كان المنطق السياسي يدعو الى قيام نوع من التحالف أو الدفاع المشترك بين كل من ايرانوالعراق وسورية ضد الهجمة العدوانية الأميركية التي تستهدف الدول الثلاث جميعاً، وإن اقتصرت المعارك العسكرية على أرض العراق وحده. فسورية دافعت بشراسة سياسية عن العراق، ولم تستطع أن تدفع بجيوشها العسكرية إلى أرض المعركة بسبب الوجود الاسرائيلي المتربص على حدودها. أما ايران فاستنكرت بشدة الهجمة الأميركية واستنكارها لم يتطور الى حدّ التعاون العسكري مع العراق. ولعلّ العداوة التاريخية بين النظامين، في بغدادوطهران، كان أحد الأسباب التي حالت دون قيام مثل ذاك التعاون. ومهما يكن من أمر، لو أن ايران اتخذت قراراً منفرداً بالقيام باجراء عملي فعال، ليس دفاعاً عن نظام بغداد بل دفاعاً عن نفسها ومصالحها الاستراتيجية القريبة والبعيدة المدى، لكان هناك احتمال كبير أن تفشل المخططات الأميركية في السيطرة على المنطقة. وقيام نظام سياسي جديد في بغداد، وموال لواشنطن، من شأنه ان يجعل ايران مطوّقة، من الشرق والغرب، بالنفوذ الأميركي، فضلاً عن هيمنته على منطقة الخليج. فايران مهددة، في أي وقت، من التنين الأميركي الذي يكشّر عن أنيابه في كل مناسبة. وإذا كان المسؤولون في ايران يستبعدون، في هذه المرحلة، أن تشنّ الولاياتالمتحدة حرباً عسكرية شاملة عليها، كتلك التي شنتها على العراق. غير ان الادارة الأميركية لا تريد، في هذه المرحلة، أكثر من أن تصبح ايران "دولة حيادية" أو "دولة مشلولة" في قضايا الشرق الأوسط، وفي مقدمها القضية الفلسطينية التي تريد واشنطن ان تنهيها على الطريقة الأميركية - الصهيونية. ولكن يبدو أن المسؤولين في طهران آثروا أن يتخذوا لأنفسهم دور "المراقبين" ليس إلا. طرابلسلبنان - بسام حمودة