"إنس صدام حسين ونظامه الظالم". فالعصابة التي يخشاها الجميع على الطريق السريع الذي يربط الموصل بمدينة تكريت الشمالية، مسقط رأس صدام ليس لها أي علاقة بحزب البعث. أفراد هذه العصابة يُعرفون بالمحاميد، وهم إحدى العشائر البارزة في هذه المنطقة. في ظل الفوضى التي ظهرت على طول الطريق الممتد 140 ميلاً بين الموصل وتكريت منذ سقوط نظام صدام، ظهر هؤلاء اكثر شراسة من غيرهم، كما يقول مسافرون وسكان يعيشون على جانبي الطريق بين المدينتين. وقال حاسم، وهو صاحب محطة مهجورة للشاحنات ويشتكي من ان أفراد العصابة نهبوا محطة وقوده: "إنهم خطيرون جداً". وأضاف: "لقد سرقوا دائماً، حتى في ظل صدام". وقال جندي في القوات الخاصة الأميركية يحرس نقطة على الطريق السريع في الموصل، يوم الأحد، ان قوات التحالف أمّنت الطريق الى تكريت. وتولى عناصر ميليشيات كردية وعربية معارضة حراسة الحاجز الأخير الواقع على بعد سبعة أميال جنوب الموصل. وبعد ذلك يبدو الطريق السريع مهجوراً لولا بضعة قرى للبدو ومدن عراقية صغيرة تتوزع في وادي الرافدين. وتزيد كآبة المشهد صهاريج البترول والسيارات المحروقة، والدبابات والقطع العسكرية المهجورة، والصور المخربّة لصدام حسين. وحذّر رجال قبائل المسافرين الذين توقفوا لتأمين وقود، من عدم التوقف طويلاً على جانب الطريق، شارحين الحرمان الذين عانوه في ظل صدام وأفراد العصابات. وقال حامد، وهو معلّم بدوي تحدث من بيته المبني بالطين قرب الشرقات، "انظر الى أطفالي ... إنهم منهكون. الأطفال جياع". وعند نقطة التفتيش التالية تحت القوسين اللذين يزيّنان مدخل تكريت، تظهر صورة لصدام مبتسماً، في إشارة الى ان حزب البعث لا يزال موجوداً. لكن عصابات النهب، مثل المحاميد، يسيطرون الى الأرض بين نقطتي التفتيش. وتريد قوات "التحالف" ان تبسط سيطرتها على طول الطريق السريع، لكن الميليشيات الكردية البيشمركة لا تتجرأ ان تذهب بعيداً الى داخل المناطق العربية التقليدية. ويحاول "التحالف" ان يستخدم ميليشيات عربية عراقية في الموصل لبسط سيطرته على هذه المدينة التي تُعد مليوناً و700 الف نسمة، وحيث يقف مسلحون عرب لحراسة الأحياء العربية. ولا يزال العنف المتقطع يلف المدينة على رغم تراجع التوتر الذي عمّ الموصل في يوم من القتال الإثني الذي أوقع 30 قتيلاً من العرب والأكراد. على مدخل المستشفى الجمهوري في الموصل وقفت سيارة يخترق الرصاص زجاجها الأمامي وبقع دم على مقعد سائقها. ويقول عامر جابر والي 33 سنة، وهو عنصر في ميليشيات يدعمها "التحالف"، ان ركاب السيارة "سارقون أكراد". وقال عنصر من القوات الخاصة الأميركية عند مدخل الموصل ان ما يزيد من تعقيد الوضع "ان كل واحد يملك بندقية" وفي وقت لاحق الأحد، أصيب جندي أميركي بالرصاص في ساقه خلال مروره أمام مجموعة من الناس تلوّح له. وسار عناصر القوات الخاصة بشاحنة تحمل مكبّراً للصوت وناشدوا السكان المساعدة في تحديد مُطلق النار.