سيحدث ضجيج كبير. فقناة "روتانا" الفضائية الفنية انطلقت بعد طول انتظار وترقّب، وبعد وعود بأنها ستكون شيئاً آخر مختلفاً عمّا كانت ART أو عما عرف جمهور التلفزيون في العالم العربي من المحطات الفنية وبرامج المنوعات. انطلقت "روتانا" وفي يدها اتفاقات يمكن وصفها ب"الأسطورية" مع غالبية نجوم الغناء ذوي الشهرة الطائرة، بها سوف تهبّ رياح فنّية عاتية: كاسيتات، حفلات، منوعات، وبرامج حوارية. ويقال ان من تدلّل على المحطة فلم يوقع عقداً معها في الوقت المناسب سيدهمه النوم عاجلاً لا آجلاً، لأنّ المكاسب الإعلامية التي سيحققها أبناء "روتانا"، فضلاً عن المكاسب المادية المضافة الى المكاسب المعنوية، لا توازيها أية شروط في شركات الانتاج او التلفزيونات الاخرى. الى أي حدّ تخضع هذه الأماني للواقع الذي تحاول "روتانا" رسمه على صفحة الحياة الفنية العربية؟ وهل حقاً تستطيع محطة "روتانا" أن تجدّد كثيراً في الصورة التي كانت عليها ART مثلاً، وما هي نوعية التجديد المطلوب: أهو في اللغة التلفزيونية أم في لغة الخيارات الغنائية لنجوم شبُّوا على نوع معين من الأغاني فشابوا عليه وشابت من بعدهم أجيال فنية جديدة تعتقد انها لن تخرج عن "القدر" الغنائي الشائع في العالم العربي، وهو قَدَر يزوّر الذوق عموماً ولا يلتفت الى الأُذن النظيفة إلاّ نادراً جداً؟ وكيف ستعامل محطة "روتانا" التلفزيونية الجمهور: هل بتغطية الانتاجات الغنائية المعروفة واعطائه علماً بها وفرضها عليه في ضخّ يومي مسلمّ بنتائجه الاستهلاكية لأن قواعده الأساسية استهلاكية أم بالذهاب مع ذلك الجمهور الى النقد، الى البحث، الى الأسئلة، وطبعاً الى بث حيوية فنية وحساسية انتاجية عالية المستوى تتفادى السقوط في تُرَّهات ألفتها أنفس الجمهور في ما سبق من النتاج وباتت روتيناً بشعاً. كثير من نجوم الغناء، ومن مديري شركة "روتانا" الفضائية يؤكدون على التحدّي الذي تزرعه المحطة في العاملين فيها أو المتعاملين معها، وهناك من يعتبر انه سيكون هناك ما قبل "روتانا" وما بعدها. انه، بالفعل، كلام كبير يتمنى تحقيقه كل من له عين ترى وأذن تسمع في عالم عربي أصبحت المحطات التلفزيونية فيه تشبه كيساً كلما مددت يدك اليه استخرجت واحداً من أمرين: إما ما ينتمي الى الغريب العجيب المريب حيناً، أو ما ينتسب الى العادي المكرّر الذي سُحبت منه خصوبته حيناً آخر. وعلى رغم التجارب السابقة، وهي في غالبيتها مريرة، فإن وعود "روتانا" قد تحمل مساحة من التنفيذ الجدّي لخطة اعلامية - فنية طموحة، بدأت تظهر في دورة برامجية هي خطوة أولى الى ما يُراد أن يكون، فيها الجيّد الذي افتتحته الإعلامية هالة سرحان في طلّتها الموعودة التي أثيرت حولها عواصف بلسانها هي وبأقلام صحافية في آن. وهالة على رغم ميلها الفطري ربما الى المشاكسة و"الاستعراض"، هي ابنة خبرة مهنية عالية، وفيها الروتيني الذي لم تتجاوزه المذيعة القديرة جومانة بو عيد في برنامجها "مع حبي" الذي يستضيف نجماً يوقَّع "البومه الجديد" في الاستوديو وسط "هيصة" مركّبة، وحلقة المغنية باسكال مشعلاني غاصت في أسئلة بديهية مكرورة بل مزعجة في سطحيتها أحياناً، ما قد يؤدي الى إشعار المشاهدين بأن التجدد الذي يروي عنه الرواة هو حتى الآن في الشكل أكثر مما هو في المضمون. هل المطلوب قليل من الصبر أم كثير منه ريثما يعرف المولود التلفزيوني الجديد طريقه؟ سؤال...