تزايد إقبال الشبان على متابعة الافلام الاميركية، وخصوصاً "العنيفة" أو "القتالية الحربية" في شكل ملحوظ في السنوات الاخيرة، وتحديداً مع بدء انتشار ال"سي دي" في الاسواق السورية وبأسعار متهاودة. وتزامن ذلك مع ازدياد المحال التجارية التي تبيع آخر الافلام الاميركية، وخصوصاً "الحربية" منها لممثلين مشهورين كسلفستر ستالون وفان دام وغيرهما ممن اشتهروا بتحقيق العدالة والانتصار على الشر من وجهة النظر الاميركية. ولكن نظرة الشباب لهذه الافلام تغيرت في ظروف الحرب الاميركية على العراق، وباتوا يتساءلون ان كان الجندي الاميركي يقاتل بالفعل من اجل قضية عادلة ويتعامل بانسانية وينصر المظلوم كما في الافلام التي يشاهدونها، ام ان هناك وجهة نظر جديدة ومعادلة اخرى تشكلت بعد المشاهد المروعة لأطفال ورجال ونساء عراقيين قتلهم الجندي عينه امام كاميرا اخرى، مختلفة عن تلك التي يستخدمونها في الافلام المصنعة خصيصاً لمشاهد آخر غير الاميركي. جلال الشهابي شاب من مخيم اليرموك في دمشق يقول انه كان يتابع في شكل يومي تقريباً مع اصدقائه كل ما هو جديد من الافلام الاميركية العنيفة، وان اي فيلم يحكي قصة رومانسية او لا يحتوي على مشاهد قتالية يعيدونه الى صاحب المحل الذي يستأجرون منه الافلام. ويضيف: "في كثير من الاحيان اشاهد في نومي بعض اللقطات من افلام رأيتها سابقاً، وكعادتي عندما اجلب شريطاً جديداً اخبر اصدقائي ليشاهدوه معي. وإذا لم يتمكن احد الاصدقاء من الحضور اعيره الفيلم في اليوم التالي، وخصوصاً ان كلفته عشرة ليرات سورية مهما كانت مدة استئجاره. وعلى رغم اننا نعرف أن الافلام كلها متشابهة اذ ينتصر البطل الأميركي "رامبو" وبأسلحة غريبة على خصومه الاشرار، الا اننا كنا نستمتع في مشاهدتها. ولكن بعد بدء الحرب على العراق وما شاهدته مع اهلي في نشرات الاخبار من صور لطفلة فقدت رأسها وامرأة عراقية تبكي، كرهت كل شيء وعرفت ان كل ما يقوله الاميركيون في افلامهم كاذب". ويقول مأمون عودة "عادة ما اشاهد الافلام الاميركية وأعرف انها كذب وخداع اي كما يقال تمثيل بتمثيل، وخصوصاً بعد ان شاهدت مع اخوتي فيلماً اميركياً مدبلجاً على احدى القنوات التركية يدخل فيه رامبو الى احد معسكرات المقاومة اللبنانية ويقتل كل من فيه. وفي مشهد من الفيلم يسقط مسدسه على درج احد الابنية في المعسكر فيقتل العشرات من عناصر المقاومة، وقد كان الجميع يطلق الرصاص باتجاهه ولكن سبحان الله لم يصبه احد منهم". ويضيف "أتوقع من الاميركيين افلاماً تبرز بطلهم الطيب والشجاع يحصد "الاشرار" في العراق، ويتعذب كذباً من اجل العراقيين، ونتيجة لكل ذلك اقول ايضاً ان صدام حسين يتحمل مسؤولية كبيرة لما يحصل لشعبه، وانا الآن كرهت اميركا وافلامها بعد هذا الظلم والقهر اللذين نتلقاهما منها". اما جهاد السالم فيقول: "كنت مواظباً على مشاهدة الافلام وخصوصاً الحربية، أكان ذلك من خلال ال"ديجيتال" او من خلال ال"دي في دي". ولكن الآن لا توجد عندي الرغبة بمشاهدة اي شيء بعد رؤية ما يحصل في العراق. فهناك فيلم حقيقي ومن دون اي كذب! الاميركيون يقصفون الناس في بيوتهم وهم نيام. وهذه المشاهد تبرز زيف كل ما يدعونه في افلامهم. جعلونا نحب في الفيلم البطل الاميركي الذي يتمتع بكل الصفات الجيدة وهم يظنون أننا لا نفهم شيئاً. ثم قل لي كيف لا يصاب البطل الاميركي في الفيلم؟". المضحك المبكي في المشهد ان البعض لا يزال يعتقد ان ما يحصل في العراق مجرد فيلم اميركي... ينتظر حصد الجوائز!