قال "بنك الكويت الوطني" في تقريره الاسبوعي ان تحركات الاسواق ستبقى مرتبطة بمسار الحرب في العراق وانه في هذا الصدد يرى كثير من المتعاملين أن استمرار ارتفاع العملة الأميركية سيبقى مرتبطاً بشكل وثيق بمدى تحقيق أهداف الحرب. وفي ما يأتي ما ورد في التقرير: تعاملت الأسواق المالية العالمية مع بداية الحرب بشكل إيجابي، فبعد أن تعرض الدولار الأميركي لضغوط كبيرة خلال أزمة مداولات الاممالمتحدة ارتفعت العملة الأميركية بشكل ملحوظ مع بدء العمليات العسكرية. وكان الدولار الأميركي عند نهاية الأسبوع كسر المستويات العليا المحققة خلال ثلاثة شهور مقابل الين الياباني والمستويات العليا المحققة خلال شهرين مقابل اليورو والفرنك السويسري، اذ استغل المتداولون بعض الإشارات لنجاح العمليات في المرحلة الأولى من الحرب. إن انعكاس مسار الدولار السريع يعود لأسباب عدة أهمها أن مراكز الأسواق كانت متوقعة للحرب وعند انطلاق الرصاصة الأولى بدأت هذه الأسواق تجني أرباح هذه المراكز. ويبدو أن المراكز البائعة للدولار كانت كبيرة إلى حد جعل عمليات جني الأرباح تفيد العملة الأميركية بشكل ملحوظ. غير أن بعض المحللين يرى أن هناك اختلافاً بين رؤية الأسواق في المدى القصير ورؤيتها في المدى الطويل وأن شراء الدولار ليس إلا ردة فعل قصيرة والتي نتج عنها إغلاق المراكز البائعة للدولار والتي لم تكن محدودة بأسواق الصرف فقط بل تعدته لنرى ارتفاعاً كبيراً في أسواق الأسهم الأميركية، اذ سجل مؤشر "داو جونز" أفضل ارتفاع له في أسبوع واحد خلال عشرين عاماً وارتفعت عوائد السندات الأميركية كما رأينا انخفاضاً في أسعار الذهب وأسعار النفط أيضاً. وشهدت أسواق العملات عمليات إغلاق المراكز المشترية لليورو مقابل الدولار الأميركي خلال اسبوع التعامل الاخير والتي تم بناؤها منذ نهاية العام المنصرم، غير أن المراكز المشترية لليورو والتي تم تحقيقها منذ منتصف شهر تشرين الثاني نوفمبر السابق ما زال معظمها قائماً، ما جعل بعض المحللين يعتقد أن المزيد من إغلاق هذه المراكز قد يتم فقط ان زالت كلفة مخاطر الدولار بعد نجاح العمليات في العراق. وفي هذا الصدد يرى كثير من المتعاملين أن استمرار ارتفاع العملة الأميركية يبقى مرتبطاً بشكل وثيق بمدى تحقيق أهداف الحرب بشكل كامل أولاً، ويشير هؤلاء إلى تصريح الرئيس الأميركي جورج بوش إلى أن الحرب قد تكون أطول وأصعب مما يعتقد البعض وهذا ما يجعل هذه الأسواق التي تتبنى فكرة الحرب السريعة معرضة لأي أخبار جديدة عن احتمال استمرار العمليات لفترة أطول. وبشكل عام فإن الأوضاع الجيوسياسية ستبقى متحكمة بالأسواق للفترة المقبلة. أما على الصعيد الاقتصادي فإن المؤشرات الاقتصادية التي ظهرت الأسبوع الفائت، كمؤشر فيلادلفيا الفيديرالي وأرقام طلبات التوظيف، فاجأت الأسواق بمدى ضعفها وكان المؤشر الطليعي في الولاياتالمتحدة ضعيفاً هو الآخر، ما يؤكد إلى أن "مؤشر معهد العرض للإدارة" يتجه إلى ما دون 50 نقطة. وضمن هذا الإطار يرى البعض أن الأوضاع الاقتصادية في الولاياتالمتحدة ما زالت ضعيفة في المدى الطويل. فمن جهة ما زال العجز في الحساب الجاري يرتفع بشكل وطيد وما زال العجز في الموازنة يزداد من دون توقف، ومن جهة أخرى ما زالت العوائد على السندات الحكومية منخفضة وما زالت أسواق الأسهم على رغم صعودها الأسبوع المنصرم مضطربة إلى حد ما. لهذه الأسباب مجتمعه يرى كثيرون أن جذب رؤوس الأموال باتجاه الولاياتالمتحدة عند مستوى الدولار الحالي يبقى مستبعداً وأن صعود الدولار ضمن هذا الوضع لا يمكن أن يتم إلا بتغير شعور قطاع الشركات وهذا ما زال بعيداً بعض الشيء. وكان رئيس بنك الاحتياط لنيويورك ماكدونو صرح الأسبوع الفائت قبل نهاية ولايته بما يعكس هذا الوضع، اذ أشار إلى أن قطاع الشركات ما زال مقيداً بالحذر الذي يبديه المستثمرون والمقرضون على حد سواء. ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن بعض الأرقام الاقتصادية الأميركية الأسبوع المقبل كمؤشر ثقة المستهلك غداً الثلاثاء وطلبات السلع المعمرة بعد غد الأربعاء ومؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلك يوم الخميس، كما ستنتظر الأسواق تصريح رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي البنك المركزي الاميركي الن غرينسبان يوم الجمعة. أوروبا واليورو انخفض اليورو بشكل ملحوظ ضمن عمليات جني أرباح كبيرة الأسبوع الفائت. وكان اليورو خلال الفترة السابقة مرتبطاً بالأحداث المؤثرة في الدولار الأميركي. وبما أن الأسواق كانت قد سارعت لتغطية مراكزها القصيرة في الدولار الأميركي، فقد كان هناك عرض ملحوظ لليورو لبيع المراكز الطويلة ولم يكن هناك أي أخبار اقتصادية وراء هذه العمليات، غير أن قرار أوروبا اخضاع فرنسا لمزيد من الضوابط حول تفاقم العجز في موازنتها هذه السنة يراه كثيرون أنه الأمر الأهم في هذه الفترة وسيكون له مدلولات وتأثيرات اقتصادية في المدى الطويل. أما على الصعيد الاقتصادي فقد رأينا أن أرقام استفتاء ZEW الألماني لتوقعات النمو ارتفعت من 15 الشهر السابق إلى 17.7 حالياً، بينما كان المتوقع هو 12 وكانت أرقام النمو الصناعي الأوروبي ارتفعت نسبة 1.1 في المئة لشهر كانون الثاني يناير بعد أن كانت انخفضت في شهر كانون الأول ديسمبر السابق. ومن جهة أخرى ارتفعت أرقام طلبات المصانع في ألمانيا لشهر كانون الثاني بشكل أكبر من المتوقع مسجلة بنسبة 3.8 في المئة بعد أن كانت انخفضت بنسبة أربعة في المئة في شهر كانون الاول. ولم تتأثر أسواق الصرف باستمرار اختلاف الآراء بين رؤساء الاتحاد الأوروبي حول العراق فقد استمرت فرنساوألمانيا في الاختلاف مع بريطانيا خلال مؤتمر القمة الأوروبي عند نهاية الأسبوع. وعلى أي حال فإن حالة اللاستقرار ستستمر لفترة وستبقى تحركات الأسواق مرتبطة بمسار الحرب في العراق. وبعد انتهاء الحرب ستكون التعقيدات السياسية التي خلقتها المسألة العراقية على المسرح الدولي الأساس في تحركات الأسواق، اذ من المتوقع أن نرى أسواقاً متقلبة. المملكة المتحدة ارتبط سعر صرف الجنيه الإسترليني خلال الفترة السابقة بشكل كبير بمستقبل رئيس الوزراء البريطاني، فبعد أن ارتفع الجنيه إلى مستوى 1.6150 قبل البلبلة السياسية حول مستقبل توني بلير انخفض الجنيه إلى مستوى 1.5535 قبل أن يحقق بعض الانتعاش. وكان ثلاثة وزراء استقالوا من حكومة بلير الأسبوع الفائت وبدأت الحرب بخسارة ثمانية جنود بريطانيين في اليوم الأول وتصادم طائرتي هليكوبتر بريطانيتين في اليوم الثاني، غير أن الأسواق ستعطي رئيس الوزراء بعض الطمأنينة إن انتهت الحرب سريعاً لأن بريطانيا ستستفيد اقتصادياً من إعادة إعمار العراق. أما على مستوى السياسة النقدية في بريطانيا، فيبدو أن غالبية أعضاء لجنة السياسة النقدية كانت صوتت لبقاء أسعار الفائدة على ما هي عليه خلال اجتماعها الأخير في شباط فبراير الماضي. وكانت أرقام مبيعات التجزئة لشهر شباط قد انخفضت بنسبة 0.1 في المئة شهرياً وهي معدلات أقل مما كان متوقعاً وكان استفتاء مجلس الصناعة البريطاني الشهري أظهر أسوأ قراءة له منذ بداية السنة، ما يؤكد على ضعف القطاع الصناعي. لذلك يرى كثيرون أنه إذا كان الحكم على أداء الجنيه في المستقبل سيعتمد على الأداء الاقتصادي فقط فإن حظوظ الجنيه تبقى قليلة غير أن الاستقرار الحالي في الأسواق سيجعل حركة الجنيه متقلبة في الفترة المقبلة. اليابان ارتفع الدولار الأميركي مقابل الين الياباني بشكل كبير خلال الأسبوع الفائت حتى وصل إلى ما دون مستوى 122 يوم الجمعة. وكان محافظ البنك المركزي الياباني الجديد توشيهيكو فوكوي قد افتتح تسلمه لمنصبه بالشهادة أمام البرلمان الياباني بالإفصاح عن أن عمليات التحفيز النقدية ستستمر كما هي عليه لكن ضمن حدود معينة للتأكد من عدم تأثيرها على الوضع المالي الياباني. وأضاف فوكوي أن سياسة استهداف معدلات للتضخم تبقى إحدى الوسائل المتاحة لكنها ليست الأنسب في الوضع الحالي، مشيراً الى ان ضعف الين يجب أن يكون مرتبطاً بسياسة التحفيز النقدية هذه وأن ذلك سيكون مقبولاً لديه إذا عكس الأوضاع الاقتصادية الحقيقية. ويعتقد كثير من المتداولين أن ارتفاع الدولار مقابل الين يمكن أن ينعكس الأسبوع المقبل خصوصاً إذا فشل الدولار في تجاوز حدود المقاومة الحالية عند مستوى 40.122/ 30.122 ين. أما إذا تم تجاوز هذا المعدل على أساس الإغلاق اليومي فإن احتمالات ارتفاعه لمستوى 125 يناً قد تتزايد. ويبقى هذا الأمر مرتبطاً بالشعور العام تجاه الدولار الذي يبدو إيجابياً في الفترة الحالية بالإضافة إلى أن الدولار مقابل الين سيبقى مطلوباً حتى نهاية السنة المالية اليابانية في 31 آذار مارس الجاري.