وماذا اذا كانت الأفلام التي تحدثت فيها السينما عن نفسها هي اجمل ما حققته السينما في بعض تاريخها؟ هذا النوع من الفن السينمائي اي السينما عن السينما كان نوعاً اخترعته هوليوود، او بالأحرى استوعبته بعد ان اخترعه آخرون وطورته وخلقته من جديد. ومنذ "سانت بوليفار" وحتى "اللاعب" و"العملاق الأخير" وعشرات غيرها من افلام كانت السينما هي موضوعها، لم يتوقف هذا النوع عن الازدهار والانتشار. ثم من بعد السينما كموضوع، اتى السينمائيون انفسهم. وفي الآونة الأخيرة كانت هناك افلام - مباشرة او مواربة - عن جون هستون وإد وود وشابلن اضافة الى افلام عن عشرات الممثلين والمنتجين، بل ان مارتن سكورسيزي المهووس كعادته بتاريخ الفن السابع يستعد لتحقيق فيلم عن حياة المنتج الغامض هوارد هيوز. ومهرجان "كان" في دورته لهذا العام، جاء في جزء منه صدى لاهتمام السينما بنفسها. وهكذا، من فيلم الى آخر، ومن سينمائي الى آخر، بدت دورة هذا العام وكأنها احتفال للسينما بنفسها وتاريخها، بدءاً من عشرات الأفلام القديمة التي اعيد ترميمها وتعرض، وصولاً الى افلام تتحدث عن حياة فيديريكو فيلليني او شارلي شابلن او كلود سوتيه، مروراً بأفلام عن مخرجين اقل شهرة مثل لستر جيمس بيرس، او روس ماكلوس الذي يقدم فيلماً اشبه بسيرة ذاتية له او حتى الإيطالي ناتي موريتي الذي يعرض فصلاً ناقصاً من فيلمه الذاتي "ابريل"، او الفرنسي جان كوكتو ومواطنه موريس بيالا. وهنا استعراض لبعض اهم ما في دورة هذا العام من سينما تتحدث عن عالم السينما. في العامين 1995 و1996 حين تكاثرت الأفلام السينمائية التي راحت تبدع في الحديث عن تاريخ الفن السابع، وفي شتى لغات الأرض، بدا الأمر طبيعياً الى حد كبير. ففي ذلك الوقت كان العالم كله يحتفل بالذكرى المئوية الأولى لولادة فن السينما. وكان من الطبيعي، والحال تلك، ان تحتفل السينما بما مر عليها من تاريخ طوال القرن العشرين، وتستخلص دروس ذلك التاريخ. بعد ذلك هدأت حميّة تحقيق افلام عن تاريخ هذا الفن الذي كان الأجمل - في رأي الكثر - طوال القرن العشرين، والأكثر فاعلية وتأثيراً في النفوس. بل كان كذلك، في عرف كثر ايضاً، واحداً من علامات العولمة التي استشرى الحديث عنها خلال الربع الأخير من القرن الفائت، ولا سيما من جانب اناس نسوا دائماً ان العولمة موجودة منذ زمن بعيد، وأن السينما كانت شبه تجل واضح لها. واليوم وخلال الدورة الجديدة لمهرجان "كان" الذي يكاد يكون، الى مهرجانين او ثلاثة اخرى في العالم، صورة السينما وبالتالي احوال المجتمع في هذا العالم، ها هي السينما تحتفل بنفسها، وخصوصاً بأهلها، اي بالكبار الذين صنعوا لها اجمل نتاجاتها وأقواها، وذلك من خلال الاحتفال ببعض هؤلاء الكبار، احياناً لمناسبة معينة، وأحياناً من دون مناسبة واضحة. ولعل الأربعة الأبرز بين هؤلاء الذين تحتفل بهم هذه الدورة: فيلليني وشابلن وكوكتو وبيالا... والأخير قد لا يكون من قامة اي من هؤلاء الذين ذكرنا، لكن رحيله المباغت والمحزن قبل اسابيع فرض حضوره، خصوصاً انه كان، قبل 16 سنة آخر فرنسي يحصل على "السعفة الذهبية" عن فيلمه "تحت شمس الشيطان" المأخوذ عن رواية لجورج برنانوس. شكوى متجددة والحال ان الاحتفال بذكرى موريس بيالا، اتى مناسبة لتجديد الشكوى الفرنسية من عدم اهتمام لجنة تحكيم "كان" بالأفلام الفرنسية، اذ منذ زمن بعيد، لم يفز الفرنسيون بأية جائزة اساسية. وحتى حين يفوزون كما حال ايزابيل هوبير وبنوا ماجيمال كأفضل ممثلة وممثل للعام 2001 فإنهم يفوزون عن فيلم غير فرنسي. وحين تعطى جائزة ما لفيلم فرنسي، إنما يفوز بها مشارك غير فرنسي في الفيلم فيرنا ليزي عن دورها في "الملكة مارغو"، مثلاً. إذاً "أين نحن من الجوائز في هذا المهرجان العالمي الفرنسي الكبير؟"، يتساءل الفرنسيون... أما الجواب فأتى من لدن ناقد لندني ساخر قال إثر مشاهدته اثنين من الأفلام الفرنسية الكثيرة المشاركة، حتى في المسابقة الرسمية لهذا العام: "حسبكم أن تشاهدوا هذه الأفلام وتعرفوا السبب!". طبعاً، الفرنسيون لا يرون الأمور بهذا المنظار... ومن هنا نجدهم ضخموا من كثافة الاحتفال ببيالا، علماً أن هذا الأخير حين فاز ب"السعفة" قبل عقد ونصف العقد لم يلق اجماعاً، بل إن كثراً صفروا يومها محتجين، فرفع هو قبضته علامة الشتيمة وقال انه لا يبالي بهم. هذا كله صار من الماضي اليوم. وبيالا صار، بموته، جزءاً من تاريخ السينما بغثّه كما بسمينه. ولئن كان موته جعله يوضع في صفوف العمالقة، فمن المؤكد انه خلال فترة سيخرج من تلك الصفوف، حتى وإن تذكر كثر بالخير بعض أجمل أفلامه: "فنسان فان غوغ" و"تحت شمس الشيطان" و"نخب غرامياتنا"... الخ. كوكتو سينمائياً في المقابل، لن ينسى أبداً، الفرنسي الآخر الذي تحتفل به دورة "كان" لهذا العام، أي جان كوكتو، حتى وإن كان البعض فوجئ بأن هذا الشاعر والرسام والمثقف الكبير الذي فرض ظله على الحياة الثقافية الفرنسية طوال ما يقرب من نصف قرن، "كان" سينمائياً أيضاً. وهو أمر كثيراً ما ينسى. وحسناً فعل المجلس الأعلى للثقافة في مصر حين أصدر أخيراً، ترجمة في العربية لكتاب يتحرى حياة جان كوكتو وعمله كسينمائي. وهو الكتاب الوحيد من نوعه في العربية. ويبدو، في شكل ما، كأنه تحية من مصر الى كوكتو الذي كان زارها وأقام فيها ردحاً من الزمن ووضع عنها كتاب رحلات هو من بين أجمل ما كتب. إذاً، كوكتو السينمائي هذا، نجده الآن في "كان": في أروقة قصر المهرجان وفي المنشورات، بصور فوتوغرافية عن حياته، ورسوم عنه وله، وأفلام له تعرض. والمدهش أن استعادة ذكرى كوكتو على هذه الشاكلة ذكّرت لمن نسي، أن كوكتو هو صاحب بعض الأفلام الأكثر غرابة وشاعرية في تاريخ السينما الفرنسية مثل "أورفيوس" و"الحسناء والوحش" و"دم شاعر" وغيرها من أفلام صنع كوكتو بعضها كمجرد تحية لجمال أو وسامة صديقه الأبدي الممثل الكبير جان ماريه. وللمناسبة، لا بأس أن نتذكر هنا أن جان كوكتو الذي شارك في مختلف دورات مهرجان "كان" عند بداياته، وأدخل بعض أفلامه في مسابقاته، شغل رئاسة لجنة التحكيم في ثلاث دورات خلال سني الأربعينات والخمسينات. وكان يعتبر من كبار عرابي هذا المهرجان والمدافعين عنه. لقد أحب كوكتو "كان" ودافع عنه طويلاً، بل ثمة من يقول اليوم انه ذات مرة أنقذه من الهلاك، حين كانت بعض الظروف الرسمية تحتم إيقافه فتدخل كوكتو لدى الرئيس الفرنسي شارل ديغول شخصياً من أجل إعادة المهرجان الى الحياة. المايسترو العزيز فيديريكو فيلليني، هو الآخر، كان من محبي مهرجان "كان"، وهو شارك فيه، بعدد كبير من أفلامه. كما عرض فيه، وإن من دون كبير نجاح فيلمه الأخير "صوت القمر". وحين رحل صاحب "الحياة اللذيذة" عن عالمنا في خريف عام 1993، كان من الطبيعي لدورة "كان" للعام التالي، مباشرة، أي دورة عام 1994، أن تبادر الى وضع فاعلياتها، تحت ظل "المايسترو" الكبير. وهكذا تصدرت قصر المهرجان يومها، لوحة عريضة ضخمة تمثل فيلليني وسينماه وعالم أحلامه خير تمثيل. وبعد ذلك كان من الطبيعي أن يكون مهرجان "كان" هو نفسه، صاحب المبادرة، المبكرة بعض الشيء في الاحتفال بالذكرى العاشرة لرحيل فيديريكو فيلليني. صحيح ان الذكرى لن تحل قبل خريف هذا العام، ولكن لم يكن في استطاعة "كان" أن يبدل من تاريخ دورته، وما كان في مقدور الذكرى أن تنتظر حتى العام المقبل ليُحتفل بها. وهكذا، جرى الاحتفال في هذه الدورة، بل وضعت الدورة كلها تحت ظل فيلليني، من الملصق الذي حمل بتقشف ما كان من شأن "المايسترو" أن يرضى عنه، الى موسيقى أفلامه المنتشرة في الأزقة والشوارع. وإضافة الى هذا، أو بالأحرى تتويجاً لهذا كله، جرى عرض مجمل أفلام فيلليني القصيرة والطويلة، التسجيلية والروائية وحتى الدعائية، وبعضها في نسخ رممت حديثاً بمبادرة من بعض المؤسسات الإيطالية الرسمية. واللافت، ان عروض هذه الأفلام، من "الشيخ الأبيض"، الى "صوت القمر" ومن "روما" الى "ساتيريكون" الى "تجارب الأوركسترا" وغيرها، لقيت اقبالاً كبيراً وزحاماً. وكم كان مدهشاً منظر المتفرجين وهم يخرجون من عروض بعض أفلام فيلليني متأثرين وكأنهم يرونها للمرة الأولى حتى ولو كان الواحد منهم رآها عشرات المرات من قبل. أليس في هذا سحر فلليني وسينماه وعالمه العجيب، بل أليس في هذا جزء أساس من سحر السينما ككل؟ هذان السؤالان أجابت عنهما، على أية حال، أفلام تسجيلية عدة تحدثت عن سينما فيلليني، ومنها واحد عنوانه "المايسترو العزيز" وآخر، هو عبارة عن حوار طويل ورائع عن فيلليني بعنوان "أنا لم أكن سوى كاذب كبير"... كل هذا، وفي غياب ما يكفي من أفلام سينمائية جديدة في دورة ل"كان" هي حتى كتابة هذه السطور واحدة من أضعف دوراته، كل هذا كان كافياً لبعث روح السينما في وقت تنشر في الطرقات لوحات دعائية ضخمة لأفلام مثل "ترميناتور" وغيره من هذه "الروائع" التي يدهش المرء كيف يمكنها ان تنتهي الى الفن نفسه الذي تنتمي اليه سينما فيلليني. أزمنة حديثة جداً وما يقال عن فيلليني في هذا الإطار يقال كذلك عن عبقري السينما الآخر، الأميركي الانكليزي الأصل، هذه المرة، تشارلي شابلن. فشابلن أيضاً كرم على طول أيام هذه الدورة لمهرجان "كان". بل انه نال تكريماً خاصاً لم يسبق - على حد علمنا - أن خصت به كثرة من السينمائيين الراحلين من قبله: سيختتم المهرجان عروضه الرسمية، بعد غد، الأحد، بعرض فيلمه "الأزمنة الحديثة". وذلك بنسخة مرممة رقمية من المؤكد انها ستعطي صوره هذا الفيلم الكلاسيكي الكبير كل زخمه. والحال ان ترميم "الأزمنة الحديثة"، هو جزء من مشروع كبير هو قيد التنفيذ حالياً ويرمي الى ترميم وإعادة سحب وطباعة القسم الأكبر من أفلام شابلن، وذلك تحت اشراف المنتج والموزع الفرنسي مارين كارميتز، الذي اشترى حقوق الأفلام من ورثة شابلن وبدأ يعيد احياءها، ولا سيما احياء أفلام كان خيل الى الكثير انها فقدت منذ زمن بعيد. ومن المؤكد ان عرض "الأزمنة الحديثة" في الحفلة الختامية لدورة هذا العام يعتبر، في الوقت نفسه، تحية لشابلن، وأيضاً تحية الى هذا المنتج والموزع الفرنسي الذي يعتبر من آخر الصامدين في السوق السينمائية، الفرنسية وغيرها، من أجل الحفاظ على ذاكرة السينما واحياء أجمل لحظاتها. ونعرف طبعاً ان "الأزمنة الحديثة" هو إحدى أجمل لحظات تاريخ الفن السابع. وقد حققه شابلن في العام 1933، في وقت كان يعيش أزمة تعبير قومية، إذ ان اختراع السينما الناطقة وانتشارها كانا أوقعاه في ارتباك كبير: منذ الانتشار لم يترك له مكان لسينماه الصامتة القائمة على الإيماء. فما العمل والجمهور ما عاد يتقبل أفلاماً غير ناطقة" ثم ان شابلن نفسه كان بعدما انجز "أضواء المدينة" في العام 1931 قام بجولة كبيرة في أوروبا، التقى خلالها بالعالم الكبير ألبيرت اينشتاين وتحدث الاثنان معاً كثيراً حول السياسة والرأسمالية. وكان شابلن أزمع أن يحول ملاحظات سفره الى فيلم عنوانه "ممثل يشاهد العالم" وكان يريد ان يجعل من مشهد لقائه بأينشتاين في برلين الواصلة، آنذاك، الى حد الهاوية، نقطة المركز في الفيلم. ولكن حدث فجأة ان التقى الآنسة الحسناء بوليت غودارد، وحدث أيضاً ان راح يشهد بأم عينيه تفاقم الأزمة الاقتصادية في أميركا. وهكذا، ولد مشروعه الجديد الذي أحلّه محل "ممثل يشاهد العالم"، أي "الأزمنة الحديثة". والحال أن هذا الفيلم الذي شاء منه شابلن أن يكون تحية لجمال بوليت وشخصيتها، أتى شيئاً آخر تماماً: أتى فيلماً قوياً يخرج فيه متشرده "شارلو" من عباءة مشكلاته الخاصة. ومما لا ريب فيه ان شابلن تأثر كذلك وهو يكتب هذا الفيلم بعبارة قال لاحقاً ان اينشتاين قالها له، اذ في نهاية الحديث الطويل الذي جرى بينهما - بحسب ما يروي شابلن - نظر اليه مكتشف قانون النسبية وقال له بعمق وهدوء: "عزيزي السيد شابلن، انت لست ممثلاً، انت عالم اقتصاد". ولئن كان شابلن قال يومها معلقاً على ذلك وعلى زيارته اوروبا: "ان اوروبا وشتى البلدان التي شاهدتها تجتاز مرحلة قلقة، مرحلة يبدو لي ان ثمة زمناً جديداً ينبثق منها، زمناً لا سابق له في التاريخ على الصعد الدينية والاقتصادية والاجتماعية". ويقيناً ان شابلن، تمكن إثر تلك الزيارة من فتح عينيه على اميركا اكثر وأكثر، ويقيناً ان صدى كل ذلك كان في ذهنه وهو يكتب "الازمنة الحديثة". فهل كانت السلطات "الماكارثية" الاميركية مخطئة كثيراً، حين استدعت شابلن الى التحقيق لاحقاً، واضطهدته بسبب مشهد في "الازمنة الحديثة" تحديداً، يصوره فيه اذ خرج من السجن وشاهد جمهرة من العمال المتظاهرين طلباً للعمل، يصوره وهو ينتزع قماشة حمراء من تلك التي كانت توضع خلف حمولة الشاحنات، ليرفعها كعلم احمر، ما جعل الجموع تندفع خلفه؟ لقد رأت السلطات الماكارثية في ذلك المشهد "تحريضاً شيوعياً" سافراً، لكنها من جهة ثانية لم تدرك قسط السخرية الذي يحمله. كيف صار عبقرياً ومهما يكن من امر، فإن فيلم "الازمنة الحديثة" دخل من يومها تاريخ السينما بصفته واحداً من اكبر كلاسيكياتها وأهمها. صحيح ان الفيلم لم يمت بعد ذلك ابداً، بل انه يعرض باستمرار، وموجود في ملايين البيوت على شكل فيديو واسطوانة رقمية. ومع هذا، ها هو يعود الآن الى الحياة من جديد، في شكل تكنولوجي حديث لم يكن ليخطر على بال مبدعه الذي رحل عن عالمنا قبل نحو ربع قرن، وفقط بعد ان تأثر بهوليوود التي تجاهلته طويلاً واضطهدته سلطاتها حتى اضطر الى ان يعيش آخر سنواته في المنفى في سويسرا، لكنه عاد، ذات عام، قبل رحيله بسنوات، عاد ليكرم من هوليوود نفسها، تلك المنطقة التي كان قصدها مراهقاً منذ بدايات القرن العشرين، حيث كان بائساً من دون مستقبل، مشرداً لا يعرف من الدنيا إلا انه يريد ان يعيش ويحقق ذاته. لكنه خلال سنوات قليلة عند ذاك، وبفضل متشرده شارلو، ذي القبعة الرخوة والشارب الذي سيوصف لاحقاً ب"الهتلري"، وسيقول شابلن ان هتلر سرق طرازه منه والعصا، والافكار اللاحقة والعينين الداكنتين، استطاع ان يصبح واحداً من كبار القرن العشرين، كما اصبح واحداً من اولئك الكبار الذين جعلوا من السينما فناً كبيراً حقيقياً، يضاهي فنون عصر النهضة في الرسم والنحت، وروايات القرن التاسع عشر وفلسفات القرن السابع عشر. ولكن كيف اصبح شابلن شابلن؟ هذا السؤال اجاب عنه، خلال مهرجان "كان" فيلم بلغت مدة عرضه ساعتين وعنوانه "تشارلي: فن وحياة تشارلز شابلن". وهو من كتابة واخراج ريتشارد شيكل، احد كبار مؤرخي السينما الاميركية. وهذا الفيلم، الذي يعتبر الاحدث بين عشرات الافلام المتحدثة عن شابلن وحياته ومن بينها الفيلم الشهير الذي حققه ريتشارد اتنبورو، ولعب فيه روبرت داوني دور شابلن، كما لعبت جيرالدين شابلن، ابنة الفنان، دور امها اونا، هذا الفيلم يتابع حياة شابلن ومهنته كممثل ومؤلف وكاتب ومنتج وموسيقي، اضافة الى متابعته حياته الخاصة، ولا سيما منها تلك الفصول التي لطالما اثارت الجدل وتتضمن حياته العاطفية وزيجاته الاربع ومحاكمته لإثبات ابوته لطفل ذات يوم، ثم مشكلاته مع مكتب التحقيقات الفيديرالي، تلك المشكلات التي قادته الى مبارحته الولاياتالمتحدة نهائياً. وهذا الفيلم الذي يروي المخرج والممثل سيدني بولاك مساره يتضمن شهادات حول حياة شابلن وفنه، ادلى بها فنانون اعلن معظمهم انه يدين له بالكثير، ومن بينهم وودي آلن وكلير بلوم ومايكل وسيدني وجيرالدين شابلن، وميلوش فورمان ومارتن سكورسيزي... ونذكر ان هذا الفيلم لقي عند عرضه اقبالاً كبيراً وإعجاباً، لا يقل عن الاعجاب الذي لقيه "الأزمنة الحديثة" في نسخته الجديدة، حيث عرض للصحافة قبل الختام بأيام.