تسابقت أحزاب المعارضة العراقية على أبنية كانت تشغلها مؤسسات حكومية كي تتخذها مقرات لها في أماكن من العاصمة بغداد وتشكلت لوحة لا تخلو من الغرابة مع اسم الحركات والأحزاب، وهي تغطي واجهات صحف وأبنية ونقابات ونواد اجتماعية. واتضحت غرائب زحف المعارضين على الأبنية الحكومية بعد رفع لافتات أحزاب اسلامية على مؤسسات فنية وترفيهية، فصارت "قاعة الرباط" التي ارتبطت بالفرقة السيمفونية الوطنية العراقية وعروض الموسيقى الكلاسيكية الرفيعة مقراً لحزب اسلامي محافظ هو "المجلس الأعلى للثورة الاسلامية"، بينما اتخذت بناية "مدرسة بغداد للموسيقى والفنون التعبيرية" الموسيقى والباليه سابقاً مقراً لحركة اسلامية غاب ممثلوها واكتفت بوضع لافتة تشير الى وحدة الأمة الاسلامية. جزء من بناية نقابة الصحافيين العراقيين التي كانت بالأصل داراً خاصة لأحد رواد السياسة والصحافة في بغداد، وهو أمين المميز، صار مقراً ل"الجمعية الكردية الفيلية". وعلى أعمدة الدار التراثية المطلة على شارع يوصل الى منطقة الأعظمية في بغداد ارتفعت عشرة صور لزعيم الحزب الديموقراطي الكردستاني مع عبارة "البارزاني رمز الحرية". أكثر الأحزاب المعارضة استحواذاً على مقرات الحكومة كان "المؤتمر الوطني العراقي" بزعامة الدكتور أحمد الجلبي الذي يبدو أنه استأثر بدعم أميركي قوي انعكس لدى الشارع العراقي في صورة مطالبات مكتوبة على الجدران "أقرب الى السوريالية"، اذ تطالب الجلبي بتطبيق القانون في وقت تشهد العاصمة بغداد غياباً تاماً للقانون. وتوزعت مقرات "المؤتمر" بين منازل لقادة من النظام السابق ومقرات صحف ونوادي النخبة الحاكمة نادي الصيد الذي كان يعتبر نقطة انطلاق المغامرات العاطفية والتشويقية لنجلي صدام، عدي وقصي. ويأتي بعد "المؤتمر" في سعة الانتشار والاستيلاء على مبان حكومية حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني الذي وزعت مقراته الجديدة بين جانبي بغداد، الرصافة والكرخ، ففي الوزيرية انتشرت لافتات الحزب كما رفع اسمه على جدارية لصدام في "ساحة النسور"، وأصبح مبنى "البعث" الذي كان يشرف عليه الى فترة قريبة برزان التكريتي الأخ غير الشقيق لصدام، مقراً للحزب الكردي الذي أوصل نفوذه الى مدن لم تعرف فيها نسبة كردية بين السكان، كما هي الحال في مدينة المحمودية جنوببغداد. ثمة لافتات لأحزاب غير معروفة وتجمعات لا حصر لها في مؤشر الى "الجديد" في بغداد، ويقابلها العراقيون بكثير من علامات الاستفهام، فيما يتوجه مواطنون الى بعض المقرات عارضين أفكاراً للعمل السياسي والاقتصادي والإعلامي ضمن خطوات إعادة البناء. وكان ممكناً لقاء عدد كبير من السياسيين المستقلين والضباط السابقين والمسؤولين في وزارات النظام السابق في مقر "حركة الوفاق الوطني" بزعامة الدكتور آياد علاوي وهم يحملون رؤى لما تتطلبه المرحلة الراهنة التي تتميز بغياب الخدمات الأساسية على رغم وعود للإدارة الأميركية في بغداد بإعادتها في أقرب وقت.