أفادت صحيفة "بوسطن غلوب" ان ادارة الرئيس جورج بوش، المتحمسة لاثبات ان العراق يخفي أسلحة دمار شامل، تشهد جدلاً داخلياً ساخناً حول هل ينبغي العمل من أجل عودة مفتشي الاسلحة إلى العراق كي يساعدوا في كشف ترسانة الأسلحة الكيماوية أو البيولوجية أو النووية التي يشتبه في أن النظام العراقي يمتلكها. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في الإدارة الاميركية والاممالمتحدة قولهم إن فريق المفتشين سيساعد في اثبات صحة ما قد يُكشف عنه، أمام مجتمع دولي يتخذ موقفاً مشككاً. لكن معارضين في الادارة لا يثقون بمراقبة الأممالمتحدة، في اعقاب مشاحنات متكررة مع هانس بليكس رئىس لجنة "انموفيك". وقال أحد المسؤولين، الذين شاركوا في النقاش داخل الإدارة، إن مساعدي بوش "متحمسون" لاثبات صحة الاتهامات بأن العراق يملك أسلحة دمار شامل، والتي كانت المبرر الأساسي الذي استندت إليه الادارة لشن الحرب، لكنهم لم يحسموا موقفهم بعد من اعطاء الاممالمتحدة دوراً متكافئاً في تقويم الاسلحة العراقية. كما أكد مسؤول في المنظمة الدولية ان "هناك جدلاً داخلياً" في الحكومة الاميركية حول الموقف من اعطاء دور رسمي للأمم المتحدة. ورفضت ناطقة باسم وزارة الخارجية الاميركية ان تناقش المداولات الجارية في الادارة، لكنها قالت إن السعي إلى مساعدة من الاممالمتحدة في التحقيق في امتثال العراق للقيود المفروضة على الاسلحة، لا يحتل الآن أولوية. وقالت كاثي ديل، الناطقة باسم مكتب الحد من انتشار الاسلحة في الوزارة: "تركيزنا ينصب الآن على العمليات الحربية في العراق، ونواصل تقويم مجموعة من الخيارات في شأن دور لمفتشي الاسلحة في عراق ما بعد الحرب". وعلى رغم آمال الإدارة بأن تتمكن القوات الأميركية والبريطانية بسرعة من كشف أدلة على وجود برنامج للأسلحة الكيماوية أو البيولوجية أو النووية، لم يعثر حتى الآن على أي ادلة، كما قال مسؤولون عسكريون أمريكيون، وما زال معظم المواقع المدرجة على لائحة أعدها البنتاغون خاضعاً لسيطرة النظام العراقي. ولم يؤد إلى أي دليل، تفتيش مواقع مشتبه فيها، كان مخبرون عراقيون ذكروا أنها قد تكون على صلة بأسلحة الدمار الشامل، من ضمنها مواقع في النجف وأم قصر. وعثرت قوات "المارينز" على خزين أقنعة وبدلات واقية من الأسلحة الكيماوية في جنوبالعراق الثلثاء الماضي، ولكن ليس واضحاً بعد هل هذه المعدات ترجع الى الحرب العراقية - الإيرانية عندما استخدمت القوات العراقية غاز الأعصاب ضد الايرانيين، أو انها مؤشر الى نيات أحدث عهداً للاستعداد لحرب جرثومية او كيماوية. ومع ذلك فإن المسؤولين الاميركيين لا يزالون، بحسب الصحيفة، واثقين بأنهم سيعثرون بعد اطاحة نظام الرئيس صدام حسين على ما يكفي من الأدلة على امتلاك أسلحة محظورة، للتغلب على أي شكوك في شأن الادعاءات الاميركية. ولكن يبقى موضع تساؤل هل سيقبل المجتمع الدولي استنتاجات الولاياتالمتحدة، من دون تأكيد من مصادر دولية. ونقلت "بوسطن غلوب" عن المسؤولين قولهم ان كثيرين في الحكومة الاميركية يعتقدون بأن هناك حاجة إلى مزيد من الخبراء الدوليين، لانجاز مهمة نزع اسلحة العراق، وكذلك - بدرجة أكثر أهمية على الأرجح - لاضفاء صدقية على المسعى الاميركي. لذلك يضغطون من أجل عودة لجنة "انموفيك" التي أجلت المفتشين عشية الحرب. كما تضغط الحكومة البريطانية لإعطاء دور واسع للأمم المتحدة في العراق، بعد الحرب، بما في ذلك الحاجة لاضفاء صدقية دولية على مساعي نزع السلاح. وأوضح المسؤولون ان الخلاف داخل إدارة بوش يميل الى ان يكون بين مسؤولي وزارة الخارجية الذين يفضلون مشاركة الأممالمتحدة في التحقق من برامج الأسلحة العراقية، وبين مسؤولي وزارة الدفاع الذين يريدون ان تبقى جهود نزع الأسلحة تحت سلطة أميركا وحدها. وجنّد بعض مسؤولي البنتاغون أخيراً مفتشين سابقين، ونفى ناطق باسم الوزارة وجود مثل هذا المسعى. لكن مفتشين دوليين أبلغا "بوسطن غلوب" ان مسؤولين في البنتاغون اتصلوا بهما خلال الاسبوعين الماضيين، ليطلبوا منهما الانضمام الى الفريق الاميركي. ولا تزال عمليات التفتيش التي يقودها بليكس معلقة، لكن التفويض الذي منحته إياه الأممالمتحدة لا يزال قائماً، بموجب قرارات مجلس الأمن، ويعني هذا ان بليكس يواصل تقديم تقاريره الى المجلس وليس الى الولاياتالمتحدة. وإذا طلبت الولاياتالمتحدة من بليكس العودة إلى العراق، ينبغي أن يقر مجلس الأمن هذه الخطوة. وقد يرى بعض أعضاء المجلس، مثل فرنسا، ان مثل هذا القرار يضفي شرعية على حرب وقفوا ضدها بقوة. لكن بعض الخبراء، داخل الولاياتالمتحدة وخارجها، يرى ان وضع هذا الجهد في اطار الاممالمتحدة يكتسب أهمية متزايدة. وحض ديفيد اولبرايت، وهو عضو سابق في اللجنة الخاصة "اونسكوم" على ان تتحرك الولاياتالمتحدة بسرعة ل"تدويل" جهود نزع الأسلحة. وقال أول من أمس "لا اشعر بارتياح إلى تولي البنتاغون ادارة هذا العمل".