انتعش الجناح المحافظ في الإدارة الأميركية الذي خطط للحرب على العراق مع التقدم الذي أحرزته القوات الأميركية على أرض المعركة، وبدأ يتحرك لدحر الجناح المعتدل في الإدارة المتمثل بوزارة الخارجية والوزير كولن باول. وأشارت صحيفة "صاندي تايمز" اللندنية أمس إلى أن جون بولتون نائب وزير الخارجية لشؤون الحد من التسلح وجه أخيراً تهديداً لإيران على رغم محاولة الرئيس الأميركي جورج بوش الحفاظ على أكبر قدر من التوازن في العلاقات الخارجية في الفترة الحالية بالذات. وقالت أن بولتون الذي شارك في المؤتمر السنوي للجنة العلاقات العامة الإسرائيلية ايباك في الولاياتالمتحدة أكد أن الإدارة الأميركية تنوي بعد انتهاء حرب العراق مواجهة الأخطار النووية في العالم خصوصاً البرنامجين النوويين لايران وكوريا الشمالية. ووصفت الصحيفة بولتون بأنه مثقف وأحد رموز تيار المحافظين الجدد الذي يهدد بتوجيه إدارة الرئيس بوش نحو انتهاج سياسة عدائية تعتمد مبدأ وحيداً يقوم على أساس وضع مصلحة أميركا فوق أي اعتبار. وينتمي بولتون إلى التيار نفسه المسيطر في وزارة الدفاع والذي يمثله بول ولفوفيتز نائب الوزير ودوغلاس فيث صاحب أرفع منصب في الوزارة بعد الوزير دونالد رامسفيلد، ولويس ليبي رئيس مكتب نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني وإليوت أبرهامز الذي يشرف على السياسة الأميركية في الشرق الأوسط في مجلس الأمن الوطني. ويتبنى هذا التيار مبدأ "الديموقراطية بالقوة" وينادي بضرورة أن تبادر الولاياتالمتحدة إلى توجيه ضربات عسكرية مبكرة إلى أعدائها. وقالت "صاندي تايمز" أن أنصار هذا التيار يخوضون بشدة في الجدل الدائر حول مستقبل الإدارة السياسية في العراق بعد اسقاط نظام البعث، مشيرة إلى تساؤلات ظهرت أخيراً عن احتمال أن يكون هذا التيار أقنع الرئيس بوش بضرورة تقليل الاعتماد على رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في تحديد مستقبل العراق. ونقلت الصحيفة عن مسؤول في الإدارة الأميركية أن لدى تيار المحافظين الجدد برنامج خاص للعراق ويرغب في الاشراف على تنفيذه، مستفيداً من الضعف الذي اصاب جناح المعتدلين بقيادة باول بعد الفشل الديبلوماسي الذي مني به على الساحة الدولية في الأيام التي سبقت إعلان الحرب وكاد يجهضها. كما أشارت الصحيفة إلى أن تصريحات مستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس بأن مشاركة الأممالمتحدة في إعادة إعمار العراق ليست موضع بحث حالياً، شكلت ضربة عملياً لمساعي باول لبدء حوار مع الأممالمتحدة بشأن دورها بعد الحرب. بالإضافة إلى أن تصريحات رامسفيلد التي هدد فيها سورية وإيران واتهمهما بمساعدة العراق شكلت ضربة قوية لباول وهمشت دوره كوزير للخارجية، خصوصاً انه بات يردد تصريحات رامسفيلد. وقالت "صاندي تايمز" أن المستقبل لا يبدو مبشر بالخير بالنسبة الى توني بلير ومحاولته إقناع بوش بدور للأمم المتحدة في العراق أو بالدفع باتجاه تسوية سريعة للقضية الفلسطينية. فالعداء داخل الإدارة الأميركية للأمم المتحدة بلغ حداً كبيراً، علاوة على أن الانتخابات الرئاسية المقبلة أصبحت على الأبواب ولن يكون بمقدور بوش تجاهل دور اللوبي اليهودي ورغباته في مزيد من الدعم لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون ومنع قيام دولة فلسطينية. ففي الأسبوع الماضي قدمت شكاوى عديدة في الكونغرس من جانب أعضاء جمهوريين وديموقراطيين على حد سواء من أن "خارطة الطريق" التي تبناها الرئيس بوش قدمت تنازلات عديدة للفلسطينيين. ومع ذلك يصر الجناح المعتدل في الإدارة الأميركية على أن المعركة ضد تيار المحافظين الجدد ليست ميؤوساً منها. ويقول باول أن العلاقة بينه وبين بوش جيدة جداً، والقرار النهائي في يد الرئيس.