البحث عن وثائق حكم صدام حسين، قاد الى العثور على روايته الرابعة التي طبعت ولم توزع بسبب الحرب التي أطاحته. الرواية التي حصلت عليها "الحياة" وسبقتها أقاويل كثيرة حملت عنوان "أخرج منها يا ملعون"، وكعادته كان صدام يصرّ على عدم وضع اسمه على غلاف الرواية كما فعل في "زبيبة والملك" و"القلعة الحصينة" و"رجال ومدينة"، مستعيضاً عن ذلك بإشارة "رواية لكاتبها". الرواية المكتوبة بلغة يغلب عليها الانشاء الركيك لها مقدمة يشير فيها المؤلف أي صدام الى ان الشيطان يدخل أحياناً داخل البشر، فيضطر الدراويش او المعنيون بالطب الروحي للضرب بعصا على الأرض التي يقف عليها المسكون بالشيطان ليقولوا "أخرج منها يا ملعون". الشيطان، بحسب صدام الذي صار روائياً كتب عنه نقاد وكتاب وشعراء عراقيون أيام وجوده في السلطة مئات المقالات التي أضفت على أعماله هالات العبقرية والعظمة، هو الذي يعيش بين أعمدة الخشب في البيوت العتيقة "ولكن مثل هذا الوجود الشيطاني تحول في العصر الحديث الى وسائل الاتصال وشاشات التلفاز". والشيطان الذي يتصدى له صدام في روايته الرابعة موجود ايضاً في النساء اللواتي يضعن عدسات ملونة في عيونهن، أو في "محرك طائرة" و"احتلال اجنبي". الطريف في أمر رواية صدام ان عنوانها يتطابق مع المصير الذي آل اليه مؤلفها. ويقول عراقيون في هذا الصدد: "أخرج منها يا ملعون" بدت كما لو أنها نبوءة صدام في رسم طريقة خروجه وسلطته من العراق. ويصور "كاتب" الرواية رجلاً حكيماً يدعى ابراهيم له ثلاثة أولاد ماتوا بعدما خلف كل واحد منهم ولداً وهم: حسقيل ويوسف ومحمود، والدلالة هنا واضحة في الإشارة الى الأديان السماوية الثلاثة، ويركز صدام في روايته على شخصية حسقيل اليهودي ويجعلها قرينة بالمساوئ: شره، يحب المال، خائن، يفرق بين الناس كي يضمن صعوده، ويجد الطريق الى التحالف مع غير العرب امرأة فارسية متزوجة من شيخ قبيلة عربي. ويبدو صدام في تصويره اليهود والفرس، منبوذين جديرين بالمؤامرات، مجسداً مقولة خاله خيرالله طلفاح "الله أخطأ في خلق ثلاثة: اليهود والفرس والذباب"، أما الذباب في رواية "أخرج منها يا ملعون" فهم الروم الذين امتد زمن الرواية ليجعلهم الطرف المعادي الآخر للعرب. ويخلق صاحب الرواية التي حفلت بتصوير النساء قرينات الدسائس والخزي والعار الكثير من أوصاف الدعارة والعهر لازمتهن في الرواية شخصية "سالم" التي تناضل كي تخرج حسقيل الملعون من بلاد الشام، ولتنسجم عبارة "أخرج منها يا ملعون" وهي تصور مشهد احتراق برجين عاليين بناهما حسقيل، مع كلمة كان رددها صدام حسين بعد انهيار برجي التجارة العالمية في نيويورك: "هذه نهاية اميركا"!