أعلن مدير الإدارة المدنية الأميركية في العراق الجنرال المتقاعد جاي غارنر أن حكومة انتقالية في بغداد ستشكل قريباً من تسعة على الأقل من المعارضين العراقيين السابقين، وتكون مهمتها الأساسية البدء بإعادة الإعمار والاعداد لانتخابات ديموقراطية. وكشف ان السلطات الاميركية اطلقت محمد محسن الزبيدي الذي عيّن نفسه رئيساً للمجلس التنفيذي في بغداد، وذلك بعد يومين فقط على اعتقاله، متهماً اياه بسرقة سيارات ومصادرة ممتلكات. في غضون، ذلك تحدث وزير بولندي عن رغبة بلاده في اقامة أربع مناطق في العراق، تخضع احداها لإدارة بولندية، فيما توقعت تقارير ان ترفع قيمة عقد منح لمعهد دراسات اميركي الى نحو 167 مليون دولار لتولي مهمة اشاعة الديموقراطية في العراق. أعلن مدير الإدارة المدنية الاميركية في العراق قرب تشكيل حكومة انتقالية في بغداد تضم معارضين عراقيين سابقين. وقال جاي غارنر قبل توجهه من بغداد الى البصرة أمس، إن المهمة الأساسية لهذه الحكومة ستكون البدء بإعادة الإعمار والاعداد "لانتخابات ديموقراطية". وصرح إلى الصحافيين بأنه "سيكون هناك سبعة أو ثمانية أو تسعة مسؤولين يعملون معاً لتشكيل قيادة"، مضيفاً انه لا يزال من المبكر الكلام على كيفية عمل هذه القيادة الجماعية. وزاد: "بحلول منتصف الشهر ستشهدون بداية نواة لحكومة عراقية بوجه عراقي تتعامل مع التحالف". وكان غارنر يشير إلى الزعيمين الكرديين، مسعود بارزاني زعيم "الحزب الديموقراطي الكردستاني" وجلال طالباني زعيم "الاتحاد الوطني الكردستاني"، وأحمد الجلبي زعيم "المؤتمر الوطني العراقي" واياد علاوي الذي يقود "حركة الوفاق الوطني" وعبدالعزيز الحكيم المسؤول الثاني في "المجلس الاعلى للثورة الاسلامية" في العراق مقره في ايران. وأضاف غارنر ان المجموعة قد توسع لتضم شخصية مسيحية وربما أخرى سنية، وشدد على ضرورة اطلاق العملية السياسية في البلاد. وكان عدنان الباجه جي عضو اللجنة القيادية السداسية للمعارضة العراقية التي شكلت في شباط فبراير الماضي في كردستان، رفض المشاركة في اللجنة، وهو يطالب بإدارة انتقالية تحت اشراف الاممالمتحدة. وشدد غارنر على الأهمية التي تعطيها الولاياتالمتحدة للجانب السياسي، موضحاً أنه يتوقع وصول الديبلوماسي الاميركي بول بريمر بحلول الاسبوع المقبل الى العراق، لتولي العملية السياسية لعراق ما بعد الحرب. وزاد ان بريمر "سيكون مهتماً في شكل أكبر بالعملية السياسية. انني اقوم بكل شيء ولا أريد ذلك. إننا بحاجة إلى جهد حقيقي" في الجانب السياسي. وأكد أن تعيين شخص مثل بريمر تم التخطيط له منذ مدة، وتابع: "سأبقى لفترة، لا بد أن تكون هناك مساعدة". وتحدث غارنر عن الجهود لإعادة الخدمات الأساسية للعراق، وقال: "الشهر الجاري مهم لإعادة الخدمات الاساسية أو على الاقل ان يكون هناك احتمال جيد لإعادتها واعادة تطبيق القانون". وأعرب عن خيبة أمله من أن الاميركيين لم يتمكنوا من بدء نظام بث موسع للتفزيون والاذاعة في العراق، وقال: "لم نقم بعمل جيد … أريد أن يشاهد الناس التلفزيون … والبرامج التي يرغبون في مشاهدتها". اطلاق الزبيدي وكشف الافراج عن محمد محسن الزبيدي الذي عيّن نفسه رئيساً للمجلس التنفيذي في بغداد، وذلك بعد يومين على اعتقاله نهاية الشهر الماضي، وبعدما تعهد عدم استئناف النشاطات التي كان يمارسها. وكان معتقداً على نطاق واسع ان الزبيدي ما زال محتجزاً. وقال غارنر للصحافيين : "اذا تجاوز الحدود مرة أخرى سيحتجز فترة أطول بكثير". واتهم غارنر الزبيدي بسرقة سيارات ومصادرة ممتلكات أثناء ممارسته سلطات المنصب الذي أعلن أنه يتولاه. ويقول الزبيدي انه منتخب من ناس يمثلون رجال الدين والأكاديميين والمسلمين شيعة وسنة والمسيحيين، والكتّاب والصحافيين، على رغم أنه لم يوضح كيف تم ذلك أو متى. وشكل الزبيدي خلال الفوضى التي أعقبت إطاحة صدام حسين لجاناً لتتولى عمل الوزارات، ما أثار بلبلة واسعة في شأن هوية المسؤول عن إدارة بغداد. وأكدت القيادة المركزية الأميركية أن الزبيدي بعث برسائل الى أفراد ومؤسسات في بغداد، يطلب عدم العودة للعمل في محطات الطاقة والمياه وشبكات الصرف الصحي والبنوك إلا بموافقته. وأشارت إلى أنه فصل موظفين في قطاع الكهرباء وعين مؤيدين له. 4 قطاعات في وارسو، نقل التلفزيون عن وزير الدفاع البولندي جيرزي سمادزينسكي قوله في واشنطن ان العراق يجب ان يقسم أربعة قطاعات، يكون احدها على الأرجح بإدارة بولندا. وقال الوزير بعد محادثات أجراها في وزارة الدفاع الاميركية ان بلاده يمكن ان تتولى إدارة شمال العراق أو منطقة في الوسط الجنوبي للبلاد بين البصرةوبغداد، مشيراً إلى أن حدود المناطق لم تحدد بعد. وأضاف: "بين 7000 و9000 جندي يجب ان ينتشروا في كل قطاع، وعدد الجنود البولنديين لم يحدد بعد". وأعلن الرئيس البولندي الكسندر كواشنيفسكي الأحد أن بلاده قد ترسل بين 1500 - 2000 من جنودها الى العراق، وقال ان "مفاوضات في هذا الشأن تجري مع اطراف مختلفة"، مشيراً إلى أنه قد يتم ارسال جنود اوكرانيين وسلوفاكيين ورومانيين الى المنطقة العراقية الواقعة تحت اشراف بولندا. وتأكد أمس تعيين الديبلوماسي الدنماركي اولي وهليرس اولسن في منصب المنسق الاقليمي لإحدى المناطق الأربع الادارية التي يعتزم "التحالف" الاميركي - البريطاني اقامتها في العراق. والتقى الديبلوماسي الدنماركي غارنر في البصرة أمس، وسيشرف اولسن 61 سنة، وهو سفير الدنمارك لدى سورية، على منطقة البصرة. وأعلنت الخارجية الدنماركية ان اولسن، الذي اعتنق الاسلام، سيتولى هذه المهمة لفترة نصف سنة. عقد العملية الديموقراطية وبدأت الولاياتالمتحدة في ارساء قواعد لاجراء انتخابات في العراق، في إطار عملية لبناء الديموقراطية يقول خبراء إنها قد تستغرق سنوات. ومنحت وكالة التنمية الدولية الاميركية أول عقد لبدء تلك العملية مطلع الشهر الماضي، إلى معهد "ريسيرتش تراينغل انستيتيوت" بقيمة 9،7 مليون دولار لتوفير "دعم الحكم المحلي". وقد ترتفع قيمة العقد الى 167 مليون دولار. ويرجح ريتشارد سودريت رئيس الصندوق الدولي لأنظمة الانتخابات، أحد المتعاقدين مع المعهد، أن تستغرق عملية اجراء انتخابات سنتين على الاقل. ويضيف: "التحدي الأكبر هو محاولة مساعدتهم على وضع نظام يثق به الناس". وقال الرئيس الاميركي جورج بوش أخيراً إن "الولاياتالمتحدة ليست لديها أي نية لفرض أي نوع من الحكومة أو الثقافة على العراق، ومع ذلك سنضمن ان يكون لجميع العراقيين صوت في الحكومة الجديدة، وحماية حقوق جميع المواطنين". وقال كريس ايسليب، الناطق باسم وزارة الدفاع الاميركية في "مكتب إعادة الاعمار والمساعدات الانسانية في العراق"، إن "هناك نموذجين، أهمهما نموذج الحكومة الأفغانية. الحكومة الاميركية أكدت التزامها هذه العملية مهما كان الوقت الذي ستستغرقه، وشرطنا الوحيد أن تكون حكومة ديموقراطية في شكل أو بآخر". لكن محللين يشيرون إلى سجل مختلط من الجهود لبناء الديموقراطية في البوسنة وكمبوديا وهاييتي وانغولا والسلفادور والبانيا وغيرها. ويقول بعض الخبراء إن العملية ربما تكون اكثر تعقيداً مما كان يُعتقد في العراق، بسبب غياب التقاليد الديموقراطية والتنافس العرقي والطائفي الشديد.