أنصار صدام حسين في الضفة الغربيةبفلسطين، وعددهم كبير جداً، سعداء جداً لسببين. الأول تلقيهم كمية كبيرة من المساعدات المالية والعينية، والمواد الغذائية من الكويت، ومن الجمعيات الاسلامية وجمعيات النفع العام المختلفة فيها. وهكذا خفف عنهم العون الكبير المتاعب والمصاعب، وصار الواحد منهم اقدر على المشاركة في مسيرات وتظاهرات التأييد، ورفع صور صدام حسين وعلم النظام العراقي، بعد ان أمن من الجوع والحاجة. السبب الثاني هو تصريحات قادة "حماس" التي تنقل "الجهاد الفلسطيني" من الضفة الغربية واسرائىل، الى العراق نفسه، والى الدول العربية الاخرى. فتنظيم "حماس"، بعد ان انتهى من تحرير الضفة الغربية وحل مشكلاتها، وجد نفسه مسؤولاً عن مصير الشعب العراقي الموشك على الوقوع ضحية العدوان الاميركي، تماماً كما شنت الولاياتالمتحدة "عدواناً صليبياً" على العراق المسلم عام 1991، باسم تحرير الكويت. فالشيخ أحمد ياسين، مؤسس "حماس"، دعا المسلمين في العالم، والحركات الاسلامية خصوصاً، الى "مساندة العراق ودعمه والوقوف ضد المصالح الاميركية". وقال في اثناء مشاركته في تظاهرة نظمتها الحركة في غزة، تضامناً مع العراق: "ان على الشباب المسلم في كل العالم ان يتجندوا مع العراق للدفاع عن ارضه وشعبه... وأن يقفوا ضد المصالح الاميركية "الحياة" في 8/2/3003". وطالب الشيخ أحمد ياسين الاسلاميين، عام 1991، عندما كان النظام العراقي معتدياً على الكويت، على خطى العباسي مدني وعلي بلحاج في الجزائر، في صيف 1990، طالب العراق ب"الوحدة في خندق الجهاد وفتح حدوده لأبناء المسلمين في العالم كي يأخذوا دورهم في معركة الدفاع عن الأمة". وكأن المسلمين في الولاياتالمتحدة لم ينلهم من أذى الارهابيين والمتطرفين ما يكفيهم. وزيادة، دعا الشيخ ياسين المسلمين الاميركيين في الولاياتالمتحدة، وهم في حال لا يعلم بها إلا الله، الى "رفض الامتثال للأوامر بضرب العراق، فلا يجوز لهم ان يشاركوا في قتل المسلمين". وجاء في التقرير الصحافي نفسه، ان الجمهور تفاعل مع كلام الشيخ ياسين، وصار يردد هتافات منها: "يا صدام يا حبيب نريد الرد في تل أبيب". ماذا يمكن أياً منا ان يقول لو تركت جماعات المعارضة العراقية قضيتها، وشغلها الشاغل في العراق ونظامه، وصارت تعطي النصائح للإيرانيين او الجزائريين او ربما الكوريين، او غيرهم، بدلاً التركيز على ما هي فيه من بلاء عظيم؟ السيد عبدالعزيز الرنتيسي، من قادة "حماس" المعروفين، لم يفته كذلك ان يدلي بدلوه في القضية العراقية. فعلى رغم ما يتحدث عنه الفلسطينيون من تعرضهم للقمع والسجن والتعذيب والتصفية وغير ذلك، قرر ان يغفر لصدام حسين، ونظامه، كل خطاياه، وان يتسامح مع ربع قرن من العدوان اليومي على الشعب العراقي وجيرانه، وان يقف مع "سفاح الرافدين"، باسم الجهاد والاسلام، وباسم الشعب الفلسطيني الذي لا ناقة له ولا جمل في مناصرة ديكتاتور مثل صدام حسين حطّم دولة عربية كبيرة كالعراق، وأذاق شعبها عذاباً مراً لا يقل عن عذاب أهل فلسطين. ففي خطبه له، في مخيم جباليا بغزة، دعا الرنتيسي العراقيين الى "تجهيز عشرات الآلاف من الاستشهاديين والأحزمة الناسفة وتفجير انفسهم في الطغاة الاميركيين" "الشرق الاوسط"، في 15/1/2003. أين الإنصاف والعدل في روح القيادي الفلسطيني وعقله، بعد تجربة شعبه المؤلمة إبان احتلال الكويت عام 1990؟ اين الدروس التي أفاد منها، وأفاد بها شعبه الذي دفع افدح ثمن لمواقف منظمة التحرير الفلسطينية إزاء احتلال الكويت؟ لماذا لم يطالب الرنتيسي صدام حسين بالاستقالة مثلاً، رحمة بالعراق والعراقيين وبقايا القضية الفلسطينية؟ لماذا لم يدرك ان العمليات الانتحارية لن يقوم بها العراقيون دفاعاً عن نظام جلاد العراق، وإن قام بها أحد من المخدوعين فلن تؤثر في شيء؟ ولماذا لم يعد الفلسطينيون يكترثون بالشعب العراقي، ما دام نظامه، كما الجمعيات الكويتية، يدفع لهم بسخاء؟ من المسؤول، بعد سقوط نظام صدام، إذا تعرض الفلسطينيون، وتعرضت قضيتهم في العراق لموجة من الكراهية والانتقام واللامبالاة تشبه ما تعرضوا له إثر الانحراف الجسيم لمنظمة التحرير والمثقفين وقيادات فلسطينية، في قضية الكويت في 1990-1991؟ إن الفلسطينيين يقولون لنا، ولهم كل الحق في قولهم: "لا تتدخلوا في قضيتنا". فلماذا لا يكفون عن التدخل في قضايا الكويتيينوالعراقيين والأفغان والايرانيين واللبنانيين والمصريين، وربما التونسيين والمغاربة؟ الكويت - خليل علي حيدر