في ظل تصعيد العمليات العسكرية الاسرائيلية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، كان من المقرر ان يلتقي رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس ابو مازن نظيره الاسرائيلي أرييل شارون في الساعة التاسعة من مساء امس، بعد ان كانت انباء متضاربة افادت ان اللقاء يمكن ان يرجأ. ويأتي اللقاء الثاني بين الرجلين منذ تسلم أبو مازن مهمات منصبه في 30 نيسان ابريل الماضي عشية عقد قمتين منفصلتين بمشاركة الولاياتالمتحدة، الاولى عربية وتعقد في منتجع شرم الشيخ المصري، والثانية ثلاثية بمشاركة فلسطينية واسرائيلية تعقد في العقبة الاردنية. ويسعى كل من عباس وشارون الى انجاح هذا اللقاء وتسجيل نقاط ايجابية تساعد كل طرف على تعزيز موقفه في قمة العقبة التي ينتظر الفلسطينيون ان تفضي الى اتفاق "ملزم" بتنفيذ بنود خطة "خريطة الطريق". واعلن عباس في مقابلة مع صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية نشرت امس، استعداده لتسلم المسؤولية الامنية عن المناطق الفلسطينية التي سينسحب منها الجيش الاسرائيلي، شرط ان يكون ذلك في اطار خطة "خريطة الطريق"، مشيراً الى انه سيتوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار داخل "الخط الاخضر" وفي الضفة الغربية وقطاع غزة مع "حركة المقاومة الاسلامية" حماس الاسبوع المقبل. ابو مازن: اتفاق وشيك مع "حماس" وقال عباس: "اعتقد انني سأتوصل الاسبوع المقبل الى اتفاق لوقف اطلاق النار مع حماس وامل بأن نتوصل الى اتفاق مشابه مع الجهاد الاسلامي وكتائب شهداء الاقصى فتح على رغم أننا لم نعقد اي اجتماع بيننا بعد". وعزز وزير شؤون مجلس الوزراء ياسر عبد ربه تصريحات عباس بالقول ان السلطة الفلسطينية على استعداد "للبحث في خطة امنية كاملة منسجمة مع خريطة الطريق والمضي قدما في تنفيذ تفاهمات تينيت الامنية" التي "تنص على وقف العمليات الفلسطينية العسكرية ضد اسرائيل في مقابل وقف الاخيرة عملياتها ضد الفلسطينيين"، مشترطا وجود طرف ثالث. واكد ان الجانب الفلسطيني سيطالب نظيره الاسرائيلي باصدار "بيان مشترك" في نهاية اللقاء يحدد التزام الطرفين تنفيذ خطة "خريطة الطريق". وخلافا للقاء الاول بين رئيس الوزراء الفلسطيني وشارون، يجتمع الرجلان بعد اعلان اسرائيل موافقتها على الخطوط العريضة ل"خريطة الطريق" التي تدعمها واشنطن بعد ان كانت السلطة الفلسطينية اعلنت موافقتها غير المشروطة عليها قبل شهر. المطالب الفلسطينية ويحمل الوفد الفلسطيني الذي يضم ايضاً وزيري الشؤون الخارجية نبيل شعث والشؤون الامنية محمد دحلان، رزمة من المطالب، في مقدمها بدء اسرائيل عمليا في تنفيذ بنود الخريطة في ضوء التصريحات الايجابية التي صدرت عن قادة "حماس" السياسيين في شأن استعدادهم القبول بوقف اطلاق النار، والتي تناغمت الى حد كبير مع اقوال عباس نفسه الذي كشف قرب التوصل الى هذا الاتفاق الاسبوع المقبل قبل توجهه الى شرم الشيخ. وتجد الحكومة الفلسطينية حرجاً في المضي في عقد اللقاءات مع الجانب الاسرائيلي في الوقت الذي يواصل فيه الجيش الاسرائيلي عمليات التوغل والاغتيالات والاعتقالات وهدم المنازل في الضفة الغربية وقطاع غزة. واكد مسؤول فلسطيني ل"الحياة" ان عباس سيطالب شارون خلال اللقاء بوقف هذه الاجراءات جميعا، اضافة الى تجميد الاستيطان ووقف العمل في بناء الجدار "الفاصل" الذي تشيده اسرائيل على حساب اراضي المواطنين في الضفة الغربية. ويصر الفلسطينيون ايضا على ضرورة الخروج من قمة العقبة الثلاثية ب"الاعلانات المتبادلة" التي تنص عليها خطة "خريطة الطريق" بحيث تعلن اسرائيل التزامها اقامة الدولة الفلسطينية، اضافة الى اعترافها بها وبوقف فوري لاطلاق النار. شارون والانسحاب "التدريجي" اسرائيليا، من المقرر ان يعرض شارون مجددا على عباس فكرة الانسحاب العسكري الاسرائيلي "التدريجي" من المناطق التي اعادت احتلالها قبل اكثر من عام في مقابل تسلم الفلسطينيين المسؤولية الامنية عنها. ويدور الحديث عن شمال قطاع غزة ومدينة واحدة من مدن الضفة ستكون على الارجح بيت لحم. واشارت صحيفة "هآرتس" العبرية الى ان شارون سيطلب من الحكومة الفلسطينية المباشرة في جمع الاسلحة من التنظيمات الفلسطينية واعتقال من تصفهم اسرائيل بمخططي العمليات العسكرية ضد اسرائيل والتحقيق معهم وتفكيك البنية التحتية لهذه التنظيمات ووقف "التحريض في وسائل الاعلام الفلسطينية" في المناطق التي سينسحب منها الجيش الاسرائيلي. وكان الوفد الفلسطيني رفض في اللقاء الاول تسلم المسؤولية الامنية عن اي منطقة قبل ان تعلن اسرائيل موافقتها الرسمية على خطة السلام. وتجري في مدينة أريحا تدريبات عسكرية مكثفة لافراد من الاجهزة الامنية الفلسطينية من المتوقع ان يباشروا عملهم فور بدء اسرائيل تنفيذ الاستحقاقات المترتبة عليها في خطة "خريطة الطريق". مفاوضات ... واعتداءات اسرائيلية وفي هذه الاثناء، بدا الجيش الاسرائيلي وكأنه يسابق الزمن ويخالف القرارات السياسية الاسرائيلية المعلنة بتكثيف اعتداءاته بحق المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة والقطاع على السواء بمعزل عن التوقعات المتوخاة من لقاء شارون-عباس في تهدئة الاوضاع على الارض وتهيئة المناخ المناسب للبدء في تطبيق خطة "خريطة الطريق". واستشهد فلسطينيان احدهما في جنين وهو سعيد فحماوي 23 عاما ومحمد القدوة في بلدة القرارة في القطاع خلال عمليتي توغل منفصلتين نفذهما الجيش الاسرائيلي وشاركت فيهما الدبابات والاليات العسكرية الاسرائيلية الثقيلة. "اعدام فلسطيني" واكد شهود ان القدوة "اعدم" من الجنود الاسرائيليين الذين اعتقلوه وهو مصاب. وتوعدت "حماس" التي اكدت ان القدوة من كوادرها بالانتقام لعملية الاغتيال. وهدمت القوات الاسرائيلية خمسة منازل في خان يونس وجرفت الجرافات الاسرائيلية مساحات واسعة من الاراضي الزراعية الفلسطينية في غير موقع في قطاع غزة. وفي جنين التي اقتحمها الجيش الاسرائيلي ايضا جرت حملات تفتيش فجر خلالها الجنود ابواب المحال التجارية وجمعوا المواطنين في ساحة احدى المدارس في المدينة لساعات قاموا خلالها باستجوابهم. واحتجز الجيش الاسرائيلي سكان بناية سكنية في طولكرم في غرفة واحدة ومنعوا عنهم الماء والغذاء واستولوا على البناية وحولوها الى نقطة مراقبة عسكرية في المدينة التي تخضع لليوم السادس على التوالي لفرض حظر التجول. واعلن الجيش الاسرائيلي اعتقال ما لا يقل عن 24 فلسطينيا خلال الساعات ال 24 الماضية.