يشهد الاسبوع الجاري، وللمرة الاولى بعد انتهاء الحرب على العراق، ثلاثة اجتماعات مهمة يعقدها على التوالي مجلس الاحتياط الفيديرالي المركزي الاميركي و"بنك اوف انغلند" والبنك المركزي الاوروبي، للنظر في مستوى الفوائد على الدولار والجنيه الاسترليني واليورو وما اذا كان تعديلها يساهم في تحريك الاقتصادات الاميركية والبريطانية والاوروبية في ضوء "شبه الركود" الذي تعيشه، وما اذا كان خفض الفائدة سيُحرك اسواق الأسهم التي خسرت ما يراوح بين 15 و30 في المئة من قيمها منذ نحو ثلاث سنوات، من دون ان تساعد الحرب الاخيرة على العراق وحسمها بسرعة في اعطاء دفع للاسواق وبالتالي دفع الاقتصاد الى مستويات افضل. يعقد مجلس الاحتياط الفيديرالي الاميركي اليوم الثلثاء اجتماعاً للجنة السوق المفتوحة في مجلس الاحتياط الفيديرالي لتقويم تأثير الفائدة على الاقتصاد ودرس امكان خفضها من مستواها الجاري البالغ 1.25 في المئة او ابقائها عند المستوى نفسه حتى الاجتماع المقبل الذي سيعقد في العاشر من حزيران يونيو. ولا يتوقع الاقتصاديون الاميركيون ان يُغير المجلس سعر الفائدة على رغم الارقام السيئة التي وردت في الاحصاءات الاخيرة لاداء الاقتصاد خصوصاً عن البطالة والانتاجية. وستناقش اللجنة بالدرجة الاولى سعر صرف الدولار وتأثيره في تنافسية الصادرات بعدما تراجع امام العملات الرئيسية في العالم وتحديداً امام اليورو الذي اصبح يساوي 1.1227 صباح امس في اوروبا. الاسترليني ويتجه "بنك اوف انغلند"، الذي تجتمع لجنة السياسة النقدية فيه الخميس، الى خفض اسعار الفائدة على الاسترليني من 3.75 الى 3.50 في المئة على رغم انخفاض سعر صرفه مقابل اليورو وتراجعه الى مستويات دنيا 1.4303 يورو للجنيه اقتربت به من اسعار صرف بدايات اطلاق العملة الاوروبية الموحدة. وعلى رغم الاشارات الواردة من الضفة المقابلة للاطلسي التي تفيد ان سعر الفائدة على الدولار لن يتغير اليوم بل سيبقى عند مستوى 1.25 في المئة على الاقل لمدة شهر، الا ان المصارف الاستثمارية في لندن تعتقد ان "بنك اوف انغلند" سيلجأ الى سلاح الفائدة للمرة الثانية السنة الجارية لحفز الاقتصاد ويخفض الفائدة على الاسترليني الى مستويات شباط فبراير 1955، ما يعني دفعة للصناعة والمستثمرين وضربة جديدة للمودعين في سوق الاسترليني. كما تناقش اللجنة تأثير خفض الفائدة في سوق العقار، التي بدأت اسعاره تهدأ بعد بلوغها مستويات غير مسبوقة. ويعني خفض الفائدة مجدداً امكان ارتفاع نسبة التضخم فوق مستوى 2.5 في المئة الذي يراه وزير الخزانة معقولاً لنمو الاقتصاد ويمنع الإضرار بالاستثمار والصناعة. وتنظر اللجنة ايضاً في تأثير الفائدة في نمو الاقتصاد وتنافسية الصادرات وكلفة الواردات، اذا تراجع سعر الاسترليني. وقال مارتن لو من "باركليز كابيتال" في تصريحات صحافية خلال عطلة الاسبوع الطويلة، التي بدأت مساء الجمعة وانتهت مساء الاثنين، ان ضعف النمو "سيحتم على البنك اتخاذ قرار خفض الفائدة على الاسترليني في اجتماع الخميس وفي اقصى الحالات في اجتماع حزيران اذا قرر تنسيق اجراءاته مع مجلس الاحتياط الفيديرالي الاميركي". وقال مارتن دايفيس من "كريدي ليونيه" لا بد "ان يتصرف البنك وان لا ينتظر بيانات اقتصادية اضعف من التي اظهرت ان النمو لم يتجاوز 0.02 في الربع الاول". ولم يعط "العامل العراقي"، او انتهاء الحرب بسرعة، الدفعة المنتظرة للاقتصاد البريطاني او الاقتصاد الاميركي كما توقع المحللون سابقاً بأن حرباً سريعة تنتهي بنصر حاسم من دون احراق آبار النفط قد تدفع اسعار الاسهم على جانبي الاطلسي الى مستويات مرتفعة جداً. وحتى الآن فشل مؤشر "فايننشال تايمز" بتجاوز مستوى أربعة آلاف نقطة، التي كان الاقتصاديون توقعوها اذا انتهت الحرب على العراق بسرعة، وبقي حتى اغلاق الجمعة عند مستوى 3952.6 نقطة في حين بقي مؤشر "داو جونز" عند 8582.68 نقطة ومؤشر "ناسداك" عند 1502.88. وقال لي بروس من "كابيتال ماركتس" ان اسعار النفط، التي على رغم انخفاضها بنسبة 30 المئة، منذ نهاية الحرب على العراق، لم تستقر بعد ولا يمكن ان تستقر قبل اتفاق في مجلس الامن في شأن رفع العقوبات عن العراق وتشكيل حكومة عراقية جديدة وبدء صادرات الخام العراقي وتدفقها الى الاسواق. وتوقع بروس ان لا تتغير اسعار الفائدة في منطقة اليورو وان تبقى عند مستوى 2,5 في المئة. علماً ان مجلس محافظي البنك المركزي الاوروبي سيجتمع الخميس ويعلن قراره بعدما يكون "بنك اوف انغلند" اتخذ قراره في شأن الفائدة على الاسترليني. واستقر اليورو قرب اعلى مستوياته في اربعة اعوام مقابل الدولار امس وسط تعاملات ضعيفة سبقت اجتماعات المصارف المركزية لتحديد اسعار الفائدة. وساعدت المخاوف المتزايدة في شأن صحة الاقتصاد الاميركي وعائدات الاصول المقومة بالدولار على تدفق الاموال على منطقة اليورو في الآونة الاخيرة لترتفع العملة الموحدة الى 1.1287 منتصف الاسبوع الماضي.