في الوقت الذي عاد موضوع الإعلام الى الواجهة في المغرب بعد انتهاء الحرب على العراق، قال مسؤولون أمس ان الرباط قررت تحرير قطاع الإعلام والصحافة ووسائل الاتصال الجماهيري، والسماح للقطاع الخاص المحلي والأجنبي بالاستثمار فيه، لإنشاء قنوات فضائية أو إذاعات، على غرار تجربة بعض دول الاتحاد الاوروبي ودول عربية اخرى. قال وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، نبيل عبدالله، ل"الحياة"، ان المغرب سيمنح رخصاً لإنشاء قنوات تلفزيونية خاصة مطلع السنة المقبلة "لمسايرة التحولات العميقة التي يعرفها العالم، باعتبار الاعلام أحد ركائز الاستكمال الديموقراطي والانفتاح الاقتصادي والتنمية الاجتماعية". وأشار عبدالله في ختام أعمال "الملتقى الدراسي حول وسائل الإعلام: الديموقراطية والتنمية"، الذي عُقد على مدى يومين في حضور عدد كبير من المهنيين، ان قوانين تحرير قطاع الإعلام أمام المستثمرين أصبحت جاهزة. لكنه أشار الى ان المغرب فضّل ارجاء منح رخص انشاء بعض الفضائيات الخاصة الى السنة المقبلة، لتتسنى إعادة هيكلة القنوات التي تشرف عليها الدولة، وتمرير قانون جديد في البرلمان يتعلق بالاستثمار في الاعلام. وأكد الوزير انه بات بإمكان المستثمرين المحليين والأجانب الاستفادة من القوانين المحلية لإقامة شبكات تلفزيونية خاصة وفق شروط سيتم تحديدها لاحقاً، حيث يمنح القانون امتيازات جبائية وضريبية في منطقة الاوفشور الاعلامية التي سيتم استحداثها في طنجة على البحر الأبيض المتوسط. وعلمت "الحياة" ان قناة "مغرب سات" ستكون أول فضائية خاصة ستبث وفق الصيغة الجديدة، وهي نتاج شراكة مالية ومهنية بين اذاعة "ميدي 1" الدولية المملوكة بنسبة 51 في المئة لشركة "سوريال" الاعلامية الفرنسية، ومجموعة "ماروك سوار" التي اشتراها العام الماضي رجل الأعمال عثمان بن جلون. ويراهن المغرب أيضاً على دخول مستثمرين عرب قطاع الاعلام الفضائي لإقامة نوع من التوازن بين الاستثمارات الأجنبية والاستجابة الى طلبات المشاهدين واختلاف الأذواق. وقال وزير الإعلام ل"الحياة" ان السماح بانشاء قنوات خاصة يجب ان يسبقه تحسين وضعية القناتين الاولى والثانية للمحافظة على "مستوى مقبول" من الخدمة العامة، خوفاً من تأثير المنافسة الأجنبية. وتوقع ان يشهد الاستثمار في الإعلام الطفرة نفسها التي حقّقها الاستثمار في قطاع الاتصالات في الأعوام الاربعة الماضية، حيث ارتفع عدد مالكي الهواتف النقالة الى أكثر من ستة ملايين شخص، أي ما يمثل 20 في المئة من مجموع السكان. واعتبرت احصاءات عرضت في الندوة ان الحضور الإعلامي العربي يظل ضعيفاً قياساً لتجارب دول اخرى أقل ثراءً، حيث يُقدر مجموع الأقمار الاصطناعية للبث الفضائي 145 قمراً، منها ثلاثة أقمار عربية، في حين يقدر مجموع الفضائيات الرقمية عبر العالم بنحو 13 الف قناة، منها 120عربية على مجموع الأقمار، وبعضها لا يبث إلا لساعات محدودة. ويملك المغرب ثلاث فضائيات، واحدة تبث من فرنسا. وستتولى "الهيئة العليا للاتصال السمعي- البصري"، التي أقرها الملك محمد السادس الصيف الماضي، البحث في طلبات الرخص باستحداث واستغلال القنوات التلفزيونية والاذاعية وفقاً للاجراءات القانونية والتنظيمية، ومنح الرخص المتعلقة بذلك، والمصادقة على دفاتر التحملات الخاصة بشركات الاتصال السمعي - البصري. ويمكن للمجلس الذي يضم 9 اعضاء، ان يصدر عقوبات في شأن الشركات المخالفة تراوح بين نشر بيانات الحقيقة والغرامات المالية. وحسب الخطة التي عرضتها الحكومة على الصحافيين، سيتم تحويل "الاذاعة والتلفزة المغربية" الى شركة مساهِمة ذات رأس مال عام، واخرى للإرسال والبث، بهدف تطوير المرفق العام للإعلام، "استجابة للمتطلبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية". كما سيتم تحديد دور القناة الثانية في القطاع السمعي البصري، واعتماد المنافسة والتكامل مع القناة الاولى الرسمية في الرباط. وتملك الدولة نسبة 70 في المئة من رأس مال القناة الثانية في الدار البيضاء، فيما تملك مجموعة "اونا" 20 في المئة من الحصص. وتشمل الخطة أيضاً تطوير سوق الدعاية التي يقدّر حجمها ب100 مليون دولار سنوياً، وتوجيهها لتنمية مداخيل الفضائيات وتحسين مستوى الصحف المحلية التي تقرّر أيضاً تعزيز الدعم لها.