هل حدث الأمر مصادفة، ام ان المطرب وليد توفيق وقّت ظهوره التلفزيوني في لبنان، بعد غياب نسبي، في ليلة واحدة وعبر الشاشتين الأساسيتين المتنافستين علناً في البلد LBC وMTV؟! معروف ان وليد توفيق، راح يغيب بإرادته عن التلفزيون، ويعتذر عن عدم تلبية الدعوات الى النزول ضيفاً في برامج عدة متذرّعاً حيناً بالسّفر، وحيناً بعدم وجود اعمال فنية جديدة له يتحدث عنها، وأحياناً باكتفائه ب"الفيديو كليب" وسيلة تواصل مع الجمهور، وحرص في السنتين الأخيرتين على دراسة واقعه الفني وواقع الساحة الغنائية العربية تمهيداً لإطلاق اغنيات جديدة تشكّل نوعاً من التجدد في حياته، وفي تجربته، وفي الإنتاج الغنائي عموماً الذي راح يكرر نفسه مع الكثير من اهل الغناء ولا يريد ان يكون جزءاً من ذلك التكرار. ولعله كان مصيباً في الغياب النسبي لأن ثمة اسئلة راحت تدور حوله: اين هو؟ ماذا يفعل؟ لماذا يعتذر عن عدم الظهور في مقابلات التلفزيون، وكان ذلك بمثابة محرك للإعلام، ووليد يعرف جيداً اهمية هذه العلاقة الجدلية بين غياب الفنان عن الأنظار وبين نهم الجمهور الى معرفة جديد عنه أو له... ... حتى كان وليد توفيق ضيف احدى حلقات التصفية النهائية في برنامج "استديو الفن"، كما كان ضيف احدى حلقات برنامج "هيصة"، في ليلة واحدة هي ليلة السبت، اي الليلة التي تحرص الشاشات التلفزيونية المحلية في لبنان على ملئها بالمنوعات، تارة بمقابلات مع فنانين وأغنيات، وطوراً بحفلات غنائية مسجلة، وفي LBC وMTV تكلّم وليد توفيق وغنّى. وإذا كان في MTV غنى أكثر مما تحدث لأن طبيعة برنامج "هيصة" لا تحتمل الحوار الطويل، فإنه في LBC تحدث وقدّم آراء عدة في مجموعة من الأمور المطروحة فنياً سواء بما يعنيه في تجربته الغنائية، أو بما يعني الفن الغنائي العربي عموماً، ومع ان وليد خبر المقابلات التلفزيونية، إلا انه في "استديو الفن" كان كمن يتهيّب الموقف، ويختار الكلمة المناسبة والفكرة المناسبة والرأي المناسب، ذلك ان امامه لجنة تحكيم تجمع فنانين كباراً بعضهم كان في عداد لجنة التحكيم التي اشرفت على "استديو الفن 1973" الذي منه انطلق وليد، وبعضهم جديد ومن اصحاب الخبرات، وتالياً فإنه معرّض للانتقاد المباشر ان هو تجاوز بعض الحدود في التعبير او في شرح وجهة نظره، ولا يخفي وليد هذه الخشية بل يعتبرها دليلاً على أنه يقدّر المواقف ويجعل لكل مقام مقالاً... هل كانت LBC تعلم ان وليد توفيق سيكون نجم سهرة MTV أيضاً، حين ستعرض الحلقة التي كان فيها نجم سهرتها هي؟! او هل كانت MTV تدرك هذه الواقعة التي نادراً ما تحصل، ونادراً ما يتعمّد الفنانون اعتمادها؟! أسئلة قد نجد لها تفسيراً في خطة وليد توفيق الإعلامية الحالية التي تقول انه في صدد إصدار شريط غنائي جديد، وأن تكثيف المقابلات الإعلامية التلفزيونية والإذاعية والصحافية مفيد تماماً في لفت انتباه الجمهور إليه ليبدو وكأنه يملأ "الدنيا" ويشغل "الناس" بجديده. ولعلّ وجه الصحة الأساس في تصرف وليد الإعلامي هذا، هو ذلك الاعتكاف الذي يمارسه الجمهور تجاه الجديد في الإنتاج الغنائي، ومع غالبية نجوم الأغنية في العالم العربي، وقد اكتشف وليد بدقة ان الجمهور في حاجة الى من يقدم له شيئاً مختلفاً عن السائد والتقليدي، وأن ثمة عودة واضحة الى الرومانسية في الأغنية بعدما كاد الإيقاع الرنان يخلط الجمل الموسيقية والمقامات اللحنية في قالب واحد لا يهدأ ولا يستكين ولا يأخذ نفساً متروياً. وإذا كان هذا المناخ الإيقاعي هو الذي سيطر في السنوات الأخيرة على غالبية النتاج الغنائي، فإن ميولاً لدى فنانين كباراً بدأت تظهر باتجاه طرق ابواب الغناء الشجيّ الرقيق الذي يحمل فكرة ما او حالة ما بدلاً من ان يطمس كل الأفكار والحالات في إيقاع صاخب بدا كأنه هو المغني وهو الجمهور وهو الإنتاج وهو في الوقت نفسه الضباب الذي يجعل الرؤية الصحيحة مستحيلة. احسن المطرب وليد توفيق في ظهوره التلفزيوني الأخير التمهيد لوضع شريطه في التداول، ويقول: "إن الأغنية التي قدمتها في LBC وتنتمي الى الغناء الراقي لقيت ترحيباً عالياً يجعلني اطلق اسمها على الكاسيت من دون وجل. انها صحوة الجمهور الحقيقي". بين الأغنية اللبنانية والمصرية والخليجية يتنزّه كاسيت وليد توفيق الجديد. وظهوره في LBC وMTV في ليلة واحدة قد يصير قاعدة لدى نجوم آخرين أدركوا ذكاءه في الجمع بين الشاشات المتنافسة، حيث بدت وكأنها تتنافس عليه ايضاً!