يتذكر المسؤولون الأميركيون المنهمكون في خطط لإطاحة نظام الرئيس صدام حسين، عملية أخرى شبيهة نفذتها القوات الأميركية عام 1989، عندما أطاحت حكم الرئيس البنامي مانويل نورييغا، واقتادته أسيراً. ويقول المسؤولون الأميركيون ان الجيش الأميركي وجهاز الاستخبارات سي آي إيه لم يكونا على علم بمكان وجود نورييغا لدى بدء الحملة ضده، في وضع قد يكون مشابهاً لحال صدام. ويروي بيتر آيزنر واضع كتاب السيرة الشخصية لنورييغا أن الأخير لم يكن على علم بموعد الحملة الأميركية، وكان في مكان قريب جداً من الموقع الذي نزلت فيه القوات الأميركية لخلعه واعتقاله. وظل برهة ليست قصيرة يشاهد عملية الإنزال من شرفة فندق قريب. ويضيف آيزنر أن نورييغا ظل يتجول في أنحاء عاصمة بناما لمدة أربعة أيام، تنقل للإقامة خلالها في منازل عدد من أصدقائه، فيما كانت القوات الأميركية تقلب الأرض بحثاً عنه. ونقل عن الجنرال كولن باول، وزير الخارجية الأميركي الحالي، قوله خلال تلك الحملة ان نورييغا "بلطجي محترف، ضللنا، لكننا سنواصل البحث عنه". أما المسؤولون الأميركيون الحاليون فيعتقدون أن نورييغا فعل ذلك، على رغم أن مقدرته على الخداع والتضليل لا ترقى الى مقدرة صدام، علاوة على أن الأخير ليس كنورييغا، إذ لديه إنذار منذ فترة طويلة عما ينتظره. وقال الجنرال الأميركي المتقاعد مارك سيسينيروس، نائب قائد الحملة على بناما لشبكة "سي بي اس" ان من الصعب جداً القبض على شخص قادر على التنقل والحركة، مشدداً على أهمية الدور الذي ينبغي لأجهزة الاستخبارات ممارسته في العراق لتجنب تكرار الخطأ الذي ارتكب مع نورييغا. وحذر سيسينيروس من سقوط الجنود الأميركيين في مكامن أثناء دخولهم بغداد، مشيراً إلى أن غالبية ضحايا الجيش الأميركي في حملة اعتقال نورييغا، سقطت برصاص القناصة والمعارك التي كانت أشبه بحرب شوارع. وزاد ان عدد ضحايا تلك العملية تجاوز ضحايا الجيش الأميركي في عملية "عاصفة الصحراء" في الكويت. يذكر أن مطاردة نورييغا قادته للاحتماء بسفارة الفاتيكان في بناما، حيث حوصر حتى سلم نفسه. لكنه واجه الحملة لبضعة أيام في بلد صغير، ليس كالعراق، وبلا مخابئ وحجرات مصفحة سرية وخطط جاهزة... للهروب.