لم يجد العراقيون بعد تفسيراً مقنعاً للطريقة التي سقطت بها بغداد أمام الاميركيين. وفي هذا السياق تكاثرت الروايات وبينها ما رواه ل"الحياة" أحد ضباط "الحرس الجمهوري"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، وفيه ان الولاياتالمتحدة استطاعت قبل سنة من الحرب اختراق الحلقة الضيقة المحيطة بالرئيس وتوظيف مشاعر الثأر الموجودة حتى لدى ساجدة طلفاح الزوجة الأولى لصدام حسين. وقال الضابط انه بحكم موقعه الحزبي في الوحدة العسكرية التابعة للحرس أودعت لديه قبل بدء الحرب اجهزة كومبيوتر واسلحة وسيارات. وفي الساعات الأخيرة أرسل آمره م في طلبه وأبلغه أن الأمر انتهى وان عليه نزع بزته العسكرية و"تدبير حاله". ويضيف ان م كشف له انه ومجموعة من ضباط الحرس يعملون مع الاميركيين منذ اكثر من سنة. وأورد اسم كمال مصطفى، شقيق جمال مصطفى زوج احدى بنات صدام، وكذلك اسم قائد أحد فيالق الحرس المهمة. كما أورد اسماء زوجة صدام الأولى وبناته، مشيراً الى انه جرى الاتصال بهن والتنسيق معهن. وأضاف الضابط انه سمع من آمره قبل ان يتركه عبارة "لدينا حساب مع صدام وأولاده". ويورد المطلعون محطات خلاف في تاريخ صدام حسين مع أسرته، من بينها الغموض الذي لف حادثة مقتل عدنان خيرالله شقيق ساجدة، الذي اعتبر منافساً خطراً لصدام على السلطة، وكذلك تزويج ابنتيه من حسين كامل وأخيه اللذين هربا فيما بعد الى الخارج ثم قتلا اثر عودتهما بأمر من صدام نفسه. اضافة الى زواج صدام من سميرة الشهبندر في أواخر الثمانينات الذي أثار حنق زوجته الأولى ساجدة. ويرجح عسكريون احتمال ان تكون الولاياتالمتحدة استغلت هذه الخلافات داخل الأسرة للوصول الى أفراد قريبين جداً من صدام. ويعتقد الضابط الذي تحدث الى "الحياة" ان العديد من قادة الحرس وضباط الجيش تلقوا الإشارة نفسها فتركوا مواقعهم ووحداتهم العسكرية. ويؤيد هذه الرواية ما قاله ضباط صغار من ان آمري وحداتهم أبلغوهم "ان كل شيء انتهى" وان "على كل واحد منهم ان يدبر حاله". ويقول شهود عيان انهم شاهدوا ليلتها ضباطاً وجنوداً وقد خلعوا بزاتهم ورتبهم العسكرية وارتدوا دشاديش وعاد بعضهم الى منزله، فيما فرّ آخرون للاختباء في مناطق اكثر أمناً خوفاً من تعرضهم للأذى أو الانتقام. وفي سياق متصل، يعتقد كثير من العراقيين المتابعين ان صدام وولديه عدي وقصي، لا يزالون احياء وينتقلون من مكان الى آخر. ويؤكد س.م من أهالي مدينة جميلة في الناحية الشرقيةلبغداد، مشاهدته صدام حسين وولديه بعد أيام من سقوط بغداد وضرب مخبأ المنصور الذي اعتقد الاميركيون ان صدام قتل فيه. ويروي س.م ل"الحياة" ان صدام وولديه جاؤوا الى مدينة جميلة في سيارة "مرسيدس" رصاصية اللون يتبعها عدد من سيارات ال"بيك آب" التي كانت تضم على ما يبدو بعض فدائيي صدام. وتمهل عبد حمود مرافقه الذي كان يقود سيارة "المرسيدس" في سيره ليسأل عن الطريق الذي يوفر لهم الأمان. ويضيف: ان عدداً من المارة الذين لمحوا صدام تجمعوا وهتفوا "بالروح بالدم نفديك يا صدام"، وان من بين هؤلاء بعض عتاة افترشوا الرصيف ليبيعوا عتاداً منهوباً من أحد مخازن الجيش على ما يبدو، وحين شاهدوا صدام تركوا بضاعتهم على الرصيف وتقدموا هم ايضاً للهتاف له. ويضيف الراوي ان احدهم أبلغ عبد حمود ان الطريق الوحيد المفتوح من مدينة جميلة هو الطريق الذي يمر عبر منطقة كسرى وعطش الصناعية، لأن بقية طرق الضاحية الخارجية ترابط فيها مدرعات اميركية. وانطلق ركب السيارات اثر ذلك بسرعة واختفى.