انتقد وزير الخارجية الأميركي كولن باول الدول المعارضة للتحرك الأميركي لغزو العراق، معتبراً أنها "تخاف فرض إرادة المجتمع الدولي وتتهرب من مسؤولياتها". وطلبت بريطانيا من مواطنيها مغادرة العراق فوراً بسبب "تزايد التوتر في المنطقة والتهديد بوقوع عمل إرهابي"، ونشر في لندن أن الحكومة البريطانية تحاول اقناع واشنطن بمنح الجهود الديبلوماسية مهلة مدتها ثلاثة أسابيع قبل أن تطلب من الأممالمتحدة الموافقة على الحرب. وناشد رئيس الحكومة الايطالية سيلفيو بيرلوسكوني حلفاءه الأميركيين "تجنب البقاء معزولين"، فيما حمل وزير الماني بعنف على واشنطن واتهمها بالسعي إلى الحرب من أجل النفط. وشهدت أروقة الأممالمتحدة في اليوم الثاني من المناقشات العلنية في شأن العراق وطالب معظم الدول باعطاء التفتيش فرصة في تحد لمواقف أميركا وبريطانيا اللتين لم يؤيدهما سوى عدد قليل من الدول في الجلسات التي استمرت يومي الثلثاء والأربعاء. وفي غضون ذلك، واصلت الإدارة الأميركية مشاوراتها خارج جلسات مجلس الأمن لوضع مسودة قرار مقتضب يصرح لها بغزو العراق على أمل بالاقتراع عليه نهاية الشهر. وأعلن السفير الأميركي لدى الأممالمتحدة أن واشنطن لم تقرر بعد متى ستوزع المسودة، وأن ذلك لن يحدث قبل انتهاء "المناظرة المفتوحة"، في إشارة إلى الجلسات العلنية التي دعت إليها جنوب افريقيا وتحدث فيها مندوبو عدد كبير من دول العالم. انتقد وزير الخارجية الاميركي كولن باول أمس بعض الدول لأنها تخاف من التحرك ضد العراق لفرض ارادة المجتمع الدولي. وقال باول في حديث لاذاعة فرنسا الدولية "فرانس-انتير" إنه "ليس حلاً مرضياً الاستمرار في عمليات التفتيش بصورة متواصلة لأن بعض الدول يخاف فرض ارادة المجتمع الدولي ويتهرب من تحمل مسؤولياته". واضاف: "نسعى مع اصدقائنا وحلفائنا لتحديد مضمون قرار ثان"، مؤكداً وجود نقاش حالياً بين فرنساوالولاياتالمتحدة في شأن العراق. وقال: "لكنني واثق واعتقد بأن فرنساوالولاياتالمتحدة ستبقيان مقربتين ومتحدتين". وطلبت بريطانيا من رعاياها في العراق أمس المغادرة على الفور بسبب "تزايد التوتر في المنطقة وخطر وقوع عمل إرهابي". وأوضحت وزارة الخارجية، التي نصحت طويلاً بعدم السفر إلى العراق، أن أي شخص يفكر في السفر إلى العراق يجب عليه تذكر أن حكومة بغداد احتجزت بريطانيين رهائن في الفترة السابقة على حرب الخليج عام 1991. وذكرت صحيفة "تايمز" البريطانية أمس ان لندن تحاول اقناع الولاياتالمتحدة بمنح الجهود الديبلوماسية ثلاثة أسابيع اضافية قبل ان تطلب من الأممالمتحدة ضوءاً أخضر لتدخل عسكري في العراق. وأضافت الصحيفة ان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ووزير الخارجية جاك سترو اقترحا ان يعقد اجتماع مجلس الامن في هذا الشأن في الرابع عشر من آذار مارس المقبل. ويرى بلير وسترو انهما بهذه المهلة يتمتعان بوقت كاف للتوصل الى اقناع الدول المتحفظة مثل فرنسا بأن الرئيس العراقي لم يتعاون. وفي موسكو، قال وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف إن روسيا تساند بيان الاتحاد الأوروبي الذي يرى أن استخدام القوة في العراق يجب أن يكون ملاذاً أخيراً، وأن موقف موسكو ما زال قريباً من موقف الاتحاد الأوروبي في شأن نزع أسلحة بغداد. وقال ايفانوفان محصلة القمة التي تمكنت من تقريب وجهات النظر بين بريطانيا، الحليف الأقرب لواشنطن، والمانيا وفرنسا، دعمت اقتناع روسيا بأنه يجب أن يبقى لمجلس الأمن دور محوري في صنع القرار. بيرلوسكوني يناشد واشنطن تجنب العزلة وطلب رئيس الحكومة الايطالية سيلفيو برلوسكوني أمس من الولاياتالمتحدة "تجنب البقاء معزولة" في تسيير الأزمة العراقية مع التاكيد على دعمه للادارة الاميركية. وأعلن في كلمة ألقاها أمام مجلس الشيوخ الايطالي وعرض خلالها سياسة حكومته في الأزمة العراقية: "تحدثت بصراحة مع أصدقائنا الاميركيين ودعوتهم الى تجنب البقاء في العزلة". وقال: "على كل حال أكدت للرئيس الأميركي جورج بوش انه فيما يخصنا، فإن الولاياتالمتحدة لن تبقى بمفردها". نغروبونتي وغرينستوك: مشاورات الحلفاء ووسط انقسام العالم في شأن غزو العراق، يقول ديبلوماسيون إن الولاياتالمتحدةوبريطانيا تسعيان لوضع مسودة قرار مقتضب للأمم المتحدة يصرح بعمل عسكري على أمل اجراء تصويت عليه في نهاية الشهر. وفي مواجهة معارضة قوية داخل مجلس الأمن، خصوصاً من جانب فرنسا والمانيا، تدرس الادارة الاميركية إمكان ان يحدد مفتشو الاممالمتحدة مهمات معينة يلتزم بها العراق. وبدأ سفير الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة جون نغروبونتي مشاورات مع نظيره البريطاني سير جيريمي غرينستوك الاثنين في شأن الخطوة التي سيعلن بعدها ان العراق خرق مادياً قرار مجلس الأمن. لكن نغروبونتي صرح مساء الثلثاء بأن إدارة بوش لم تقرر بعد متى ستوزع المسودة. وقال انه سينتظر على الاقل حتى نهاية اجتماع علني أعرب خلاله عشرات من اعضاء الاممالمتحدة عن معارضتهم للحرب. واستمر الاجتماع يومي الثلثاء والأربعاء. وأبلغ نغروبونتي الصحافيين: "نتناقش في الوقت الراهن مع بعض شركائنا من اعضاء المجلس في شأن إمكان اصدار قرار، لكننا نرغب في الانتظار حتى تستكمل هذه المناظرة المفتوحة قبل ان نقرر الاجراءات المحددة وتوقيت وفحوى هذا القرار". الجلسة العلنية: غالبية تتحدى المشروع الأميركي وطالبت دولة بعد الأخرى من كل أرجاء العالم بإتاحة الفرصة لمفتشي الأسلحة لنزع سلاح العراق سلماً في تحد لنيات الولاياتالمتحدةوبريطانيا. ولم تؤيد الموقف الأميركي - البريطاني بدرجات متفاوتة سوى استراليا واليابان والارجنتين وبيرو على مدى 27 كلمة القاها الليلة الماضية اعضاء في الأممالمتحدة ليسوا أعضاء في مجلس الامن. وتحدث 29 سفيراً آخر أمام المجلس أمس. وأبدت غالبية المتحدثين والكثير منهم من دول نامية في آسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية، إضافة الى جيران العراق في الشرق الاوسط، معارضتهم للحرب وأيدوا موقف فرنسا المطالب باتاحة مزيد من الوقت أمام المفتشين للتحقق من وجود أسلحة دمار شامل في العراق. وكان ذلك موقف اليونان ونيوزيلندا واوكرانيا وروسيا البيضاء. وقال دوميساني كومالو سفير جنوب افريقيا التي ترأس حركة عدم الانحياز والتي دعت للاجتماع: "نحن نعتقد ان اللجوء الى الحرب من دون استنفاد كافة السبل الأخرى يعبر عن اعتراف بالفشل من جانب مجلس الامن في تحمل مسؤوليته في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين". إيران: الحاكم العسكري الأميركي سيساهم في الزعزعة وأعلن سفير إيران لدى الأممالمتحدة جواد ظريف أن "التطرف سيربح كثيراً من النقاط مع شن أي مغامرة في العراق"، معرباً عن قلقه من النتائج المحتملة لتعيين ضابط اميركي لإدارة شؤون هذا البلد. وقال امام مجلس الأمن الدولي: "هناك شيء وحيد مؤكد تقريباً وهو ان التطرف سيربح كثيراً من النقاط مع شن مغامرة غير محسوبة تماما في العراق". وأوضح ان "آفاق تعيين قائد عسكري أجنبي على رأس بلد إسلامي وعربي سيساهم كثيرا ًفي عملية الزعزعة ويعطي فقط مؤشراً على أوهام قائمة حالياً". وشددت كندا موقفها من الأزمة العراقية قائلة إنها لا تعتزم المساهمة في هجوم لا يحظى بموافقة مجلس الأمن. ورداً على سؤال هل ستنضم بلاده إلى تحالف الدول الراغبة، قال رئيس الوزراء الكندي جان كريتيان: "لم يطلب منا ذلك، ونحن لا نعتزم المشاركة في مجموعة الراغبين". وأضاف قوله: "إذا كانوا الأميركيين يريدون الذهاب إلى هناك وحدعهم فليذهبوا إلى هناك وحدهم، ولكننا نقول إنهم يجب أن يذهبوا بتفويض من الأممالمتحدة. وإذا لم يفعلوا فإن النظام الدولي على الأرجح سيزداد زعزعة".