تنشر في الآونة الأخيرة، سواء في صحيفتكم الموقرة أو الصحف ومواقع الانترنت الأخرى، أخبار وتعليقات متضاربة حول تركيا. وعلى رغم كون معظمها سلبياً، الا ان الايجابية منها موجودة. عاشت تركيا كثيراً من الصعاب، وتركت وحدها في مواجهة ما يقارب ال500 ألف لاجئ، في حرب الخليج عام 1991، فضلاً عن خسائرها الاقتصادية والتجارية مع العراق التي بلغت نحو الخمسين بليون دولار. وعانت من الارهاب الذي استخدم شمال العراق، واستغل انعدام السلطة في تلك المنطقة ليتربى فيها، ويتسلل الى الأراضي التركية لتنفيذ عملياته في البلاد. وراح ضحيتها ما يقارب 30 ألف مواطن تركي طوال 15 عاماً. فبعد كل هذه المحن والمصاعب، تريد بعض الأطراف ان تبقى تركيا مكتوفة الأيدي أمام التطورات الخطيرة التي تحدث بالقرب منها. والسبب غير معروف! فما هي السياسة التي تنتهجها الدولة التركية إزاء المنطقة؟ وما هي نظرتها الى المنطقة؟ صحيح ان الشعب التركي شعب محارب، ولكن من يحارب؟ الظالم والجور. لقد أولت الجمهورية التركية، بحكوماتها وأحزابها المعارضة والمتعاقبة على السلطة، جل اهتمامها لعلاقات حسن الجوار مع جاراتها. وخير مثال على ذلك مستوى العلاقات الثنائية الجيدة مع كل من بلغاريا وسورية واليونان. والعراق الذي تربطها به روابط التاريخ والدين والثقافة المشتركة، وكذلك علاقات القرابة، وعلى رغم ما يعانيه اقارب الشعب التركي، من تركمان وأكراد، على يد السلطة العراقية، فإن تركيا تبذل قصارى جهودها من اجل حماية وحدة أراضي العراق وسيادته. وتطالب بتقاسم ثروات العراق من قبل جميع افراد الشعب العراقي، وفئاته كلها. إن تركيا تريد ان لا تعيش ما عاشته في عام 1991، فلا يضطر الناس لترك ديارهم وأعمالهم، ولا تجابه بلاء الارهاب مجدداً بعد نضال مرير قدمته لسنوات طويلة في مكافحته. ولكنها على يقين من انه لا يسعها ان تتهاون في اتخاذ التدابير اللازمة من اجل حماية مصالحها الوطنية. ان مشاهدة الوجه القاسي للحرب والدماء والمآسي والتنهد والآلام والدموع والمدن المهدمة واستغاثة الاطفال والنساء والأناس الأبرياء، ثم غض النظر على استمرارها، أمر يستحيل القبول به. فالفاجعة هذه لا بد لها ان تنتهي أو أن تحسم. أنقرة زياد كوبرولو [email protected]