وصلت حال التأهب الأمنية في العاصمة السعودية إلى المرحلة ج، وهي أعلى درجات التأهب، ومشابهة لفترة الحرب على العراق، كما كثفت الحماية الأمنية في معظم المجمعات السكنية الخاصة بالرعايا الأجانب، ونظمت دوريات أمنية على بواباتها والطرق المؤدية اليها. وزار مراسل "الحياة" مواقع التفجيرات ظهر أمس، ابتداء بمجمع "جداول" السكني في حي إشبيلية، بعد تجاوز نقطة أمنية تبعد عن المجمع نحو الكيلومتر، ثم مر بنقطة أمنية أخرى على بعد 200 متر غرب موقع التفجير، ولاحظ خيمة مقابلة لموقع التفجير، تضم أكثر من 10 جنود ينتمون إلى قوات الشرطة الجوية. وعج المكان بدوريات الشرطة والمرور والشرطة الجوية والحرس الوطني، فيما توقفت سيارة مرسيدس بيضاء أمام البوابة المفجرة، وبدت عليها آثار الرصاص، ما يؤكد تبادل اطلاق النار بين قوات الأمن والمهاجمين، إلى جانب سيارتين مهشمتين ومحروقتين أمام البوابة التي نسفت مباشرة. وفي موقع التفجير الذي استهدف شركة "فينيل" الأميركية، انتشر جنود الحرس الوطني في دوريات راجلة تمشط المكان المحيط بموقع الشركة. وبدا المبنى المستهدف مدمراً، وأحاطت به معدات ثقيلة تابعة للحرس الوطني. وفي مجمع "الحمراء" في حي غرناطة، أغلقت كل الطرق المحيطة والمؤدية الى البوابة التي استهدفها التفجير. وبعد خمسة أيام من اعلان وزارة الداخلية السعودية احباط محاولة تخريب كبيرة، بدا أن الفترة الفاصلة بين ذلك الاعلان والتفجيرات التي شهدتها مدينة الرياض كانت كافية للقيام بعمليات خطط لها بقدر من التنظيم. وربما اسقط في ايدي المطلوبين الذين وردت اسماؤهم في ذلك الاعلان، بعدما فاضت وسائل الإعلام بصورهم الحقيقية والافتراضية في حال تغيير هيئتهم. وكانت السلطات إكتشفت مجموعة من الأسلحة والذخائر المتنوعة وكميات كبيرة من المواد المتفجرة، وأعلن وزير الداخلية السعودي الامير نايف بن عبدالعزيز عن لائحة تضم 19 ارهابياً غالبيتهم من السعوديين. وظهرت قواسم مشتركة بين مواقع التفجيرات الثلاثة في أحياء أشبيلية والجنادرية وغرناطة التي تقع في شرق الرياض، إذ كانت البوابات والمناطق المخترقة في المجمعات الثلاثة، تطل على أراضٍ خالية أو مخططة ومعدة للبناء، وهي بذلك كانت مكشوفة وواضحة، وكان من السهل على السعوديين الوجود فيها كما جرت العادة في حال التنزه أو الاجتماع بالأصدقاء وقضاء بعض ساعات الليل، ما سهل عملية مراقبة المناطق المستهدفة ودرسها لفترات طويلة قبل التنفيذ. كما أن آخر عمليتين ارهابيتين في السعودية تركزتا في شرق مدينة الرياض، كونها منطقة حديثة العمران، وتوجد بها مجمعات سكنية حديثة للأجانب، حيث تم قتل بريطاني بالرصاص وقبض على الجاني في شباط فبراير الماضي في حي غرناطة، ثم انفجر منزل كانت داخله متفجرات وذخائر في حي الجزيرة في شرق الرياض، ما أسفر عن مقتل شخص في منتصف آذار مارس الماضي. وتساعد طبيعة بعض الأحياء الشرقية في مدينة الرياض على سرعة التخفي والهرب لوجود كثير من المباني التي لا تزال تحت التشييد، فتكون مفتوحة ومهجورة ليلاً، اضافة إلى سهولة التنقل بين الأحياء بالسيارات، كون غالبيتها ممهدة ومسفلتة، الى جانب قلة عدد السكان بسبب حداثتها العمرانية. ويرى بعض المتابعين لقضايا الإرهاب ان نمط التفجيرات يؤكد حدوث تغيير في خطط المنظمات الإرهابية التي تستهدف الرعايا الأجانب في السعودية، إذ كانت العمليات السابقة تركز على أشخاص معينين أو جهة معينة، لكن في التفجيرات الأخيرة، ركز المنفذون على تنفيذ سلسلة من التفجيرات المتزامنة في عدد من الأماكن المتفرقة، ما يؤدي الى تشتيت انتباه الجهات الأمنية السعودية. وكانت عمليات التفجير في المواقع الثلاثة متشابهة لجهة قتل الحراس، واقتحام البوابات، ثم تفجير السيارات المفخخة داخل المواقع المستهدفة، ويشير ذلك إلى أن عمليات التفجير رتب لها بشكل كامل، تضمن تدريباً فعلياً.