وصل وزير الخارجية الاميركي كولن باول الى دمشق مساء أمس في زيارة قصيرة للقاء الرئيس بشار الأسد ووزير الخارجية فاروق الشرع والبحث في ملفات المنظمات الفلسطينية الموجودة في دمشق، وموضوع "حزب الله"، وعدم التدخل في الشؤون العراقية وعدم عرقلة عملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين و"خريطة الطريق". وسبق وصول باول الى العاصمة السورية تأكيد مستشارة البيت الابيض لشؤون الامن القومي كوندوليزا رايس ان باول سيطلب من سورية "حل حزب الله" في لبنان، و"التوقف عن دعم الارهاب ... واغلاق مقار المجموعات الارهابية في دمشق". وكان في استقبال باول في مطار دمشق الدولي الوزير الشرع وكبار موظفي الخارجية السورية وأعضاء السفارة الاميركية في دمشق. ومن المقرر ان يعقد صباح اليوم مؤتمراً صحافياً يعرض خلاله ابرز المواضيع التي سيناقشها في سورية ليلتقي بعدها في جلسة محادثات طويلة مع الرئيس الأسد. وتكتسب زيارة باول لسورية أهمية خاصة بعد التوتر الذي شهدته العلاقات السورية - الاميركية عقب تهديدات اعضاء من الادارة الاميركية لسورية بتعاونها مع النظام العراقي السابق. وقالت مصادر ديبلوماسية في دمشق "ان باول سيسعى الى الحصول على اجابات واضحة وصريحة عن كل الشكوك والمطالب الاميركية". وكان المسؤولون السوريون رحبوا بزيارة باول، وقال الشرع في تصريحات خلال زيارته بيروت اول من امس: "نرحب بالسيد باول في دمشق وسيلقى بطبيعة الحال الضيافة المناسبة وكل ما نود ان نسمعه منه يستطيع نقله الينا على شكل حوار وعلى شكل تفسير لما يجري في المنطقة على اساس المواقف المعلنة للجانبين". وكان باول أ ف ب، غادر تيرانا بعد ظهر امس متوجهاً الى دمشق اثر زيارة الى البانيا استمرت ساعات عدة، وحصل خلالها على التوقيع الثاني والثلاثين، أي توقيع البانيا، على اتفاق يعفي الاميركيين من احتمال مثولهم امام المحكمة الجنائية الدولية في حال شكاوى بتهمة ارتكاب جرائم حرب. ووقع الوزير الاميركي من جهة اخرى مع وزراء خارجية البانيا وكرواتيا ومقدونيا على "شرعة الادرياتيكي" التي تلزم الولاياتالمتحدة بتشجيع انضمام دول البلطيق الثلاث هذه الى الحلف الاطلسي. وقبل تيرانا كان باول أجرى محادثات في مدريد حيث عقد مؤتمراً صحافياً رويترز قال خلاله: "سأحثهم السوريين على مراجعة هذه التغيرات والقاء نظرة على بعض من السياسات التي اتبعوها في الماضي ليروا ان كان لهذه السياسات صلة بالواقع في ضوء الوضع الجديد المتغير". وأوضح انه يريد مناقشة صريحة مع الرئيس بشار الاسد ووزير الخارجية فاروق الشرع ولا يريد نتيجة على الفور. وقال: "لست انتظر نتيجة محددة ... ستكون هذه مناقشة صريحة ومفيدة وانا اتطلع اليها لكنني لا انتظر أي نتائج محددة". وفي مقابلة لاحقة مع التلفزيون الاسباني قال باول انه يأمل في ان يوفر التغيير في هيكل القيادة الفلسطينية لاسرائيل "شريكاً للسلام". وكان شدد في تصريح ادلى به الاربعاء على انه "اذا كانت سورية تريد ان تصبح جزءاً من التسوية الشاملة فعليها ان تعيد النظر في سياساتها التي تتبعها في ما يتصل بمساندة الانشطة الارهابية والسيطرة التي تملكها على قوات في لبنان تشكل خطراً على شمال اسرائيل".الى ذلك، قالت مستشارة البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي كوندوليزا رايس إن وزير الخارجية كولن باول سيطلب من دمشق حل "حزب الله". وأضافت في حديث إلى صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، في إطار "المطالب" الأميركية من الرئيس بشار الأسد، ان باول سيطالب دمشق بحزم شديد، بالكف عن "تأييد الإرهاب … وبحل حزب الله وإزالة خطر الصواريخ على إسرائيل من لبنان والذي تمثله صواريخ حزب الله التي يطلقها من جنوبلبنان، واغلاق المقار العامة للمجموعات الإرهابية في دمشق". وأشارت إلى أن السوريين بدأوا أخيراً يتصرفون بصورة أكثر مسؤولية من "سلوكهم الإشكالي" ابان الحرب على العراق. وعن النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، دعت رايس إسرائيل إلى الرد في "شكل ايجابي على التغييرات التي طرأت على القيادة الفلسطينية"، في إشارة إلى تشكيل حكومة جديدة برئاسة محمود عباس أبو مازن، وقالت إنه ينبغي على إسرائيل تحسين الأوضاع المعيشية والإنسانية "وقبل كل شيء السماح للفلسطينيين بالتنقل بحرية". وأضافت في حديث مطول خصت به صحيفة "يديعوت أحرونوت"، انه حان الوقت لأن يتسلم السلطة الفلسطينية زعماء فلسطينيون معنيون بتحسين جودة حياة أبناء شعبهم أكثر من استغلال ضائقتهم "وبعد استتباب الأمن هناك، يجب على إسرائيل أن تسحب قواتها إلى المواقع التي كانت فيها عشية اندلاع الانتفاضة". وبعد أن أكدت مشاعر الود والاعجاب التي تكنها للإسرائيليين "على تضحياتهم في سبيل بناء دولتهم"، قالت إن الولاياتالمتحدة أثبتت على مر السنين انها صديقة لإسرائيل و"في مقدور الاسرائيليين الاعتماد عليها". واضافت ان واشنطن تلتزم ضمان مستقبل اسرائيل "دولة يهودية ومحمية"، كما انها تلتزم تحقيق حلم الدولتين وبلورة شرق أوسط جديد يكون مغايراً لكل ما كان عليه في الماضي. وزادت ان لإسرائيل مصلحة في اقامة دولة فلسطينية ديموقراطية وقابلة للحياة، وان هناك مسائل كثيرة ما زالت مفتوحة للتفاوض و"آمل ان تقودنا خريطة الطريق لتطبيق رؤية الرئيس جورج بوش. أما بالنسبة الى النشاط الاستيطاني فقلنا دائماً انه يشكل عقبة في مسيرة السلام". وتابعت ان مراحل الخطة واضحة "في المرحلة الأولى سنجلس مع الطرفين ونسمع ملاحظاتهما على الخريطة لنخوض في البحث فيها". وقالت ان بوش سيوجه الدعوة الى أبو مازن لزيارة واشنطن "في الموعد الذي يختاره ويكون مريحاً لرئيس الوزراء الفلسطيني". واضافت ان لا نية لدى الادارة الاميركية لتجديد الاتصالات المباشرة مع الرئيس ياسر عرفات بعدما أوضح بوش ان لا جدوى من تبذير الوقت على اتصالات كهذه.