أبصرت خدمة الرسائل القصيرة او SMS النور توأماً للهاتف الخلوي، وتحوّلت من وسيلة تدرج ضمن الكماليات الى ضرورة توفّر المال وتشكّل أداة للتواصل من دون عناء يذكر. وبرزت فائدة هذا النوع من الخدمة خصوصاً في المناسبات كالاعياد، وأصبح الناس يتبادلون الرسائل ليلة رأس السنة مثلاً، فيتشاطرون تلك اللحظة الفريدة ويعايد بعضهم بعضاً عبر الخلوي ويقومون بواجباتهم باأقل تكلفة ممكنة، اذ انّ ثمن تعبئة 100 رسالة يساوي 10 دولارات. ولم توفّر الشركات هذه الوسيلة أيضا لترويج ما لديها من جديد، فراحت مثلاًَ تبعث برسائل الى ارقام خلوية بطريقة عشوائية، وتسوّق ما لديها من منتجات جديدة. وكذلك المؤسسات التي تنظم الحفلات لم تتجاهل هذه الوسيلة لاعلام الجمهور بكل حفلة تقيمها إضافة الى العروض. اما المؤسسات الرسمية فركبت قطار الابتكارات هذا، واستغلت هذه الرسائل لتمرر ما لديها من حملات توعية مثل "لا تسرع، الموت اسرع" او "وزارة الصحة تحذّر: التدخين يؤدي الى امراض خطيرة ومميتة"... الكل ركب قطار التطوّر لكن الحصة الاكبر والاحتكار الاعظم للرسائل القصيرة يبقيان للعلاقة بين المرأة والرجل. زينب 21 عاماً تقول ان الرسائل القصيرة وفّرت عليها ثمن تعبئة الخلوي قبل الأوان "كنت انفق الكثير من المال واعبئ الخلوي بالوحدات قبل الأوان لاتكلّم مع حبيبي خصوصاً، لكن الامور اصبحت اسهل مع خدمة الرسائل القصيرة، اذ انني اعبئ الخلوي بمئة رسالة في مقابل 10 دولارات اميركية، وهذا لا شيء بالنسبة الى تعبئته بالوحدات قبل الاوان التي تكلف 40 او 50 دولاراً اميركياً في الشهر". أما سميرة 30 سنة التي يبقى زوجها معظم الوقت خارج البلاد فتضحك بخجل قائلة: "في المساء حين ينام الاطفال واجلس قبالة التلفاز، اشتاق الى زوجي فأستعين بالخلوي وخدمة الرسائل القصيرة تحديداً فابعث اليه برسالة وبعدها يتصل بي او يبادلني بأخرى". وبالنسبة الى البعض، خصوصاً النساء اللواتي غالباً ما يعجزن عن التعبير في مجتمع شرقي، تقوم الفتاة بإرسال رسالة قصيرة الى حبيبها، اذ تجد في هذه الوسيلة متنفساً وحريّة للتعبير اكثر من ان تقولها مباشرة له فتوفر عليها الاحراج الذي كانت لتشعر به ان قالت ما أرادت مباشرة. لكن الرسائل القصيرة ادخلت البعض في ورطة مع الحبيب، اذ تكثر الاخطاء فيها. فطارق مثلاً تلقّى رسالة من رقم لا يعرفه وكانت خطيبته معه، وعند قراءة الرسالة تبيّن انها مملوءة بالعبارات الغرامية، وبالطبع طار صواب خطيبته التي اتّهمته باقامة علاقة مع صاحبة الرسالة وركّبت وابتكرت سيناريو من مجرّد خطأ. وتنشغل شبكة الرسائل القصيرة خصوصاً عند تشاجر حبيبين، فما يفعلانه هو ارسال الرسائل بدلاً من المهاتفة لأنّ المصالحة تحتاج الى وقت طويل ونفقة الخلوي لا يستهان بها. وتتوافر رسائل قصيرة بصور طريفة، او صور تعبّر عن الحب. والعدد الاكبر من الرسائل القصيرة تتوافر على شكل نكات وأحجيات وما الى ذلك. ومنها ما يحيرّ الفرد مثل تلك التي ترسلها الفتاة الى شاب يعجبها ومفادها: "وجهك لا يفارقني طوال الليل والنهار" وما ان يتحمّس ويفرح حتّى يرى صورة حمار فيحار في امره. والحاجة دفعت الشبان الى استغلال الرسائل القصيرة بهدف التعرف الى فتيات او التحرّش بهن وكذلك الامر بالنسبة الى الفتاة. فما عليها سوى بعث رسالة الى من يميل اليه قلبها، وحين يتّصل ليعرف من المرسل، تجيب انها أخطات الرقم ويطول الحديث شيئاً فشيئاً الى "رسالة فموعد فلقاء".