يتفاوت تفسير اللبنانيين لتزايد عدد السياح الخليجيين في بيروت هذه الأيام. فتجوالهم في شوارع بيروت لافت للأنظار، لكن ما يلفت أكثر هو وجودهم في قرى الاصطياف في الجبل مثل بحمدون وعاليه على رغم الشتاء والصقيع القارس. وهم يقصدون هذه القرى ليس للتمتع بالثلج في يوم مشمس، بل للاقامة، وبخاصة ان معظمهم يملكون منازل يقطنونها صيفاً. وهذا لا يعني ان مناطق التزلج مثل الأرز وفاريا وعيون السيمان لا تحظى برواد، بل هي أكثر اكتظاظاً. وأحصى لبنانيٌ يقطن في منطقة قريبة من فاريا، في 45 دقيقة مرور تسع حافلات كبيرة فيها خليجيون، متجهة الى أمكنة التزلج. وفي بيروت، يلفت النظر ظهور الخليجيين في شوارع الحمراء وفردان ووسط بيروت التجاري، اضافة الى المقاهي والمطاعم وكذلك الفنادق التي بلغت نسبة الحجز فيها مئة في المئة، بحسب نقيب أصحاب الفنادق بيار أشقر. وكذلك طاولت الحجوزات الشقق المفروشة والسيارات. وسجلت احصاءات مديرية الأمن العام ووزارة السياحة خلال الاسبوعين الأولين من شباط فبراير الجاري دخول 80 ألف سائح معظمهم من الخليجيين، بيمنا تحدثت معلومات عن بلوغ العدد 180 ألفاً، وكذلك سجلت مديرية الطيران المدني زيادة 25 في المئة في الحجوزات. بعض اللبنانيين يرد ارتفاع نسبة الخليجيين، سعوديين وكويتيين وقطريين واماراتيين، في الشتاء، الى ما يتردد عن احتمال شن حرب أميركية على العراق، وبعضهم الآخر يستبعد هذا الاحتمال. وهذا ما يتحدث عنه السياح انفسهم. ورفض كويتيون التقتهم "الحياة" في بيروت التحدث عن "الفرار" من الحرب ولو احترازاً، مؤكدين انهم جاؤوا لتمضية اجازة الأعياد فحسب. وقال أبو بشار وهو كويتي مستثمر في لبنان وله أملاك: "ان الناس الكويتيين جاؤوا الى لبنان لأنه ليس غريباً عليهم وبدلاً من ان يمضوا الاجازة في أوروبا". وعزا ذلك الى الحملة الاعلامية والى فضل وزير الشؤون الاجتماعية الكويتي طلال العيار "الذي زرع في الكويتيين محبة لبنان ورسخ عودتهم اليه". وتقول سيدة لبنانية تعمل في وزارة الاعلام الكويتية، جاءت مع عائلتها لتمضية أيام العيد: "لا دخل للكويت في هذه الحرب، مثلما لم يكن للامارات والسعودية دخل في حرب العام 1990، فهي حرب بين العراقيين والأميركيين، ولا داعي لأن يفر الناس"، مؤكدة "ان اللبنانيين هناك يذهبون الى اعمالهم في شكل طبيعي"، مشيرة الى انها عائدة غداً مع عائلتها الى الكويت. وهذا ما يؤكده رئيسا بلديتي عاليه وجدي مراد وبحمدون اسطا بو رجيلي، اذ نقلا عن عشرات الخليجيين الذين جاؤوا الى هاتين البلدتين، انهم في اجازة وانهم عائدون في أيام الى بلدانهم. وأشار مراد الى ان هذا الوضع "أصبح طبيعياً بعد أحداث 11 أيلول سبتمبر". أما بو رجيلي فقال: "لا يمكننا ان نقول انهم فارون من الحرب إلا بعد مضي فترة الاجازة وبدء المعارك، وكل كلام قبل ذلك لا طائل منه". إلا أن رئيس جمعية تجار بيروت نديم عاصي قال عن سبب ارتفاع هذه النسبة: "صادف عيد الأضحى في أوائل شباط والأخوان العرب يكنون كل ود للبنان ويقبلون اليه بسياراتهم، لكن الى ذلك، لا نغفل التحضيرات الاقليمية للضربة العسكرية المتوقعة على العراق، وأحضرت عائلات البلدان المجاورة له بعدما أقفلت فيها المدارس، عائلاتها الى لبنان وقد تعمد الى تمديد مدة اقامتها". ولا يغفل عاصي عن ربط هذه الحركة بشهر التسوق الذي اطلق عليه "لبنان منّور"، اذ يتحدث عن نجاحه وعن الآلية التسويقية التي "خولتنا الانتشار في لبنان وسورية والأردن وغيرها، وكذلك عبر فيلم وثائقي بثته قناتا "سي أن أن" و"أم بي سي". وبين هذا وذاك، ثمة لبنانيون قلقون على ذويهم في الخليج. وتقول ألين ان عائلتها حثت والدها المقيم في الكويت على المجيء بحجة المشاركة في مناسبة عائلية إلا ان الحقيقة "هي قلقنا عليه". الى ذلك، هناك وجود خليجي دائم في لبنان يتمثل بطلاب الجامعات الذين ارتفع عددهم في شكل لافت بعد احداث 11 أيلول، ولا يزال في ازدياد وبخاصة في هذه الأيام مع بدء الفصول الجديدة في الجامعات الخاصة.