كشفت صحيفة "نيويورك تايمز"أن عدداً من المسؤولين الأميركيين والمعارضين العراقيين وكبار العاملين في مؤسسات الإغاثة الدولية تقاطروا على البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والدفاع البنتاغون الأميركيتين حاملين معهم رسالة واحدة واضحة تتعلق بمستقبل العراق في حال اتخاذ قرار بإسقاط نظام الرئيس صدام حسين، مفادها أنه من دون خطة محكمة لإدارة البلد بعد إزاحة صدام ستعم الفوضى وتنتشر عمليات العنف والسلب والنهب. ويأتي تقرير الصحيفة أمس ليدحض ما أعلنته إدارة الرئيس بوش في أكثر من مناسبة خلال الأشهر الثمانية الماضية من أنها خُدعت في شأن مستقبل العراق وألقت باللوم تارة على أجهزة الاستخبارات الأميركية وتارة أخرى على رموز المعارضة العراقية. وقالت إنهم صوروا لها أن الشعب العراقي سيستقبل القوات الأميركية بالزهور والرياحين. وقالت الصحيفة إن قيادة الجيش الأميركي في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون، وهي القيادة نفسها التي أعدت خطة الحرب لإدارة بوش، أجرت مناورات عسكرية العام 1999 استعداداً للهجوم على العراق وإسقاط صدام تحت قيادة الجنرال أنتوني زيني رئيس هيئة القوات المشتركة، قدمت على أثره تقريراً تضمن تحذيرات شديدة من الإقدام على مثل هذه الخطوة وأشار إلى مخاطر أمنية شاملة قد تنتج عنها. ونقلت عن زعيم الحزب الديموقراطي الكردستاني مسعود بارزاني أنه "في أكثر من مناسبة حذرت الأميركيين أنه إذا لم تكن هناك منذ اللحظة الأولى خطة جاهزة لحكومة بديلة سيحدث فراغ للسلطة وستعم الفوضى وعمليات السلب والنهب". وأضاف انه "بنظر إلى تاريخ العراق، كان واضحاً أن هذا الأمر واقع لا محالة". كذلك الحال مع البروفيسور العراقي كنعان مكية الذي أبلغ الصحيفة أنه شارك في عدد كبير من المشاورات مع مسؤولين في البنتاغون والإدارة الأميركية بشكل عام والتقى الرئيس بوش شخصياً مرتين. وأكد أنه حذر خلال هذه اللقاءات من خطورة احداث فراغ سياسي في العراق. مع ذلك أعد مسؤولو البنتاغون خطة الحرب بسرعة خلال شتاء العام الماضي في ضوء رؤيتهم للعراق بأنه قابل للانقياد بعد سقوط صدام أكثر مما توقعت الأصوات المحذرة. وقال مسؤولون أميركيون إنه بناء على هذه الرؤية أمر وزير الدفاع دونالد رامسفيلد بتقليص حجم القوات التي تخوض الحرب قدر الإمكان والاعتماد على عنصري المفاجأة والسرعة في العمليات العسكرية. وأضافوا ان واضعي خطة الحرب كانوا يعارضون أي اقتراح في حينه لإرسال عدد إضافي من القوات للحفاظ على النظام. وكشفت الصحيفة أيضاً أن خطة الحرب افترضت بقاء جهازي الجيش والشرطة العراقيين على مستوى الأفراد والضباط من دون القيادات العليا على ما كانت عليه وأن تواصل القيام بمهماتها بعد سقوط صدام، الأمر الذي ثبت فيما بعد أنه خطأ فادح. ونقلت الصحيفة عن مكية قوله أن سبب المشاكل التي تواجه العراق حالياً كامن داخل الولاياتالمتحدة. وقال: "هذا البلد العراق وقع ضحية للصراعات الشديدة داخل الحكومة الأميركية في شأن السياسة تجاهه". في اشارة الى الصراع بين وزارة الخارجية ووزارة الدفاع.