الارجح انه سحر كرة القدم، ذاك الذي خبره العالم في "مونديال اليابان - كوريا 2002"، حينما تسمرت آلاف ملايين العيون في كل دول الارض الى الملاعب الخضر المستطيلة للساحرة المستديرة. ولم تكن تلك المرة الاولى، فمنذ ما يقرب من مئة عام، اصبح المونديال موعداً عالمياً يشد الشبيبة في كل مكان، من ضمن جمهور من كل الاعمار والفئات والاعراق والمهن... انها الكرة. ولا يبدو أمرها في عالم الكومبيوتر اقل شأناً. فالارجح انها من اكثر الالعاب الالكترونية رواجاً. وبحسب خبراء "مونديال الالعاب الالكترونية" الذي بات حدثاً سنوياً منذ بضع سنوات، فان لعبة "فيفا" تأتي في المرتبة السادسة بعد لعبة "عصر الامبراطورية" Age of Emperor و"تيرميناتور" Terminator و"ديابلو" Diablo و"تومب رايدر" Tomb Raider و"ريد شيفت" Red Shift. وقبل الدخول الى تفاصيل اللعبة الالكترونية، تجدر الاشارة الى ان بعض اختصاصيي التربية وعلم النفس يعتبرون لعبة "فيفا" Fifa نموذجاً للالعاب الخالية من العنف التي تنمي مهارات التحكم في الكومبيوتر لدى الشباب والاحداث. ويراها كثير من هؤلاء بديلاً للالعاب العنيفة التي تملأ عالم الالكترونيات، والتي تشير الكثير من الدراسات المعمقة الى اثرها المضر نفسياً وتربوياً على الطفل والمراهق. لعبة المهارة والذكاء وفي ختام العام 2002، دخلت اللعبة عامها الثامن وأصدرتها شركة "الالعاب الالكترونية" في نسختين، احداهما للكومبيوتر والاخرى مخصصة لجهاز الالعاب "ادفانس غايم بوي" Advance Game Boy الذي تنتجه شركة "نينتندو" Nintendo الشهيرة في عالم الالعاب المصورة والرقمية. وتتوافر اللعبة عينها في نسخ مخصصة لجهازي "بلاي ستايشن" Play Station و"غايم كيوب" Game Cube اللذين تصنعهما شركة "مايكروسوفت". وفي هذه اللعبة تتكاتف وتتشابك مهارات كبيرة وتصميم قوي وذكاء اصطناعي و"تلاعب" ايدي الذكاء الطبيعي، أي أيدي أولئك اولئك اللاعبين الضاربين بحذق على لوحة المفاتيح، لخلق لعبة توحي أجواؤها وتقنياتها بمزيج من الجدية والخفة. فلا عجب ان تتصدر الألعاب الالكترونية قائمة الصناعات التكنولوجية. وتُجنّد مجموعات من المتخصصين، وتنفق أموالاً طائلة من أجل التوصل الى اخراج مرح وتسلية وحماسة. غير أن شعبية هذه اللعبة هي تحديداً ما يجعل المهمة أصعب. فالارجح ان الجمهور يعرف الكثير من تفاصيل اللعبة وقوانينها واساليب لعبها وخططها وما الى ذلك. ويصبح اللاعب الجالس أمام الشاشة متطلّباً أكثر فأكثر وناقداً يصعب إرضاؤه بسهولة. وتنجح اللعبة الالكترونية fifa الى حد بعيد في استنساخ اللعبة الرياضية على الشاشة. وتُقنع اللاعب بواقع أقرب ما يكون الى الحقيقة. وللتحقق من ذلك، تكفي مراقبة أحد اللاعبين وهو يتفاعل صوتاً وجسداً وعصبية مع كل تحرك يقوم به فريقه. ويمكن تقسيم اللعبة تقنياً الى قسمين: الملعب والعنصر البشري أي اللاعبون. في القسم الأول، عندما يختار الفريق، يُدهش اللاعب أمام الشاشة بمدى تشابه الملعب الالكتروني بالملعب الأصلي المُعتمد للفريق المُختار. أما مدى وُضوح الملعب و دقة التفاصيل فرهن بمدى تطوّر جهاز الكومبيوتر. فمع توافر "بطاقة التصميم" Graphic Card يحصل اللاعب على صورة أدق وأوضح . ويستتبع ذلك التحكم بطقس المباراة وبسرعتها وبتوقيتها. فاختلاف وقت المباراة بين النهار والليل يظهر في شكل واضح من خلال لعبة الظلال المدروسة جداً بحسب نور الشمس أو أضواء الليل. ويضاف الى ذلك المؤثرات الصوتية التي تنقل أجواء اللعبة بحسب تطور الأحداث كصوت المعلّق و التصفيق وصافرة الحكم و"تهييص" الجمهور. رسم يشبة المحاكاة إلاّ أن فن اللعبة لا يكمن على هذا المستوى بل في ما يخص العنصر البشري أو اللاعبين على الشاشة. فمن يراقب تحرك اللاعبين وتصرفاتهم، يُدهش لمدى تطابقها مع التحركات البشرية العادية. وفي بعض الاحيان، تبدو هذه الحركات مشابهة جداً للتصرفات الحقيقية لكل لاعب. لأن لاعبي الشاشة ليسوا شخصيات وهمية بل هم أعضاء الفرق العالمية الأصليين .لا يتصرفون مثلهم فقط، بل يشبهونهم تماماً ولديهم أساليب اللعب والتعبير عن الفرحة نفسها عند إدخال الكرة في المرمى. كيف "يُستنسخ" هؤلاء اللاعبون الكترونياً؟ تُحضر شركة electronic art sportsمجموعة من اللاعبين الأصليين الى غرفة أرضها من حشيش، وتراقب تفاصيل المهارات الفردية في اللعب. وتشكل هذه المعلومات القاعدة الاساسية لرسم اللاعبين. والمعلوم ان الشركة تستخدم اسلوب "انيمايشين" Animation بواسطة الكومبيوتر، ويترجم هذا المصطلح احياناً ب"الاحياء بالكومبيوتر". وهو مختلف عن اسلوب المحاكاة Simulation، الذي يستخدم في صنع بعض الالعاب واشهرها "فلايت سيميوليتر"، Flight Simulator اي محاكاة الطيران. وقد اشتهر امر البرنامج الاخير بعد ان تناقلت وكالات الانباء اخبار تدرب منفذي ضربة 11 أيلول سبتمبر عليه. ومع تدقيق مهندسي لعبة "فيفا" في رسومهم الاحيائية، صارت قريبة جداً من المحاكاة، الى حد ان الوهم يقفز الى رؤوس اللاعبين قفزاً بأنهم إنما يحركون لاعبين "حقيقيين". ولكن من هو اللاعب الحقيقي في العصر الافتراضي؟ وأثناء المباراة تتفاعل تحركات اللاعبين الالكترونيين تلقائياً مع خطوات اللاعب أمام الشاشة وبسرعة مُدهشة، ويُسمّى هذا التفاعل "الذكاء الإصطناعي". وكيف تجرى الأمور في الملعب الالكتروني؟ يختار الفريق وتشكيلة اللاعبين وزاوية الكاميرا التي تصوّر الملعب. وتتحكم باللعبة أربعة مفاتيح لتمرير الطابة و تسديدها و زيادة سرعة اللاعبين الذين يتعبون مع تقدّم المباراة!