ستعيش إيطاليا ليلة صاخبة بغض النظر عن هوية الفائز في المباراة النهائية لدورى أبطال أوروبا لكرة القدم، المقررة مساء اليوم على ملعب "أولدترافورد" في مدينة مانشستر الإنكليزية... فالفريقان المتباريان هما يوفنتوس وميلان أكثر أندية بلاد "البيتزا والإسباغيتي" تحقيقاً للإنجازات، وأشهرها داخلياً وخارجياً. والواقع أن الاستحقاقات الكروية الأوروبية كثيرة، لكن لا شيء يفوق مباراة القمة لأقوى مسابقة قارية على صعيد الأندية. وإذا كان يوفنتوس وميلان هما طرفا اللقاء، فالأكيد أن من حق إيطاليا أن تفخر في وقت تتطلع بقية العالم لمتابعة هذا اللقاء المرتقب. كثيرون أكدوا أن قمة مثالية لا بد لها من أن تجمع ريال مدريد الإسباني حامل اللقب مع ميلان الفريق الإيطالي الأكثر حصداً للألقاب القارية والعالمية، لكن كرة القدم الإيطالية أرادت أن تكون عودتها إلى التألق عبر أوروبا من طراز "النجوم الخمس"، فوصل إلى الدور نصف النهائي ثلاثة فرق خرج منها انترميلان وبقي جاره ميلان ومواطنه يوفنتوس. والمهم، أن نستمتع الليلة بطبق كروي شهي ومثير "مُتبل" بكثير من اللمحات الفنية الممتعة، والأداء الخططي المدروس... أما من يفوز، فلا يهم لأن الكأس ذاهبة إلى إيطاليا شئنا أم أبينا. حلم رائع أم كابوس مخيف ينتظرنا على "مسرح الأحلام" في مدينة مانشستر الإنكليزية، حقاً ماذا ينتظرنا: مباراة تجمع خلاصة فنون اللعبة على الصعيد الأوروبي وتتسم بالسرعة والفنيات العالية التي تهز المشاعر وتأخذ الألباب، أم لقاء إيطالي تقليدي يتسم في غالبيته بالحرص الشديد والأداء الدفاعي البحت والاعتماد على الهجمات المرتدة لهز الشباك؟ الأمران مطروحان فعلاً على الساحة، ويمكن لأي منهما أن يغلف مجريات لقاء القمة المرتقب بين يوفنتوس وميلان في قمة دوري أبطال أوروبا! المتفائلون يرون أن مباراة الليلة هي أفضل فرصة للرد على المشككين بقدرات الكرة الإيطالية، خصوصاً الهجومية، ويعتقدون أن الفريقين سيؤديان اللقاء بأسلوب أوروبي يتناسب مع أهمية المناسبة وقيمتها. وهذا ما أكده مدرب ميلان كارلو أنشيلوتي حين قال: "لدينا مهاجمون من طراز فيليبو انزاغي والأوكراني أندري شفتشنكو والبرازيلي سيرجينيو، فما الذي يدفع بنا إلى الدفاع، خصوصاً أننا نحفظ خط ظهر منافسنا عن ظهر قلب ونعرف كيف نخترقه؟". وأضاف "أعلم أيضاً أن صديقي مارتشيلو ليبي مدرب يوفنتوس يعرف كل شيء عنا، كما أنه يملك هو الآخر مهاجمين من أفضل طراز أمثال اليساندرو دل بييرو والفرنسي ديفيد ترزيغيه وماركو دي فايو... ومن هنا لا أعتقد أن المباراة ستكون "مغلقة" بالنسبة إلى الطرفين، بل سيتغلب عليها الأداء الهجومي من دون الإفراط فيه طبعاً على حساب الناحية الدفاعية". واتفق ليبي مع زميل المهنة أنشيلوتي، لكنه أضاف "خطا وسط الفريقين سيكون لهما الدور الأكثر فاعلية لجهة الأداء الهجومي، ولا يخفى على أحد أن غياب التشيخي بافل ندفيد سيكون له تأثير كبير على أدائنا. لكن لدينا الهولندي إدغار ديفيدز وماورو كامرونيزي وهما قادران أيضاً على سحب اللعب إلى منطقة دفاع ميلان، فضلاً عن جانلوكا زامبروتا. وفي ميلان لا يختلف الأمر كثيراً، لأن الهولندي كلارنس سيدورف والبرتغالي روي كوستا يعرفان كيف يخترقان دفاعات الفرق المنافسة من العمق وهما يجدان مساندة كبيرة من جينارو غاتوزو واندريا بيرلو". وللمباراة أهمية خاصة جداً لدى سيدروف تحديداً، لأنه يسعى الى الظفر باللقب للمرة الثالثة بعدما حصده للمرة الاولى مع اياكس الهولندي عندما كان في التاسعة عشرة من عمره عام 1995، ثم توج بطلاً للمسابقة ذاتها في صفوف ريال مدريد عام 1998. لكن ماذا عن قائدي الفريقين؟ "الكابتن" باولو مالديني يحلم بتكرار انجاز والده تشيزاري حين رفع كأس أوروبا للأندية البطلة، المسمى القديم للبطولة ذاتها، عام 1963، بعد أن تغلب ميلان على بنفيكا البرتغالي 2-1 على ملعب ويمبلي في لندن. وتحقيق هذا الحلم ليس بعيد المنال لأن باولو نفسه أكد أن "هناك أشياء كثيرة حدثت لأبي في الملاعب تحدث لي أنا أيضاً، وكثيراً ما أجد نفسي في الموقف ذاته الذي تعرض له غير مرة... إذاً، لماذا لا يتحقق حلمي هذه المرة". وبعيداً من الأحلام والأمنيات، رأي مالديني الأبن أن المباراة "ستكون صعبة للفريقين، ومن المستحيل جداً التكهن بنتيجتها. لكن المهم أن نبذل قصارى جهدنا من أجل إثبات أن الكرة الإيطالية عادت إلى القمة الأوروبية عن جدارة واستحقاق". أما دل بييرو الذي يلعب أحياناً كثيرة صانعاً للألعاب أيضاً، فرأى أن المباراة "ستكون حافلة بالندية وتبادل الهجمات، لأننا نسعى إلى تقديم نهائي يليق بهذه المناسبة الأوروبية عموماً وبالكرة الإيطالية خصوصاً. لقد تعرضنا في الآونة الأخيرة لكثير من الأنتقادات بسبب الأداء الدفاعي الذي ألتصق باسم الكرة في بلادنا، لكن أؤكد أننا جئنا إلى مانشستر لإمتاع الجماهير في كل مكان... ولن ندع لهم الفرصة لإطلاق صفارات الإستهجان. نحن في يوفنتوس مستعدون تماماً لخوض هذا اللقاء، وبمستوى يليق باسم نادينا العريق". ولأن المباراة ستقام على ملعب "أولد ترافورد" معقل مانشستر يونايتد بطل إنكلترا، كان لا بد لمدربه الاسكتلندي الشهير السير أليكس فيرغسون من أن يدلي بدلوه "ليبي مدرب قدير يعرف كيف يوظف عناصره في شكل جيد خلال المباريات الصعبة، ولذا أرى أن يوفنتوس هو الأقرب إلى الفوز". دفاع ميلان أقوى وإذا نحينا كلام المدربين والقائدين ومعهم فيرغسون الذين تحدثوا عن خطي الوسط والهجوم في كل فريق جانباً، فالأكيد أن المباراة ستركن في غالبيتها الى الجانب الدفاعي مع الاعتماد على الهجمات المرتدة... وفي هذه الحال ستكون فرصة ميلان أوفر لتحقيق الفوز، لأن خط دفاعه يتضمن أسماء كبيرة أمثال أليساندرو نستا والجورجي كاكا كالادزه والكرواتي داريو سيميتش والمخضرم كوستا كورتا الى جانب مالديني. وهو دفاع صلد جداً ويزيده صلابه اطمئنانه الى حارس متألق قادر على انقاذ مرماه من أخطاء قد يقع فيها المدافعون، ولا فارق بين البرازيلي ديدا أو كريستيان آبياتي... فالأثنان تألقا في الأونة الأخيرة. وما يزيد من محن يوفنتوس أن لاعب خط وسطه النشط ندفيد سيغيب بسبب الايقاف، ما يعني أن خط الدفاع، الأقل كفاية من نظيره في ميلان، سيفتقد لمساندة هذا اللاعب "النحلة" الذي لا يكل ولا يمل من القيام بواجباته الدفاعية والهجومية على السواء. لكن ما يطمئن عشاق السيدة العجوز هو أن الحارس المتمكن جانلويجي بوفون يمر بأفضل حالاته حالياً. لكن جديد هذه المباراة يتمثل في الكرة الجديدة التي انتجتها شركة "اديداس" واستخدمت في صناعتها أفضل الوسائل التكنولوجية والعلمية... ولعب الكمبيوتر دوراً مهماً في اعداد الدراسات اللازمة لانتاج هذه الكرة المرصعة بكثير من النجوم التي ترمز الى دوري أبطال أوروبا. عشاق الكرة في كل أرجاء المعمورة ينتظرون صفارة البداية، لكن الأكيد هو أن أنصار يوفنتوس وميلان متلهفون الى سماع صفارة النهاية أكثر!