليوم تشغل العلاقات الثنائية بين البلدين حيزاً أساسياً فيها. وذكر متحدث في الكرملين أن احتفالاً خاصاً سيقام اليوم يتبادل خلاله الرئيسان بوتين وبوش وثائق اتفاق خفض المخزون النووي الاستراتيجي بعدما صادق عليه برلمانا البلدين. وكان بوش قال في حديث إلى قناة "روسيا" الحكومية إن البلدين تمكنا من تجاوز النقاط الخلافية، وأكد أن لقاءه مع بوتين سيضع أسساً لحوار استراتيجي تشارك فيه مختلف المؤسسات في البلدين من أجل تعميق التنسيق ووضع آليات لعلاقات طويلة المدى.