رصدت وسائل الاعلام الدولية عشرات ملايين الدولارات لتغطية وقائع الحرب المتوقعة على العراق، في ظل منافسة كبيرة بينها على استقطاب المشاهدين والقراء، بعدما باتت الحرب الحدث الإعلامي الأبرز في العالم اليوم، والسبيل الأفضل لزيادة معدلات المشاهدة والاستماع وبيع المطبوعات... وأيضاً بيع الاعلانات. غيّرت التكنولوجيا مستوى المنافسة بين وسائل الاعلام، إلا أنها عززت في الوقت ذاته حجم الانفاق لشراء معدات متطورة يجري تزويد الصحافيين بها، وحسمت الأمر لصالح وسائل الاعلام في الدول الصناعية. ويشكل التأمين على حياة الصحافيين وفرق الفنيين موضوعاً شائكاً لا سيما للمؤسسات الاعلامية المتوسطة والصغيرة، التي تحرص على إرسال موفديها ومراسليها الى موقع الحرب. ورفض أغلب مؤسسات التأمين أن تشمل خدماته الصحافيين ومساعديهم، في حين وافق البعض الآخر على ذلك، على مضض. وتصل كلفة التأمين على حياة الاعلاميين المتوجهين الى مناطق انتشار الجيش العراقي إلى نحو 12 ألف دولار في الأسبوع الواحد، وإلى نحو ثمانية آلاف دولار للاعلاميين الذين يرافقون القوات الأميركية والبريطانية المهاجمة، وبمعدل تعويض قد لا يتجاوز 100 ألف دولار. وألزمت وزارة الدفاع البريطانية وسائل الاعلام التي ستُرسل صحافيين مع قواتها التي سترسل لاقتحام بغداد بالتعهد بسداد 500 ألف جنيه استرليني نحو 800 ألف دولار، في حال وفاة أي من الصحافيين المرافقين. اما البنتاغون فتجنب فرض أي نوع من التأمين وترك الأمر للمؤسسات الاعلامية للبت بالمسألة. وفضّلت مؤسسات عدة، من بينها محطات تلفزيونية عربية عدة، أن تقوم بالتأمين داخلياً على حياة صحافييها، في حال إصابتهم أو وفاتهم، وبمعدلات تعويض تصل في أقصاها إلى 450 ألف دولار للوفاة، و5،1 مليون دولار للمعالجة والاخلاء، وذلك لخفض التكاليف وتحويل الموازنات المرصودة إلى تأمين ريبورتاجات وتحقيقات حية من أرض المعركة. وتعتبر محطة "سي ان ان" عميدة المحطات والمؤسسات الاعلامية، إذ رصدت قرابة 30 مليون دولار لتغطية الحرب، وأعدت لنشر أكثر من 150 صحافياً وفنياً وطبيباً داخل العراق وفي بلدان الجوار، وفي مناطق الجنوب والشمال فيه. في المقابل رصدت مؤسسات اعلامية دولية لها حضور بارز في العالم العربي، وبينها وكالات "رويترز" و"أف ب" و"أب"، ومحطات "بي. بي.سي" مبالغ تتجاوز 25 مليون دولار لتأمين شبكات ربط، وتغطية نفقات الاقامة والتنقل والسفر جواً واستخدام أجهزة الاتصال والبث، بالاضافة إلى شراء معدات ومركبات بعضها مصفح وأجهزة اسعاف، علاوة على شراء الأجهزة الواقية من أسلحة الدمار الشامل والدروع الواقية من الشظايا. وتستحوذ بدلات المخاطر التي سيتلقاها خمسة آلاف صحافي وفني ومرافق سيغطون الحرب المتوقعة ضد العراق أحد أبرز بنود الموازنات الموضوعة لتغطية الحرب. وتسدد المؤسسات الاعلامية الدولية لمبعوثيها مبالغ تراوح بين ألف وألفي دولار في اليوم الواحد، كعلاوة حرب. وحذا بعض المؤسسات الاعلامية العربية حذو نظيراته الغربية، وعمد الى سداد علاوة حرب تدور في حدود 600 دولار إلى ألف دولار. وبين الأكلاف الأخرى التي ستتكبدها وسائل الاعلام نفقات العمل داخل العراق، في المركز الصحافي الذي هيأته وزارة الاعلام العراقية لمساعدة الصحافيين الوافدين على تغطية الحرب. وتبلغ كلفة سيارة إرسال تلفزيوني سبعة آلاف دولار يومياً تسدد بالعملة الصعبة يضاف اليها 600 ألف دينار عراقي نحو 300 دولار. أما كلفة استئجار جهاز الهاتف الذي يعمل بالاقمار الاصطناعية فتبلغ 100 دولار في اليوم مقابل سبعة دولارات في لندن، على سبيل المثال. وتصل كلفة استئجار مصور صحافي أو مراسل إلى 125 دولاراً في اليوم، وكلفة استئجار مراسل ومعه صحافي الى 275 دولاراً، وكلفة استئجار فريق تلفزيوني إلى 375 دولاراً، للصحافيين الذين لم يستطيعوا استقدام فريق عمل معهم، بسبب ارتفاع كلفة التأمين.