تميّز العقدان الماضيان بتطوّرات متلاحقة في مجال عمليات الكومبيوتر عبر الأجهزة المحمولة، وشهد هذا المجال أبرز الإنجازات التي حققتها صناعة تقنية المعلومات. وحتى أواخر السبعينات من القرن الماضي، كانت أجهزة الكومبيوتر الرئيسية "ماين فرايم" تحتل غرفة بكاملها، ثم جاءت الأجهزة الشخصية في الثمانينات والتسعينات لتحتلّ مساحة محدودة من المكتب وتقدّم الأداء نفسه، إنما من دون أن تمنح المستخدمين القدرة على التنقل. وما كادت "توشيبا" تطوّر أول كومبيوتر محمول منتصف الثمانينات، حتى خطف الابتكار الأضواء المسلطة على مسرح التقنية، فراح صانعو الأجهزة يركزون جهودهم على هذا الاتجاه ونشأ نتيجة ذلك المفهوم الذي نسمّيه "الحوسبة النقالة". وتوالت التطويرات على الكومبيوترات المحمولة من حيث الأداء والسرعة وصغر الحجم، وباتت أجهزة دفترية مدمجة يقلّ وزن بعضها عن الكيلوغرام الواحد وتوازي من حيث الأداء أكبر الأجهزة المكتبية المتوافرة. وفي موازاة ذلك، أصبح جهاز الكومبيوتر في الشرق الأوسط يحتلّ جزءًا أساسياً في حياتنا. فهو توافر بأسعار تناسب جميع المستخدمين بعدما بات آلة سهلة الاستعمال ومألوفة، كما أنّ تطوير شبكة الإنترنت جاء ليعزز الفائدة التي يجنيها المستخدمون منه، إذ ساعد البريد الإلكتروني على تعزيز الاتصال بالعالم وشكلت تطبيقات الوسائط المتعددة، مثل الصور وأقراص الفيديو والأقراص المدمجة والألعاب الإلكترونية، مصدراً غنيّاً للتعلم والترفيه، إضافة إلى أهميتها في قطاع الأعمال. وحظيت قابلية الكومبيوتر للحركة بدفع مهم مع تطوّر الاتصالات اللاسلكية، إذ أنّ ابتكار نقاط الاتصال اللاسلكي، التي تسمّى "هوت سبوتس"، أتاح للمستخدم القدرة على تشغيل جهازه الدفتري والاتصال بشبكة الإنترنت في أي وقت وأي مكان، من دون أية كيبلات أو أسلاك. وتشير الإحصاءات الرسمية لسوق الكومبيوتر إلى أن مبيعات الأجهزة المحمولة العام الماضي نمت بنسبة ملحوظة، وعلى حساب أجهزة الكومبيوتر المكتبية التي سجلت تطوراً سلبياً في بعض أسواق أوروبا. ولا غرابة في الأمر. فمع التطوّر المتسارع في مجالي الكومبيوتر والاتصال، من الطبيعي أن نصل في المستقبل القريب إلى وقت يغدو فيه استخدام الكومبيوترات الدفترية مماثلاً لاستخدام الهواتف النقالة حالياً. لكنّ تلك المرحلة "المثالية" دونها بعض التحدّيات. فالمعايير الأساسية لجودة الكومبيوتر الدفتري كانت في السابق تقتصر على الأداء والسعر. غير أنّ هناك معايير أخرى اليوم تحكم تفوّق هذا الجهاز أو ذاك، وفي طليعتها الكفاءة في تصريف الحرارة الناتجة عن تشغيل المعالج، وطول عمر البطارية، إضافة إلى القدرات اللاسلكية المتفوقة. في هذا السياق، أزيح الستار قبل أسابيع عن تقنية "إنتل" "سنترينو" الثورية في مجال الحوسبة اللاسلكية، وهي تضم معالجاً ومنظومة شرائح ووحدة تشبيك لاسلكي وتتيح المزيد من خيارات الحوسبة اللاسلكية والمحمولة لزبائن القطاعات الأساسية والمستخدمين من الشركات ورجال الأعمال. و"توشيبا"، التي كانت رائدة الحوسبة النقالة، تحرّكت سريعاً لاعتماد تقنية "سنترينو" في جميع أجهزتها الدفترية المخصصة لاستخدامات الأعمال، فأطلقت أربع فئات من الكومبيوترات الدفترية اللاسلكية لمن يحتاج الأداء المتطور وقدرات التشبيك اللاسلكية المتكاملة ومزايا الخدمة الطويلة للبطارية من زبائن الشرق الأوسط. وإن كانت الكومبيوترات المكتبية لا تزال تشهد بعض النمو في أسواق المنطقة، إلا أنّ الأمر المؤكد هو استمرار اتجاه قطاع الكومبيوتر الى الأجهزة المحمولة، خصوصاً مع تطوّر الحياة والتقنيات واستقرار أسعارها عند مستويات مقبولة.