قتل ثمانية أشخاص على الأقل وجرح عشرات، في اشتباكات واسعة اندلعت ظهر أمس، في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين المحاذي لمدينة صيدا الجنوبية بين حركة "فتح" "وجماعة النور" الاسلامية المتطرفة تساندها "عصبة الأنصار" التي تخشى سيطرة الحركة التي يتزعمها الرئيس ياسر عرفات على المخيم وتصفية سائر التنظيمات الاسلامية. راجع ص 8 وكانت الاغتيالات المتبادلة بين "فتح" و"جماعة النور"، المنشقة عن "العصبة" سيدة الموقف في الأشهر الثلاثة الماضية الى ان حاول مسلحون من الحركة اغتيال زعيم "جماعة النور" عبدالله شريدي السبت الماضي، بعد اتهامه بأنه وراء اغتيال أحد عناصرها ليل الجمعة. ويعاني شريدي من جروح خطرة، فيما أدى الخلاف على مكان دفن مرافقيه يحيى شريدي وفؤاد جبر فرهود اللذين قتلا في المحاولة إلى اندلاع اشتباكات عنيفة سقط فيها ثمانية قتلى علم أن بينهم مدنيين وأربعة من "فتح" واثنين من "الجماعة"... علماً أنه يتعذر معرفة الرقم الحقيقي للضحايا والمصابين، رذ يعالجون داخل المخيم. ونزح عدد كبير من سكان المخيم خصوصاً من حي الصفصاف، الى مدينة صيدا والبساتين القريبة. ووضع الجيش اللبناني في حال الاستنفار إذ أن الصدامات وقعت على بعد امتار من نقطة التفتيش التابعة له عند مدخل المخيم. ودامت الاشتباكات زهاء خمس ساعات قبل ان تتراجع نسبياً إثر وساطات. وقد أصدر كل من "فتح" والجماعات الاسلامية مجتمعة بياناً دعت فيه إلى التزام الاتفاق على وقف القتال الذي تم التوصل إليه بعد جهود بذلها قادة الفصائل واللجان الشعبية التي كانت وقفت على الحياد. "فتح" وحسم الموقف وعبرت فصائل عن مخاوفها من لجوء "فتح" الى حسم الموقف ضد "جماعة النور" لإحكام سيطرتها على المخيم، لكن أمين سر الحركة في لبنان سلطان أبو العينين نفى ذلك، وقال ل"الحياة": "ان الاتفاق كان يقضي بأن يدفن مرافقا الشريدي خارج المخيم منعاً لتشييعهما في منطقة قريبة من حاجز الجيش اللبناني تفادياً لحصول أي احتكاك. غير أن "جماعة النور" أصرّت على دفنهما في جبانة الشهداء القريبة من الحاجز بحجة أن الجيش منعها من دفنهما في منطقة أخرى، وهو ما تبين عدم صحته". وأكد أبو العينين ان الاتصالات مع "عصبة الأنصار" أدت الى وقوفها على الحياد، "خصوصاً ان الأخيرة اكدت ان عبدالله شريدي المنشق عنها أساء اليها كثيراً". وذكر "أن الاشتباكات اندلعت عندما أطلقت عناصر من الجماعة الرصاص في الهواء ضد عناصر من فتح ظناً منها ان زعيمها المصاب قتل، وأبلغت عناصر من العصبة ان "فتح" تستهدفهم، فما كان من عناصر الحركة الا أن دافعت عن نفسها وردت على مصادر النيران فتوسعت رقعة القتال". واتهم المتشددين بالسعي إلى جر "عصبة الأنصار" الى قتال مع "فتح"، مشيراً الى ان متهمين فارين من حوادث الضنية ساهموا في تأجيج الاجواء بإلقاء القنابل اليدوية. ونفى ان تكون "فتح" تنوي السيطرة على المخيم لأن ليس في امكان فريق وحده أن يفعل ذلك. وشهد المخيم هدوءاً بدءاً من السادسة والنصف مساء بالترقيت المحلي، وجال وفد من "فتح" خالد الشايب والعقيد منير المقدح ومسؤولين من "حماس" و"الجهاد الاسلامي" و"الحركة الاسلامية المجاهدة" جمال خطاب وغيرهم من الفصائل والقوى الاسلامية على الأحياء لسحب المسلحين بعد اجتماع في جامع "النور". وعقد ليلاً اجتماع فلسطيني لبناني من علماء الدين والاحزاب الصيداوية في الجامع نفسه لتكريس التهدئة.