من جملة ما لفت نظري في صور المرشحين لمجلس الشعب السوري الذين تزاحمت صورهم على أعمدة الكهرباء و لوحات الاعلان بصورة مثيرة هذه المرة صورة أحدهم وقد أرخى شاربين طويلين ومثيرين للغاية. وذكرني شاربا هذا المرشح بما يطلق الدمشقيون عليه في أحياء الميدان لقب شيخ الشباب، أي الرجل الزغرت الذي إذا وعد وفا بوعده ولو على قطع رقبته، فقد كان للشاربين في تلك الايام بعد معنوي كبير وكان الحلفان بهما يفك أسر مشنوق. ربما كان لهذا المرشح الذي لم يسبق لي أن سمعت به غاية من ارخاء شاربيه بهذا الشكل الملفت قبل الانتخابات وهو اللعب على مفاهيم الاصالة والحفاظ على تراث الاجداد، ولكن هل سيحلف يا ترى بشاربيه أمام من يتوافدون على خيمته أو منزله من الناخبين قائلاً لهم: خدها من هالشوراب كوعد لهم بتحقيق ما يطلبونه منه فيما لو حالفه الحظ وكان من أعضاء مجلس الشعب السوري في دورته المقبلة. أم أنه سيقوم بحلق شاربيه في أول نهار له في مجلس الشعب، ليس لأنه لن يستطيع الايفاء بالوعود التي قطعها بل لأن شاربيه الطويلين لا يتناسبان مع مكانته الحالية وهما لن يفقدانه قوته و سلطته كما حصل مع شمشون. بعيداً عن شوراب المرشح الطويلة، فإنني لم أشعر يوماً بأنني أحب الشوراب القصيرة التي اعتاد عليها أبي وعمي ولكنني لا أنكر أنني كنت أستحسن شاربي أحد أصدقائي لأنهما كانا يعطيانه عمراً يفوق عمره الحقيقي ولكنه يتناسب مع كبر عقله وحسن تفكيره. أما الشوراب الطويلة فأنا لا أحبها إلا على وجوه معظم الواقفين على أسياخ الشاورما الكبيرة في الميدان أو اللحامين لإحساسي بأنها تتناسب مع كتل اللحم الكبيرة التي يتعاملون معها ومع لفظ الجزار. أما الشوراب مع الذقن الصغيرة فقد بدأ تعلقي بهما يزداد مع استمرار النظر إلى صورة زياد الرحباني الذي أدافع دوماً عنه أمام الاصدقاء بالقول أنه نجح بأفكاره وأنفه الكبير وذقنه المثيرة. أما المصادفة الاكبر فهي أن الذقن الصغيرة المرتبة والانف الكبير كانت سر الكيمياء ربما التي جعلتني أحب حبيبي من النظرة الاولى. وأنا لن أنسى ذاك النهار الذي قرر فيه حبيبي أن يحلق ذقنه، وكيف أنني لم أتمالك النظر إليه حينها بل إن الدمعة أخذت طريقها إلى عيني وأنا لا أعلم السبب. هل أنا أحب الذقن والشوراب أم أنني احب ان يظل حبيبي كما عرفته في المرة الاولى يشبه زياداً أو يشبه الصورة التي رسمتها له في قلبي منذ اللحظة الاولى، أم أنني فعلاً لا أكره الشوراب القصيرة ولا الطويلة وان موقفي منها كما الاف الاشياء نوع من التمرد على المألوف لا أكثر.