صار اللقب الأوروبي الكبير في أحضان ميلان الإيطالي، وأصبح واحداً من مسلمات كثيرة لا تقبل المناقشة في مرحلة التقويم العام التي تلي كل مناسبة كبرى... لكن "أفضل" ما كان في المباراة التي جمعت بين قطبي الكرة الإيطالية ميلان ويوفنتوس في نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، كانت صفارات وصرخات الإستهجان التي أطلقها نحو 60 ألف متفرج احتجاجاً على الأداء المتواضع جداً للفريقين ومعهما حكم المباراة الألماني ماركوس ميرك... فهي عكست واقع النهائي الأسوأ من حيث النتيجة والعرض والأداء التحكيمي في تاريخ أكثر البطولات الأوروبية قوة وإثارة ومتعة، والذي صبت نتيجته في مصلحة ميلان 3-1 بركلات الترجيح من نقطة الجزاء بعد أن انتهى الوقتان الأصلي والإضافي بالتعادل من دون أهداف! البداية أوحت بلقاء هجومي مثير وممتع تسلم ميلان زمام المبادرة فيه، لكن سرعان ما عادت المباراة إلى النمط الإيطالي المتوقع بعد أن ألغى الحكم هدفاً للأوكراني أندري شفيتشنكو في الدقيقة الثامنة. مكونات "الوجبة" التي تأملنا بأن تكون شهية ودسمة، تضمنت عناصر أفسدت "شهيتنا" لأنها احتوت على خطط لا محل لها من الإعراب في عالم كرة القدم المتطور... وشملت أداء عقيماً وتكدساً في وسط الملعب وتمريرات مقطوعة وتسديدات طائشة، ثم جاء "طباخ" اللقاء بصفارته المترددة وزاد في الطين بلة من خلال قراراته الغريبة أحياناً والمتشددة جداً أحياناً أخرى والمتهاونة للغاية أغلب الفترات... فكاد يفلت منه زمام اللقاء لولا أن اللاعبين انتابتهم حال من الهدوء العصبي المفاجئ بعد مرحلة من الخشونة العنيفة المتعمدة وغير المتعمدة كادت تفسد اللقاء. كل عام وأنتم بخير، انتهى الموسم الكروي الأوروبي أول من أمس على ملعب "أولدترافورد" في مدينة مانشستر الإنكليزية التي تحول فيها محيط الاستاد قرية إيطالية بعد وصول نحو 50 ألفاً من مشجعي الفريقين. لكن النهاية كانت بحق أكثر من مؤسفة، لأن لاعبي ميلان ويوفنتوس أبوا ألا يخرجوا لقاء القمة الأوروبي عن الطابع الإيطالي الذي يتسم دوماً بالحيطة والحذر والأداء الدفاعي "المقفول" الذي يصيب عشاق الكرة الحقيقية بالملل... بيد أنها كانت "منصفة" لأنها توجت أقل الفريقين سوءاً باللقب. والواقع أن الجماهير التي تحملت مشاق السفر من إيطاليا وغيرها من الدول القريبة من أجل الاستمتاع بنهائي يليق بهذه المناسبة، تأثرت كثيراً بأداء الفريقين السلبي جداً... فما كان لها الا أن أطلقت صفرات وصرخات الاستهجان غير مرة على أمل أن يفيق اللاعبون من غيبوبتهم وأن يتذكروا أنهم يخوضون قمة منافسات أرقى الأحداث الكروية الأوروبية وأقواها، لكن هيهات. فالفريقان أصرا على أدائهما العقيم المغلف بالحماسة غير الفاعلة طيلة ال120 دقيقة... وحتى في تسديد الركلات الترجيحية كانت هناك سلبية غريبة من المسددين الذين ذهبت غالبية كراتهم سهلة الى يدي الحارسين أو أرتطمت بأقدامهما، من دون أن يلغي ذلك حق البرازيلي نيلسون دي جيزوس ديدا في اهداء الكأس الى فريقه بفضل تصديه لثلاث ركلات ترجيحية دفعة واحدة. فرص متساوية عموماً، دخل ميلان ويوفنتوس اللقاء بفرص متساوية، لأن كل منهما وصل إلى مباراة القمة بعدما أزاح خصماً صعباً للغاية. ففي الدور نصف النهائي تمكن ميلان من إسقاط جاره انتر ميلان بهدف اعتباري، في حين تخطى يوفنتوس عقبة ريال مدريد الإسباني، حامل اللقب السابق، بجدارة واستحقاق. ولذا توقع النقاد والمتابعون أن يتناول عشاق اللعبة وجبة شهية وممتعة في هذا النهائي، وما شجعهم على ذلك أكثر أن الفريقين خاضا اللقاء بأفضل العناصر. ولعب ميلان بتشكيلة مكونة من ديدا لحراسة المرمى، وأليساندرو كوستاكورتا روكي جونيور وأليساندرو نستا وباولو مالديني وكاكا كالادزه للدفاع، وجينارو غاتوزو وأندريا بيرلو سرجينيو سانتوس وكلارنس سيدورف وروي كوستا ماسيمو امبروزيني لخط الوسط، وأندري شفتشنكو وفيليبو اينزاغي للهجوم. اما يوفنتوس، فخاض اللقاء في غياب أبرز لاعبيه التشيخي بافل ندفيد، الذي أكد غيابه أنه يمثل نصف الفريق في الوقت الحالي، بتشكيلة مكونة من جانلويجي بوفون لحراسة المرمى، وليليان تورام وتشيرو فيريرا وايغور تيودور بيرينديللي وباولو مونتيرو للدفاع، وماورو كامورانيزي انطونيو كونتي وأليسيو تاكيناردي وإدغار دافيدز مارسيلو زالاييتا وجانلوكا زامبروتا للوسط، ودل بييرو ودافيد تريزيغيه للهجوم. وعلى رغم كل هؤلاء اللاعبين البارزين، فان العرض لم يرتق الى المستوى المنشود... لكن لا بد من الاشارة الى تفوق ميلان خلال ربع الساعة الاول بفضل سيطرته على منطقة المناورات في منتصف الملعب، في وقت ركن منافسه الى التمريرات الطويلة بحثاً عن دل بييرو وتريزيغيه، لكنها لم تشكل اي خطورة بفضل قدرة مالديني ونستا على افسادها في الوقت المناسب. وشهدت هذه الفترة تسجيل هدف لميلان من طريق شفتشنكو الذي تلقى الكرة على حدود منطقة جزاء الخصوم واستدار حول نفسه وسدد الكرة بقوة فارتطمت بيد فيرارا قبل أن تسكن شباك بوفون، بيد أن الحكم الألماني اعتبر أن روي كوستا المتسلل قد لفت انتباه الحارس وشتت تركيزه فألغى الهدف. ثم تحول الأداء الى كر وفر، وغابت الفاعلية والخطورة عن المحاولات المتكررة من جانب الفريقين. وزاد عدد التمريرات المقطوعة والتسديدات الطائشة من الطرفين، وتحولت المباراة الى كابوس إيطالي حقيقي بسبب الحرص الشديد على ألا تهتز الشباك... وهو ما كان فعلاً. ومضات قليلة وفي وسط هذه الدائرة السوداء بحثنا عن ومضات تستحق الثناء فلم نجد الا لعبتين أو ثلاث من كل جانب تمثلت في رأسية لإنزاغي أبعدها بوفون 18، وتسديدة لبيرلو مرت بجوار القائم 39، ورأسية أخرى لمالديني ذهبت بعيداً من المرمى 60 بالنسبة الى ميلان... وتسديدة لدل بييرو تصدى لها ديدا 42، وكرة رأسية من كونتي ردتها العارضة 47، ومحاولة ثالثة من تريزيغيه أبطل الحارس البرازيلي مفعولها 80. ولم يشهد الشوطان الاضافيان أي كرات خطرة على المرميين، فأنتهيا بالتعادل السلبي أيضاً. وفي ركلات الترجيح، بدأ تريزيغيه السجل الأسود ليوفنتوس بتسديده الركلة الأولى في متناول ديدا، ثم سجل البرازيلي سرجينيو لميلان وتقدم 1-صفر، ونجح بيرينديللي في محاولته مدركاً التعادل 1-1، وتصدى بوفون لتسديدة سيدورف... ثم صد ديدا ركلة زالاييتا، ورد عليه بوفون بمنع كرة كالادزه من المرور. وأضاع مونتيرو الركلة الرابعة ليوفنتوس عندما سدد في قدمي ديدا، لكن نستا سجل ركلته وتقدم ميلان 2-1 قبل أن يعادل دل بييرو النتيجة 2-2... لكن شفتشنكو حسم الموقف بتسجيله الركلة الخامسة لميلان... وهي المرة السابعة التي تحسم فيها المباراة النهائية بركلات الترجيح. لقد كانت الفلسفة السائدة لدى المدربين في زمن الهواية هي أن الفوز يأتي من خلال إحراز أهداف أكثر مما يحرزه الخصم، فكانت كرة القدم رياضة ممتعة. ثم انقلبت هذه الفلسفة رأساً على عقب وصار المهم أن تهتز الشباك مرات أقل من شباك الخصم، فصارت اللعبة معركة يجب الفوز بها بكل الوسائل الممكنة. لذا طغت التكتيكات السلبية والدفاعية وسيطرت على الأحداث المهمة في غالبية الأحوال... ومع وصول المدرب الشهير هيلينيو هيريرا إلى سدة التدريب في إيطاليا، ابتدع طريقة "الكاتانتشيو" الدفاعية البحتة والتي اشتهرت بها الكرة الإيطالية فعمّ الملل على أداء فرقها ومنتخباتها منذ ذلك الحين... وهكذا استمر الحال! السجل بقي أن نعرف أن ميلان حصل على لقب بطل الدوري المحلي 16 مرة كان أولها في عام 1901 واخرها في عام 1999، وكأس ايطاليا 4 مرات اعوام 1967 و1972 و1973 و1977، والكأس السوبر الايطالية 4 مرات اعوام 1988 و1992 و1993 و1994، ودوري ابطال اوروبا خمس مرات اعوام 1963 و1969 و1989 و1990 و1994 و2003، وكأس الكؤوس الاوروبية مرتان عامي 1968 و1973، والكأس السوبر الاوروبية 3 مرات اعوام 1989 و1990 و1995، والكأس القارية "نتركونتيننتال" 3 مرات اعوام 1969 و1989 و1990. أما السجل الذهبي لأبطال أوروبا فيكتمل بفوز ريال مدريد الاسباني باللقب 8 مرات رقم قياسي أعوام 1956 و1957 و1958 و1959و1960 و1998 و2000 و2002. أما الآلقاب الاخرى فكانت لبنفيكا البرتغال عامي 1961و1962، و1964 و1965 انتر ميلان ايطاليا و1967 سلتيك اسكتلندا و1968 و1999 مانشستر يونايتد انكلترا و1970 فيينورد هولندا، و1971 و1972 و1973 1995اياكس امستردامهولندا، و1974 و 1975 و1976 و2001 بايرن ميونيخالمانيا، و1977 و1978 و1981 و1984ليفربول انكلترا، و1979 و1980 نوتنغهام فورست انكلترا، و1982 استون فيلا انكلترا، 1983 هامبورغ المانيا، و1985 و1996 يوفنتوس ايطاليا، و1986 ستيوا بوخارست رومانيا، و1987 بورتو البرتغال، و1988 ايندهوفن هولندا، و1991 النجم الاحمر يوغوسلافيا، و1992 برشلونةاسبانيا، و1993 مرسيليا فرنسا، و1997 بوروسيا دورتموند المانيا.