يبدو من الاستطلاع الشهري الذي أجرته دار الوساطة العالمية "ميريل لينش" مع مديري الاستثمار ان هناك اتجاهاً قوياً لتجنب المخاطر وشعوراً واسعاً بأن اسعار الأسهم هي أدنى من قيمتها الأساسية. كما ان ثمة قفزة قوية في الموجودات النقدية توحي بأن المستثمرين ما فتئوا يفضلون الصناعات التي لا تتأثر بالدورات الاقتصادية. يشير استطلاع "ميريل لينش" الى ان النظرة الى مستقبل الاقتصاد الكلي العالمي تُظهر تحولاً الى الأسوأ منذ كانون الثاني يناير، حيث راح المديرون يتخذون موقفاً أكثر حذراً إزاء النمو العالمي والأرباح والأسعار. لكن هذا التحول لم يكن مبرِراً كافياً للتراجع الذي أصاب الأسواق الشهر الماضي، حسبما صرح دافيد باور، كبير مخططي الاستثمار في "ميريل لينش" في التقرير الشهري الأخير. فقد عانى تقويم الأسهم الكثير الشهر الماضي، حيث أخذت السوق علماً بكمية كبيرة من الأنباء السيئة، وهي تنتظر الآن صاعقاً ما لتغيير اتجاهها. وفيما يعتمد ربع الذين شملهم الاستطلاع على حجم أكبر من المبيعات أو تسعير أفضل لبلوغ نمو في الأرباح لدى الشركات، فان نسبة 70 في المئة لا تزال تتوقع ان يكون خفض النفقات السبب الرئيسي في نمو الأرباح. ان أسعار الفائدة تتأثر بمستقبل الاقتصاد الحقيقي. ففي الوقت الذي يعتقد نحو ثلاثة أرباع الذين شملهم المسح ان السياسة النقدية هي "بالقدر الصحيح"، فإن صافي الذين يعتقدون أنها "تضييقية" قد ارتفع من 4 في المئة في كانون الثاني يناير الى 140 في المئة في شباط فبراير. علاوة على ذلك، ان صافي عدد الذين يتوقعون ان يكون سعر الفائدة في الأمد القصير أعلى بعد سنة، قد انخفض من 34 في المئة في كانون الثاني الى 23 في المئة في شباط. ولدى فحصنا للاحصاءات الأخيرة، وجدنا ان عدد مديري الاستثمار الذين يرون ان الأسهم العالمية مسعّرة بأقل من قيمتها، ارتفع من 27 في المئة الى 37 في المئة عن الشهر السابق، وهو أعلى مستوى منذ نيسان أبريل 2001. كما ان نصف عدد الذين شاركوا في الاستطلاع يعتقد ان السوق مسعّرة بأدنى من قيمتها، وربعهم يرى ان السوق هي أدنى من قيمتها بمعدل 15 في المئة أو أكثر. وما يلفت النظر الشهر الماضي ان الأسهم ليست فقط مسعّرة بأقل من قيمتها، بل ان مستويات الأرصدة النقدية قفزت بقوة. فقد لاحظنا في الشهر الماضي ان الأسهم رخيصة. غير أنه لم تكن هناك إلا مبالغ زهيدة من الأرصدة النقدية بانتظار الاستثمار. فثمة تغيير حصل في كانون الثاني يناير، حيث ارتفع المعدل الوسطي للأرصدة النقدية من 4.2 في المئة الى 4.9 في المئة. كما ان بحوزة 15 في المئة من المشاركين في الاستطلاع 12 في المئة أو أكثر من السيولة النقدية. يُضاف الى ذلك، ان لدى ثلث الذين شملهم الاستطلاع، ما يقرب من 8 في المئة من الأرصدة النقدية. وفي الإجمال، عادت الأرصدة النقدية الى ما كانت عليه في مطلع تشرين الأول اكتوبر 2002. وشاهدنا في الشهر نفسه تقلبات كبيرة في شعور المستثمرين. فقد أفاد التقرير ان 63 في المئة من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون ان الأسهم تمادت في نزولها، أي بزيادة 21 في المئة عن الشهر السابق. وهذا الرقم لا يبتعد كثيراً عن 76 في المئة، وهو المستوى الذي كان عليه في تشرين الأول اكتوبر 2002 والذي سبق ارتفاعاً كبيراً في الأسواق. وتجدر الاشارة هنا الى ان الشعور بتجنب المخاطر بلغ حد التطرف. فصافي عدد المديرين الذين اتخذوا مواقف استثمارية أقل خطراً تزايد من 25 في المئة الى 34 في المئة، وهو أعلى رقم سجلناه مذ شرعنا بطرح السؤال، وأعلى مما سجلناه في أعقاب أحداث أيلول سبتمبر 2001. وقد وجهنا سؤالاً جديداً هذا الشهر موضوعه قابلية المستثمرين لركوب المخاطر، فأجاب 44 في المئة ان قابليتهم للمخاطر قد انخفضت منذ سنة الى الآن. أما بالنسبة الى المناطق التي يفضلها مديرو الاستثمار، فانهم لا يزالون على نظرتهم الى الأسواق الناشئة، بأنها تتميز بمستقبل مؤات من حيث أرباح الشركات، وتحسن في نوعية تلك الأرباح وبأكثر التقويمات جاذبية بالنسبة الى بقية المناطق. ان الأسواق الناشئة هي المناطق التي يفضلها مديرو الاستثمار في أفق لا يتجاوز السنة. أما مستقبل المناطق الأخرى فليس واضحاً. أما منطقة اليورو، فانه يُنظر الى أرباح شركاتها وجودة تلك الأرباح بطريقة سلبية. وبالنسبة لليابان، فان أرباحها آخذة في الاستقرار، والرأي في جودة تلك الأرباح قد تحسن مما كان عليه قبل عام. ويبقى الين أعلى عملة بين العملات الست. كما ارتفع هذا الشهر عدد الذين يرون ان الفرنك السويسري هو أعلى من قيمته الأساسية من 16 في المئة الى 30 في المئة. وكانت المفاجأة كبيرة بالسرعة التي ارتفع فيها اليورو، فأصبح في نطاق قيمته العادلة. وهنا بات يتساوى عدد الارتفاعيين والنزوليين بين مديري الاستثمار بالنسبة الى سعر صرف اليورو. ان مؤشر "ميريل لينش" لأحوال سوق الأسهم هو مقياس يتألف من أربعة مكونات متميزة، مبنية على الأجوبة التي يتلقاها المستطلعون على أسئلتهم. الأول هو عنصر توقعات الأرباح، والثاني يقيس مستقبل أسعار الفائدة والثالث يفحص تقويمات الأسهم والرابع يتعقب شعور المستثمرين. ان المؤشر، في هذا الشهر، هو ايجابي، فقد ارتفع الى 15.2 من 10.7 في الشهر الماضي. وشارك في هذا المسح لمديري الاستثمار 308 مدراء يشرفون على توظيف 714 بليون دولار.