صعدت قوات الاحتلال الاسرائيلي وتيرة عملياتها العسكرية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة عشية اللقاء المرتقب بين رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس ابو مازن ونظيره الاسرائيلي ارييل شارون بعد غد السبت والذي سيحمل اليه الطرفان اجندتين مختلفتين. وتأتي الاستعدادات لعقد هذا اللقاء في الوقت الذي طالب فيه المستوطنون اليهود الشرطة الاسرائيلية باعتقال "ابو مازن" حال وصوله الى مقر اقامة شارون الرسمي في القدس الغربية. بدت الساحة الفلسطينية ابعد ما تكون عن اجواء تهدئة للتمهيد لاول لقاء من نوعه بين رئيس الوزراء الفلسطيني ونظيره الاسرائيلي، اذ كثفت قوات الجيش الاسرائيلي عملياتها ضد الفلسطينيين. وبعد ليلة دامية في خان يونس اصيب خلالها اكثر من 20 فلسطينيا بجروح خلال اقتحام الدبابات الاسرائيلية هذه المنطقة، قتلت مجموعة من القوات الخاصة الاسرائيلية اثنين من عناصر قوات الامن الوطني الفلسطيني ورجل مقاومة جنوبغزة. واعقب ذلك اقتحام مماثل لمدينة نابلس ومخيمها حيث قتل فلسطيني آخر واصيب ثمانية بجروح. ورافقت الاقتحام حملات اعتقال واسعة النطاق شملت زوجة احد المعتقلين الفلسطينيين في طولكرم وهي ام لاربعة اطفال. واكدت مصادر فلسطينية واسرائيلية متطابقة ان لقاء شارون- ابو مازن جاء استجابة للضغوط التي مارسها وزير الخارجية الاميركي كولن باول على الرجلين خلال زيارته الاخيرة للمنطقة للايحاء بوجود تقدم على طريق تطبيق خطة "خريطة الطريق" لحل الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي التي ما زالت الحكومة الاسرائيلية ترفض القبول بها، مشيرة الى ان سقف النتائج المرجوة من هذا الاجتماع "منخفض جدا". وفيما اعلن الفلسطينيون ان "ابو مازن" سيطالب شارون خلال الاجتماع الذي سيشارك فيه رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني احمد قريع ابو علاء ووزير الشؤون الامنية في الحكومة الفلسطينية محمد دحلان بالاعلان عن موافقته على خطة "خريطة الطريق" من دون تعديل او تغيير، اعلن شارون نفسه خلال الجلسة الاسبوعية لحكومته امس ان البحث سينصب في اللقاء على "المواضيع الامنية". وقال شارون لاعضاء حكومته انه سيلح على "ابو مازن" ب"مكافحة الارهاب بلا هوادة"، نافيا الطابع السياسي لهذا اللقاء الذي سيرفع اسهمه في البيت الابيض حيث يلتقي الرئيس الاميركي جورج بوش الثلثاء المقبل. ونفى شارون مجددا وجود اي ضغوط اميركية سياسية على اسرائيل. وقالت مصادر اسرائيلية ان وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز ودوف فايسغلاس مدير مكتب شارون الذي قاد الاتصالات مع الادارة الاميركية في شأن التعديلات الاسرائيلية على "الخريطة" سيشاركان في الاجتماع. واعلنت مصادر سياسية اسرائيلية ان شارون سيبلغ "ابو مازن" معارضته لتوصل الاخير الى "هدنة" او اتفاق لوقف النار مع الفصائل الفلسطينية المعارضة وان اسرائيل ستنسحب من المناطق التي تضمن فيها السلطة الفلسطينية مسؤوليتها الامنية عنها. وكان موفاز لمح في جلسة مجلس الوزراء الاسرائيلي الى استبعاده البدء بتطبيق "خريطة الطريق" قائلا انه "قد تمر فترة معقدة وغير سهلة ستدوم شهورا"، مضيفا ان رئيس الوزراء الفلسطيني "يواجه صعوبات كبيرة في مهمته لان عرفات يعمل كل ما في وسعه لافشال عمل حكومته". وقال موفاز ان التنظيمات الفلسطينية المعارضة كثفت محاولاتها لتنفيذ عمليات ضد اسرائيل. وشهد الاجتماع الاسبوعي للحكومة الاسرائيلية جدلا حاميا حول "الخريطة" بين مؤيدين لها، خشية الوصول الى "مواجهة" بين تل ابيب وواشنطن، وبين معارضين لذلك. واعلن خمسة عشر عضوا في ما يسمى "اللوبي البرلماني" للمستوطنين اليهود انهم سيطالبون الشرطة الاسرائيلية باعتقال "ابو مازن" فور وصوله الى مقر شارون السبت. وقالت الاذاعة الاسرائيلية ان هؤلاء ساقوا "انكار" ابو مازن ل"الكارثة اليهودية" مبررا كافيا لاعتقاله. واتهمت السلطة الفلسطينية الحكومة الاسرائيلية بالسعي الى "الغاء" خطة السلام الدولية كما فعلت في اتفاقات "تينيت" وتفاهمات "ميتشل" قبل ذلك. وقال نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ان التصعيد العسكري والسياسي الاسرائيلي يهدف الى الغاء خطة "خريطة الطريق" كما الغت "تينيت" و"ميتشل"، مضيفا ان الحكومة الاسرائيلية تتحدى المجتمع الدولي برفضها الموافقة على الخطة. واوضح ان "مصداقية الدول الكبرى بمن فيها الولاياتالمتحدة معتمدة على قدرتها على اجبار اسرائيل على قبول هذه الخطة". وواصل مساعد وزير الخارجية الاميركي ديفيد ساترفيلد لقاءاته مع مسؤولين فلسطينيين في اجتماعات منفصلة والتقى وزير شؤون المفاوضات صائب عريقات في اريحا واجتمع مع "ابو علاء" في وقت لاحق للبحث في سبل البدء بتطبيق الخطة. وقال "ابو علاء" للصحافيين ان "المشكلة الرئيسة التي تواجه الخطة هي عدم اعلان اسرائيل موافقتها عليها"، فيما اكد عريقات ان "الخطوة المقبلة هي وضع آليات التنفيذ والمراقبة والجداول الزمنية واصدار كل طرف بيانا يعلن فيه التزامه بهذا التطبيق والشروع به فورا". الى ذلك، ذكرت صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية، ان قائد "المنطقة الوسطى" في الجيش الاسرائيلي موشيه كبلينسكي المسؤول عن منطقة الضفة الغربية عُين طاقما خاصا لبلورة "خطة عمل جديدة" لعمليات الجيش الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية للمرحلة التي سينسحب فيها من المدن الفلسطينية تحت ضغط اميركي بتقديم "تسهيلات" للفلسطينيين. واشارت الصحيفة الى ان طاقما موازيا من مسؤولين في "الادارة المدنية" الاسرائيلية التي تدير الضفة الغربية لاستئناف الاتصالات مع قوات الامن الفلسطينية. وذكر التقرير ذاته ان الضباط والجنود الاسرائيليين سيواجهون "صعوبة" في تنفيذ عملياتهم العسكرية في حال انسحاب الجيش من المدن الفلسطينية، لا سيما توفير الامن للمستوطنين اليهود.