إذا كنت محظوظاً وتسنّى لك حضور حفلة لريما خشيش، فلا بد من مراقبة يدها وهي تغنّي. فهذه اليد التي تبدو كأنّها تقشّر المعاني، وتداعب الجمل اللحنيّة، وتومئ للكلمات المختزنة في الذاكرة التراثية العريقة، تختصر رهافة ريما خشيش وفنّها. وها هي المطربة التي شقّت طريقها بصرامة، تصدر أخيراً أسطوانتها الأولى التي توقّعها هذا المساء في ال CD-thڈque، هذه المكتبة الفنية التي يؤمّها في بيروت هواة الموسيقى بكلّ أنواعها. وريما خشيش، صاحبة صوت مميّز، وموهبة استثنائيّة، نشأت في بيئة موسيقية، وتشبّعت بالفنّ الأصيل. حفظت الموشّحات صغيرة في كنف والدها الموسيقي وعازف القانون، ثم صقلت تجربتها مع فرقة سليم سحّاب. لكنّ الفنّانة الشابة المتمكّنة من فنّ الطرب، والمتميّزة في إداء الموشحات والأدوار خاضت أخيراً رهان التجريب انطلاقاً من الموسيقى الكلاسيكيّة... وقد نجحت في اضافة بعد معاصر على أعمال تراثيّة، مع احترام منطقها الخاص وغناها وأصولها الصارمة. مع فرقة "أوريانت إكسبرس" الهولنديّة، وجدت امكانية للارتجال، ومساحة أكبر للتعبير عن احساسها بالأغنية وأخذها الى أماكن أخرى، "بعيداً من الممنوعات". هكذا عملت، على المزاوجة بين الموسيقى الشرقيّة وروح الجاز، وغنّت مؤلفات القصبجي ومحمد عبدالوهاب والرحابنة... يرافقها السكسوفون والدرامز والكونتروباس، فاتحة مجال الارتجال الخلاق، والتجديد المبدع، إنطلاقاً من غنى التراث العربي وتنوّعه، وتماشياً مع روح الجاز ولغته ومنطقه. وأسطوانتها الأولى Orient Express مخصصة تحديداً لهذه التجربة. وهي خطوة جديدة تكرّس استقلالية ريما خشيش، وتبلور مشروعها الخاص بعيداً من المنطق الاستهلاكي للفضائيات.