ذكرت مجلة "نيويوركر" في عددها الأخير ان عدداً من الاستراتيجيين الاميركيين الذين خططوا للحرب على العراق اتهموا وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد بأنه تجاهل عمداً توصياتهم لزيادة عدد الوحدات المشاركة في العمليات. ونقلت المجلة في عددها الذي يصدر اليوم عن احد هؤلاء ان استراتيجيي قيادة اركان الجيوش الاميركية طالبوا بنشر اربع فرق اضافية في الخليج وتمركز مئات الدبابات والسيارات المدرعة في المنطقة بهدف تجهيز هذه الفرق، الامر الذي رفضه رامسفيلد رفضاً قاطعاً، لأنه "كان يعتقد بأنه يعرف في هذا الامر اكثر منا. هو الذي اتخذ كل القرارات في كل مرحلة". وقالت المجلة ان رامسفيلد تمسك ست مرات على الاقل، خلال فترة الاعداد للحرب، بخفض العدد المقترح للقوات البرية بشكل كبير و نفذ رأيه. واضافت في المقال الذي كتبه الصحافي المخضرم سيمور هيرش، نقلاً عن مسؤول كبير سابق في الاستخبارات، لم يذكر اسمه ان رامسفيلد "كان مركزاً جداً على اثبات وجهة نظره.. وهي ان العراقيين سينهارون". ونقل هيرش عن هذا المسؤول ان الحرب تواجه مأزقاً الآن، وانه تم استهلاك كثير من امدادات صواريخ "توماهوك". كما ان القنابل ذات التوجيه الدقيق ستنفد من حاملات الطائرات. وتواجه الدبابات والعربات المدرعة والمعدات الاخرى مشكلات صيانة خطيرة. وقال المسؤول: "الأمل الوحيد ان يستطيعوا التماسك الى ان تصل تعزيزات". وقال مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون فضلوا عدم كشف اسمائهم ان رامسفيلد يتحمل المسؤولية المباشرة عن الوضع الحالي الذي تواجهه القوات الاميركية المتوقفة منذ ايام على أبواب بغداد، خصوصاً بسبب النقص في التموين والذخيرة والمواد الغذائية. وقال هذا المسؤول: "ان رامسفيلد نفسه هو الذي خلق هذه البلبلة، لأنه لم يوافق على نشر الكثير من القوات البرية" في المنطقة، معتبرا ان وزير الدفاع أراد "شن الحرب باقل كلفة ممكنة"، ملاحظاً ان رامسفيلد ومساعديه الرئيسيين بول وولفويتز ودوغلاس فيث الذين اعدوا ترتيبات الحرب "كانوا مأخوذين جداً بنظرية "الصدمة والترويع" حيث بدا لهم النصر مؤكداً". وذكرت "نيويوركر" انه بعد رفض البرلمان التركي السماح بمرور قوات اميركية عبر الاراضي التركية لفتح جبهة شمال العراق، طالب قائد عملية "الحرية للعراق" الجنرال تومي فرانكس تأخير الحرب حتى تتمكن هذه القوات من التدخل عن طريق بلد آخر. لكن رامسفيلد "ضرب عرض الحائط" هنا ايضا بهذا الطلب. وقال أحد استراتيجيي البنتاغون للمجلة "انه أمر مأسوي، لأن أرواحاً اميركية قد زهقت". فخ افغانستان من جهة أخرى، قال خبراء عسكريون باكستانيون ان قوات التحالف يمكن ان تواجه حرب عصابات دموية "مكلفة لا نهاية لها" في العراق، تشبه الفخ الذي وقع فيه الاتحاد السوفياتي في افغانستان. كما يمكن ان ينضم الى هذه الحرب متطرفون عرب آخرون مع "تنامي المشاعر القومية العربية". واضاف الخبراء الباكستانيون: "اذا واصل العراقيون مقاومتهم بطريقة غير عسكرية مباشرة وخسائر بشرية كبيرة في الجانبين، فان الولاياتالمتحدة ستدخل بذلك حرب احتلال طويلة من المستحيل ان تنتصر فيها". ورأى الجنرال حميد جول الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الباكستاني ان استراتيجية الرئيس صدام حسين في الجمع بين حرب العصابات والحرب التقليدية تشكل "فصلاً جديداً في تاريخ الحروب". واوضح ان "صدام حسين لم يضيع وقته خلال 12 سنة وقام بإنشاء قوات غير رسمية هي فدائيو صدام والحرس الجمهوري وعبأها ودربها وجعل منها قوة تتمتع بكفاءة عالية". ورأى جول الذي ترك منصبه في تشرين الأول اكتوبر 2001 ان المخططين العسكريين الاميركيين "استهانوا بالعراقيين لذلك شهدت العمليات الاولى حال ارباك"، معتبرا انه "خطأ استخباراتي جسيم اسوأ من الخطأ الذي لم يسمح بمنع اعتداءات الحادي عشر من ايلول سبتمبر 2001". إلى ذلك، قال جنرال بريطاني ان مخططي الحرب لم يدركوا تماما كيف يمكن لصدام بسهولة استخدام التخويف لاعاقة جهود الحلفاء لكسب ثقة المواطن العراقي العادي. وقال الميجر جنرال البرت ويتلي الذي ساعد في التحضير للحرب في مؤتمر صحافي في الكويت: "النظام العراقي حكم شعبه وسيطر عليه بالتخويف على مر السنين. وهذا شيء لم ندركه بالكامل ولم نقدر ما يمكن ان تفعله 12 عاماً من الخوف بالناس". مشيراً الى الفترة منذ ان سحقت انتفاضة في الجنوب بعد حرب الخليج العام 1991 عندما سحبت الولاياتالمتحدة تأييدها للمعارضين. كما صرح وزير الدفاع الاسترالي روبرت هيل ان وزارة الدفاع الاميركية قللت في تقديراتها من شأن قوة الميليشيات العراقية، مما ادى الى تأخير تقدم الحملة الجارية. وقال هيل لشبكة تلفزيونية: "اعتقد بأنهم استهانوا بدور الميليشيات في المدن. انها هنا اساساً لمراقبة المجتمع المدني لكنها تنتمي الى مخطط دفاعي وتقاتل بجدية وهذا ادى الى تأخير تقدم القوات بضعة ايام".