تهدد موجة جديدة من العنف بين الأكراد والعرب الأمن والاستقرار في شمال العراق. وفيما تحاول القوات الأميركية وقف الصدامات بين الطرفين وحضهما على تسوية النزاعات على الأملاك بالطرق القانونية، يرى مسؤولون أكراد أن هذا التدخل يسبب التوتر بين الأميركيين والفصائل الكردية التي تسعى الى تهجير العرب. ويتوقع مسؤولون أميركيون أن تتجدد أعمال العنف في المنطقة في أي لحظة. تميزت الموجة الجديدة بصدامات جرت خلالها عمليات طرد للسكان وإحراق للمنازل وتبادل كثيف لإطلاق النار. وشوهدت على الطريق الرئيسي الذي يخترق شمال العراق قرى مدمرة مثل بو سراج وجمبور والبهار وغيرها، حيث رسم على المنازل المحروقة شعار الحزب "الوطني الكردستاني"، فيما يقول شهود في المنطقة أن محاولات طرد العرب مستمرة. وجاءت موجة العنف الجديدة بعدما طرد الأكراد العرب في قريتيين زراعيتين، ورداً على ذلك هاجم عدد من المقاتلين العرب السبت الماضي مركز الحاكم الإقليمي في وسط كركوك، فوقعت اشتباكات في شوارع المدينة استمرت حتى الأحد استعملت فيها البنادق الرشاشة وقاذفات القنابل اليدوية، ما أسفر عن مقتل حوالي عشرة أشخاص وأصابة آخرين بجروح. ولم تسلم القوات الأميركية من موجة العنف، إذ تعرضت لإطلاق النار وأصيب جندي بجروح خلال الصدامات في قرية حويجة قرب كركوك. واتهم هوشيار زيباري مدير العلاقات الخارجية في الحزب "الديموقراطي الكردستاني" القوات الأميركية بأنها تجهل الحساسية الخاصة القائمة بين العرب والأكراد في المنطقة التي شهدت عملية تهجير عرقي للأكراد في ظل حكم الرئيس صدام حسين. وأشار إلى أن القوات الأميركية أعادت بعض العرب الذين طردهم الأكراد إلى قراهم. وقال علي ريزغار عضو مجلس بلدية كركوك أن القوات الأميركية تجهل التاريخ الدموي لشمال العراق الذي يدفع الأكراد الى إحراق القرى العربية هذه الأيام. فيما قال أحمد جليل، وهو عربي من قرية طاووق، أنه جاء إليها برفقة والديه وهو في الحادية عشرة، وأضاف أنه لم يسمع في حياته عن سياسة التعريب التي اتبعها النظام العراقي، موضحاً أنه تلقى تهديدات مثل بقية أهالي القرية من أنصار "الاتحاد الوطني الكردستاني" لإرغامه على الرحيل. وأكد قاسم عبدالله 23 عاماً، وهو كردي من القرية ذاتها وزميل دراسة قديم لجليل، أن الوقت حان ليحزم الأخير أمتعته ويرحل. وقال مهجّر يدعى زيدان خضير عباس 56 عاماً أرغمه مسلحو "الاتحاد الوطني الكردستاني" على الرحيل مع عائلته المكونة من ثمانية أفراد تحت تهديد السلاح بعد تعرضه للضرب الشديد، انه رحل إلى بغداد، حيث يقيم الآن في كوخ بائس مع أسرته. وأضاف انه كان يقيم في منزل في طاووق لم يكن لعائلة كردية وانما حصل عليه من السلطة المحلية، معبراً عن تضامنه مع الأكراد الذين ذاقوا عذاباً مريراً أيام حكم البعث، لكنه قال أن الطريقة التي تم ترحيله بها ليست صحيحة وأنه كان مستعداً للرحيل لو جاء إليه الأكراد وعرضوا عليه صيغة تضمن له تعويضاً معيناً يسمح له بترتيب أوضاعه في مكان آخر. غير أن دور القوات الأميركية لم يقتصر على منع تهجير العرب على أيدي الأكراد فحسب، بل شمل دخولها المعاقل العربية في شمال العراق لمنع تحرك المقاتلين العرب وشن هجمات مضادة على الأكراد. وقال سكان قرية حويجة العرب أنهم أطلقوا النار على القوات الأميركية ظناً منهم أنها قوات كردية جاءت للاعتداء عليهم وتهجيرهم تحت جنح الظلام. وألقى السكان اللوم على هذه القوات التي ردّت على النار بالمثل وأوقعت إصابات في المنازل والحيونات والجرارات في القرية. ولا يوجد شخص من دون سلاح في شمال العراق، وتشك القوات الأميركية التي حاولت نزع أسلحة سكان القرية بأن عناصر من الخارج شاركت في إطلاق النار، ومما يعزز هذه الشكوك أنها لم تعثر على الكثير من الأسلحة في المنازل وما عثرت عليه لا يتناسب مع حجم النيران التي تعرضت لها، وفي بعض الحالات كانت أنواع الأسلحة حديثة وغالية الثمن وما ضبط لا يتناسب والقدرة المالية للفلاحين عادة.