العالم على موعد اليوم مع انطلاق بطولة العالم لسباقات سيارات فورمولا واحد لعام 2003، والتي تبدأ بجائزة استراليا الكبرى في ملبورن، أولى جولات المنافسات التي تتضمن هذا العام 16 جولة بعد إلغاء جائزة بلجيكا الكبرى بسبب إصرار السلطات على تطبيق قرار حظر الإعلانات عن التبغ في المناسبات الرياضية. وبعد أن هدأت المحركات العملاقة الصاخبة نحو أربعة أشهر قام خلالها المعنيون بهذه الرياضة بإدخال بعض التعديلات على اللوائح المنظمة لبطولة العالم، كما عملت الفرق المشاركة على إجراء تغييرات وتعديلات تقنية وبشرية على سياراتها وسائقيها... ستبدأ المسيرة من جديد وستدور المحركات مجدداً. كعادة السنوات الأخيرة، ستكون الأنظار متوجهة والأضواء مسلطة على بطل العالم الألماني ميكايل شوماخر سائق فريق فيراري الإيطالي لمعرفة ما إذا كانت التعديلات القانونية الجديدة التي ستدخل حيز التنفيذ اليوم ستؤثر في قدراته وبراعته في الاحتفاظ بلقب السائقين لنفسه والصانعين لسيارته عندما تبدأ منافسات بطولة العالم لسباقات سيارات فورمولا واحد اليوم في استراليا. وسُنت التعديلات الجديدة خصيصاً للحد من التفوق الباهر لشوماخر وفيراري بعد أن بات فوزهما ببطولة العالم مضموناً قبل أن تنتهي المنافسات بمراحل كثيرة، ما أفقد الحدث أهميته ووهجه وخفف من الإقبال الجماهيري على مراحله الأخيرة. وشملت هذه التعديلات توزيع النقاط على السائقين الثمانية الأوائل، ومنع استخدام أنظمة التحكم عن بعد لمعالجة بعض الأعطال وزيادة فاعلية الأداء، وإلغاء استخدام أجهزة الاتصال بين السائقين ومسؤولي الفرق، وعدم السماح بتجهيز سيارات خاصة بتجارب التأهل... وأخيراً السماح لكل سائق بلفة واحدة فقط لتحديد مركزه عند نقطة الإنطلاق. وتتضمن بطولة العالم، وهي المناسبة الأرفع على الإطلاق في رياضة السيارات عموماً، 16 جولة هذا العام تقام على التوالي في استراليا وماليزيا والبرازيل وسان مارينو وإسبانيا والنمسا وموناكو وألمانيا وبريطانيا وألمانيا مرة أخرى والمجر وبلجيكا وإيطاليا والولايات المتحدة الأميركية قبل أن تختتم في اليابان. ويقّدر عدد الذين يتابعون البطولة سنوياً بنحو 70 بليون متابع من موقع الأحداث وأمام شاشات التلفزيون العالمية التي تهتم كلها بنقل هذا الحدث العالمي، ويكفي أن نعرف أن نحو مليوني عربي يتابعون كل جولة من جولات البطولة عبر الفضائيات العربية التي باتت توفر لمشاهديها وقائع السباقات على الهواء مباشرة مع وصف وتحليل لأدق المجريات عبر محللين اختصاصيين على درجة عالية من الكفاية، لنعرف مدى الزيادة المضطردة في شعبية هذه المنافسات في وطننا العربي. واللافت أن عدداً من الدول العربية هي مصر ولبنان والإمارات والبحرين لم تكتف فقط بالمشاهدة، بل تقدمت للاتحاد الدولي لرياضة السيارات فيا بطلبات لإنشاء حلبات لسباقات فورمولا واحد على أراضيها لتضمن مستقبلاً استضافة إحدى جولات بطولة العالم بين ربوعها. ولقد قُدر لمملكة البحرين تحديداً أن تفوز في هذا "السباق العربي" حين نالت موافقة الفيا على إنشاء حلبة على أعلى مستوى على الصعد الفنية والأمنية والجماهيرية كافة، وهي بدأت في تشييدها بالفعل بل وتسير معدلات العمل فيها بأسرع من البرنامج المعد لإنهائها في العام المقبل لتكون مستعدة لاستقبال إحدى جولات بطولة العالم. وتريد البحرين أن تكون جولتها الأولى في عالم سباقات سيارات فورمولا واحد مميزة لا ينساها التاريخ أبداً، فهي تأمل بأن تنال شرف تنظيم الجولة الأخيرة من عام 2004 حتى يتم تتويج بطل العالم على أراضيها... كما أن عظمة هذه المناسبة ستزداد حتماً لو تمسك بطل العالم شوماخر بقرار اعتزاله عقب منافسات بطولة ذلك العام تحديداً، فتصطاد البحرين بذلك عصافير عدة بحجر واحد. وللتذكير فقط، فان رياضة السيارات، وخصوصاً بطولة العالم لسيارات فورمولا واحد، هي من أعقد الرياضات في العالم وأصعبها وأنجحها وأكثرها سرية لأنها تمثل عالماً قائماً بذاته فيه إنفاق كثير وأرباح أكبر... كل شيء فيه مبرمج على أعلى المستويات، فهي عملية تجارية مربحة اتخذت من عشق عدد كبير من البشر بعنصري السرعة والمغامرة طريقاً لنجاحها. ويبقى أهم ما في هذا العالم الخاص مجموعة من البشر يتسمون بالشجاعة ويتمتعون بأعصاب من حديد يضعون رؤوسهم على أكفهم من أجل إمتاع محبيهم ومحبي هذه الرياضة المثيرة... أنهم السائقون الذين يندفعون بسياراتهم إلى معدلات سرعة تفوق أحياناً 350 كلم/ساعة بفضل التقنيات الحديثة المتطورة جداً، والتي هي نتاج جهد دؤوب يمتد 24 من 24 ساعة ، و365 من 365 يوماً. جنسية فيراري وإذا كان فريق فيراري "الإيطالي" هو الأشهر حالياً لأنه يسيطر على بطولتي العالم للصانعين والسائقين، فاللافت أن نجوم هذا الفريق الذي حقق كل هذه الإنجازات الأخيرة هم من الأجانب... فالرئيس هو الفرنسي جون تود، والسائقان الأساسيان أحدهما ألماني هو شوماخر والثاني برازيلي هو روبنز باريكيللو، وكثيرون ممن يعملون من حولهم هم من جنسيات غير إيطالية. ويرى المسؤولون عن الفريق وعلى رأسهم الإيطالي انزو مونتيزيمللو أنه لا مجال للتفريق بين الجنسيات في هذا الميدان، لأن الجميع منصهر في جنسية واحدة تابعة لفيراري... فالمهم ما يحققه عناصر هذا الفريق من انتصارات لا ما يحملون من جوازات. وفي كل الأحوال صارت فيراري رمزاً للسرعة والإنجازات، لكن ما هي أفضل سياراتها التي ظهرت حتى الآن؟ مؤسس الشركة انزو فيراري وأحد أهم العناصر التي ساهمت في تأسيس لجنة سباقات فورمولا واحد قبل 53 عاماً، أجاب عن هذا السؤال غير مرة قبل وفاته "هي تلك السيارة التي لم أصنعها بعد". والواضح أن أسلافه يسيرون على النهج ذاته لأنهم لا يكفوا عن التطوير أو التحديث، وهذا العام سنتعرف على سيارة جديدة أكثر تطوراً لكننا لن نشاهدها تتنافس خلال الجولات الثلاث الأولى المقررة خارج أوروبا... لأن أصحابها أرادوا لها أن يكون ظهورها الأول في "موطنها"، وتحديداً في سان مارينو. أما الفرق العشرة المشاركة، فهي إلى جانب فيراري، وليامس وماكلارين ورينو وساوبر وجوردان وبار وجاكوار وتويوتا وميناردي. وشهدت هذه الفرق عدداً من التغييرات على أطقم بعضها، فانتقل السائق البريطاني جنسون باتون من رينو إلى بار، وحل الاسباني فرناندو ألونزو بدلاً منه في رينو بعدما كان سائقاً للتجارب في الفريق ذاته. وعاد الألماني هانز هيرالد فرنتزن إلى فريقه السابق سوبر بعد موسمين قضاهما مع جوردان التي ضمت وجهاً جديداً أيضاً هو البريطاني رالف فريمان. وانتقل الاسترالي مارك ويبر من ميناردي إلى جاكوار، وضمت الأخيرة السائق الجديد البرازيلي أنطونيو بيزونا. وعاد السائق الهولندي جوس فرستابن إلى المنافسات بعد غياب دام عامين، وهو أنضم إلى ميناردي ومعه البريطاني الجديد جستن ويلسون. وترك الفرنسي أوليفييه بانيس فريقه بار وانتقل إلى تويوتا التي ضمت أيضاً البرازيلي كريستيان داماتا بعد تألقه في سباقات الكارت الأميركية في الأعوام الماضية.