حرصت ايران على تعزيز علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي، في وقت صعدت فيه لهجتها ضد كل من واشنطن وتل ابيب، اذ رفضت انتقاداتهما على التجربة التي اجرتها على صاروخ "شهاب 3"، ورأت بالتزامن مع زيارة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ان التجربة الصاروخية تصب في خدمة الاستقرار والأمن في المنطقة. وشمل التصعيد الايرانيبغداد ايضاً التي اتهمها الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني بمواصلة سياستها العدوانية تجاه طهران بسبب دعمها منظمة "مجاهدين خلق"، واعتبر رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هذا الموقف العراقي خرقاً لبنود اتفاق وقف النار. رسمت هذه المواقف مجتمعة صورة من الهدوء تجاه دول مجلس التعاون الخليجي، توازيها صورة من التوتر مع الولاياتالمتحدة واسرائيل والعراق على رغم اختلاف معطيات هذا التوتر. ونددت الحكومة الايرانية بردود فعل كل من واشنطن وتل ابيب على التجربة التي اجرتها بنجاح القوات المسلحة الايرانية على صاروخ "شهاب 3". ووضع كمال خرازي وزير الخارية الايراني هذه التجربة في "خدمة الأمن والاستقرار في المنطقة"، مشيراً الى انها تؤدي الى رفع قدرات الدول الصديقة، معتبراً انها تأتي في اطار تقوية البنية الدفاعية، وضمن مبدأ الردع الذاتي. وندد الوزير الايراني ب"ازدواجية المعايير" في التعاطي مع المنطقة وسأل: "لماذا يحق لاسرائيل ان تملك مختلف أنواع الأسلحة الهجومية بما فيها أسلحة الدمار الشامل خصوصاً النووية، ولا يحق لدول المنطقة ان تحصل على أسلحة دفاعية". وفي اشارة الى تصريحات وزارة الدفاع الاميركية الداعية الى اقامة نظام صاروخي للردع في المنطقة اتهم خرازي "الولاياتالمتحدة والكيان الصهيوني بمحاولة تبرير سباق التسلح وتأمين موازنة لهذا السباق عبر اثارة قضية قوة الردع الايرانية التي تعتبر حقاً مشروعاً وطبيعياً". ووجه خرازي رسالة طمأنة الى دول المنطقة وبخاصة الخليجية منها وقال: "ان القدرات الدفاعية للجمهورية الاسلامية هي في خدمة الاستقرار والأمن في المنطقة، كما ان تعزيز هذه القدرات يؤيدون الى رفع مستوى القدرات الدفاعية للدول الصديقة". وكانت وزارة الدفاع الايرانية اكدت ان "صاروخ شهاب 3" لن يسقط يوماً في بلد اسلامي، وذلك في اشارة الى أن هدفه سيكون اسرائيل، خصوصاً ان طهران حذرت تل ابيب مراراً من ان ردها سيكون قاسياً اذا ما تعرضت لاعتداء اسرائيلي. وازداد قلق ايران اثر التحالف العسكري التركي - الاسرائيلي اذ انه يخول الطائرات الحربية الاسرائيلية التحليق بمحاذاة الاجواء الايرانية. وتزامنت الحملة الايرانية ضد واشنطن وتل أبيب في وقت اشاعت فيه زيارة أمير قطر الى طهران. مزيداً من الارتياح الناجم عن تطور العلاقات بين طهران وعواصم دول مجلس التعاون الخليجي. وقال الشيخ حمد ان بلاده ترغب في تطوير التعاون بين الدوحةوطهران وبخاصة في مجال الغاز والبتروكيماويات. وأوضح ان علاقات البلدين كانت جيدة ومتنامية باستمرار، وسيكون للتعاون البناء نتائج ايجابية مفيدة للمنطقة أكثر من السابق. وحرص أمير قطر على الإشارة بشكل غير مباشر الى الخلاف الايراني - الاماراتي على الجزر الثلاث في الخليج طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى. وجدير بالذكر ان قطر هي احدى الدول الاعضاء في اللجنة الثلاثية المنبثقة من مجلس التعاون الخليجي والمكلفة ايجاد السبل لتهيئة الاجواء بين طهران وأبوظبي لحل خلافهما. وبحث الرئيس خاتمي والشيخ حمد في قضية انتقال رئاسة منظمة المؤتمر الاسلامي من ايران الى قطر في الدورة المقبلة، كما حظي التعاون الاقتصادي والتجاري بأهمية، مع التوقيع على مذكرات تفاهم عدة بهذا الشأن، أهمها منع الازدواج الضريبي. وصدر في نهاية زيارة أمير دولة قطر بيان مشترك أعلن دعم طهرانوالدوحة لموقف سورية في انهاء الاحتلال الاسرائيلي لكامل الجولان السوري، والتضامن مع الشعب الفلسطيني وانهاء الاحتلال الاسرائيلي لأراضيه. وعبر الطرفان عن حرصهما على حفظ سيادة العراق ووحدة اراضيه وسلامته الاقليمية وعدم التدخل في شؤونه الداخلية. وحض خرازي الجانب القطري ودول المنطقة على الاستثمار في ايران ضمن مشارعي الخطة الخمسية الثالثة للتنمية الشاملة. وفي مقابل تطور العلاقة مع دول مجلس التعاون "ظلت العلاقة بين طهرانوبغداد محكومة بالتوتر ووقف اطلاق النار" حسب تعبير رفسنجاني، الذي أوضح ان أحد العوائق أمام اصلاح العلاقات دعم العراق منظمة "مجاهدين خلق"، ورأى "ان العراق على رغم كل مشاكله يواصل سياسته المعادية لايران بشكل علني عبر هذا الدعم". واعتبر ان "وجود المنافقين منظمة خلق في العراق هو نقض لبنود اتفاق وقف النار بموجب القرار الدولي 598 الذي انهى الحرب"، واضاف: "هذا دليل واضح على العداوة وعدم الصدقية مع ايران". وكانت منظمة "مجاهدين خلق" التي تتخذ من العراق مقراً لها، نفذت هجمات بقذائف الهاون في طهران استهدفت مراكز سياسية وأمنية وأصاب بعضها أهدافاً مدنية وبخاصة منذ مطلع العام الجاري.