تواجه الحركة الإصلاحية في إيران وقتاً عصيباً، ومن المؤكد أن الانتقادات الأميركية الموجهة إلى الجمهورية الإسلامية والإشاعات التي تتردد عن سعي واشنطن إلى زعزعة استقرار النظام فيها تجعل موقف الإصلاحيين أكثر صعوبة، مع اتهام واشنطنطهران بإيواء أعضاء من تنظيم "القاعدة" وتطوير أسلحة نووية والتدخل في شؤون العراق. واتخذ المتشددون في طهران موقفاً متشدداً لانزعاجهم من حديث بعض الدوائر في واشنطن عن مساندة رغبة بعض الإيرانيين في إنهاء حكم رجال الدين قائلين إن الإصلاحيين مستعدون لأن يكونوا خدماً للمؤامرات الأميركية ضد البلاد. وقال مرشد الثورة الأعلى آية الله علي خامنئي الأربعاء الماضي: "العدو يعرف أن أسلحته وأدواته لن تكون فاعلة في مواجهة إرادة الشعب الإيراني ومقاومته ومن ثم فإنه مصمم على مواجهة شعب إيران من الداخل". ولم تفاجئ هذه اللهجة غير التصالحية سوى قلة في إيران. وقال محلل محلي طلب عدم كشف اسمه: "هذا ما يفعلونه. يقولون: حسناً العدو يتربص بنا ومن الأفضل سد الثغرات، ومن ثم تتخذ إجراءات صارمة. إنه وقت عصيب للإصلاحيين". وفي الأسابيع الأخيرة وحدها اعتُرض بقوة على مشروعي قانونين إصلاحيين ساندهما الرئيس محمد خاتمي، كما صدرت أحكام مشددة بالسجن على عدد من المعارضين الليبراليين وحذر بعض أعضاء البرلمان الإصلاحيين من أنهم قد يواجهون محاكمات إذا نفذوا تهديداً بالاستقالة. ولم تنج الحريات الاجتماعية المحدودة التي تعد واحدة من التحسينات القليلة الملموسة للسنوات الست التي أمضاها خاتمي في السلطة مما يبدو أنه تراجع. وتتردد تقارير عن متطوعين متشددين يمزقون ملابس تفضلها معظم الفتيات في متاجر العاصمة الإيرانية. كما أن العلاقات التي حسنت مع أوروبا والجيران الخليجيين وهي نجاح آخر رئيسي لطهران ربما تتعرض أيضاً للتهديد قريباً إذ من المرجح أن يتعرض الاتحاد الأوروبي لضغوط أميركية قوية لإنهاء "حواره المشروط" مع إيران. وواجه الإصلاحيون الذين جاؤوا إلى السلطة بوعد بعهد جديد من الديموقراطية والعدل والحريات الاجتماعية عقبات داخلية كبيرة حتى قبل أن تبدأ واشنطن حربها الكلامية اليومية تقريباً على إيران. ويعني هيكل سياسي معقد أن المحافظين الذين يسيطرون على القضاء وهيئات دستورية أخرى غير منتخبة يمكنهم عرقلة أو تقويض أي خطط للحكومة والبرلمان. ورُفض تشريع ترعاه الحكومة وأغلقت صحف ليبرالية وسجن عشرات الناشطين الإصلاحيين. قال ديبلوماسي آسيوي في طهران: "في الواقع لم تحدث الضغوط الأميركية تغييراً كبيراً على الوضع الراهن... فلم يكن للإصلاحيين حول من قبل ولا حول لهم الآن". وحاول الاصلاحيون الإفادة من الضغوط الخارجية بكتابة سلسلة من الخطابات العامة التي تقول إن القادة الإيرانيين قد يواجهون المصير الذي واجهه صدام حسين في العراق إذا استمروا في تجاهل رغبات الشعب في التغيير. لكن المحللين يقولون إن الإصلاحيين يفقدون صدقيتهم على نحو متزايد في إيران. إذ ثبت إلى الآن أن التهديدات المتكررة بالاستقالة أو الدعوة إلى إجراء استفتاء على الإصلاحات فارغة. وكف كثير من الإيرانيين ونحو الثلث منهم دون الثلاثين من العمر عن حلم خاتمي الإصلاحي بعدما أحبطوا من بطء سرعة التغيير. وسأل علي، وهو رجل أعمال شاب: "ماذا حقق الإصلاحيون في السنوات الست الماضية؟". وأضاف: "بالنسبة إليّ فإن ما فعلوه هو أنهم ساعدوا وحسب هذا النظام على البقاء. الناس ملت وتريد تغييراً حقيقياً". ويقول ديبلوماسيون ومحللون إن المشكلة هو أنه لا يوجد في الوقت الحالي بديل للإصلاحيين قابل للتطبيق.