ينتظر أن يعلن رسمياً "أمهر" لاعب في تاريخ كرة القدم السعودية القائد الهلالي يوسف الثنيان هجرته الأبدية للملاعب بعد عطاء امتد أكثر من 18 عاماً، حفلت بعدد من إنجازات لا تنسى في صفوف المنتخب وفريقه الهلال. ولن يغادر الثنيان بمحض إرادته، بل إن عوامل عدة أجبرته على "الترّجل"، ومنها تراجع لياقته البدنية إذ لم يعد قادراً على العطاء كما يشتهي طوال مباريات الدوري. وألمحت المعطيات كافة إلى أن الثنيان الذي دخل عامه السابع والثلاثين سينزع القميص الأزرق في نهاية الموسم الحالي، إذ بات مجبراً على ترك معشوقته بعدما واجه عدداً من الظروف العصيبة هذا الموسم في مقدمها مرض والدته، وملازمته لها في رحلتها العلاجية إلى ألمانيا لزرع كبد جديدة. ولم يشارك "نمر الكرة السعودية" إلا في عدد قليل من المباريات في كأس دوري خادم الحرمين الشريفين، واعتذر من المدرب الروماني السابق إيلي بالاتشي عن قيادة فريقه في بطولة الأندية الخليجية الأخيرة في الدوحة، ثم غاب عن التدريب فترة طويلة، ووجد اسمه خارج التشكيلة التي غادرت إلى مدينة العين الإماراتية لخوض مباريات المجموعة الثالثة في ربع نهائي كأس الأندية الآسيوية. ويجزم الجميع أن الموسم الحالي يعتبر من المواسم العجاف ل"الزعيم"، ويخشى الجمهور الهلالي وعشاق الثنيان "الفيلسوف" وهو أحد ألقابه الكثيرة، أن يتخذ القرار في صمت ويعلنه رسمياً وهو ليس في أفضل حالاته، وبالتالي يهجر الملاعب وفريقه يعيش انتكاسة ولم يلامس الذهب، وهي الأمنية التي يود أن يختتم بها مسيرته الحافلة. ويعد الثنيان من أكثر اللاعبين السعوديين اعتلاء لمنصات التتويج واستلاماً للكؤوس. ويؤكد النقاد على أن الملاعب السعودية لن تنجب لاعباً مثله يطرب الجمهور ويرهق المنافسين. وكانت بداية الثنيان في المدرسة الهلالية في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، وانتسب إليه قادماً من الحواري ومن فريقها المشهور الأحمدي. وأشرف على صقل موهبته وقتذاك المدرب اليوغوسلافي الراحل بروشتش الذي قدم للكرة السعودية مواهب لن تنساها من أمثال ماجد عبدالله ويوسف خميس وسامي الجابر، وقبل ذلك خرّج في الكويت العنبري والدخيل وجاسم يعقوب. وواصل الفتى النحيل تدرجه في فرق الفئات العمرية إلى أن بلغ الفريق الأول عام 1984، فبات احتياطياً حتى تسلم المدرب البرازيلي الشهير كنديدو المهمات الفنية فأعطاه ثقته، وأسهم بالتالي في إحراز بطولة الدوري 1985. وكان ثالث هدافي المسابقة بعد زميليه هذال الدوسري وعبدالرحمن اليوسف. واستدعي الثنيان إلى صفوف المنتخب على عجل وحقق معه كأس الأمم الآسيوية 1988 في الدوحة، وكان من أبرز عناصر "الأخضر" وخطف الأضواء من زملاء كثر أقدم منه في التشكيلة. وهو حقق اللقب القاري ثانية عام 1996 في الإمارات، وكان قائداً للمنتخب. ولا ينسى الجمهور كيف دخل في الشوط الثاني من المباراة أمام الصين في دور الثمانية، وحول تأخر "الأخضر" بهدفين إلى الفوز بأربعة. ولم يشارك الثنيان في نهائيات كأس العالم إلا في فرنسا 1998 على رغم أن "الأخضر" تأهل لنهائياتها ثلاث مرات. وكان احتياطياً وسجل هدفاً من ركلة جزاء في مرمى جنوب أفريقيا. وكان الجمهور يتمنى أن يشارك في مونديال الولاياتالمتحدة 1994، لكنه كان موقوفاً لمدة عام. ويجمع النقاد على موهبة الثنيان بيدَ أنهم يؤكدون أن مزاجيته كانت وراء حرمانه من ألقاب شخصية عدة. وهو بلغ مع الهلال أرفع المراتب وحقق معه ألقاباً تخطت ال20 محلياً وخليجياً وعربياً وقارياً. وحظي بشعبية جارفة تعدت أسوار "الزعيم".