شهدت سويسرا امس اطلاق "مبادرة جنيف"، وسط تأييد دولي ومعارضة مسؤولين اسرائيليين وكذلك ناشطين فلسطينيين رفضوا التنازل عن "حق العودة"، ووصفوا المشاركين في احتفال التوقيع على المبادرة ب"الخونة والخنازير"، داعين الى محاسبتهم، في حين اصدر المفتي العام للقدس والديار المقدسة الشيخ عكرمة صبري فتوى تحرم الحصول على "تعويض" عن الارض الفلسطينية. راجع ص5 ورأت مصادر ديبلوماسية ان "مبادرة جنيف" يمكن ان تشكل عاملاً ضاغطاً على الفريقين الاسرائيلي والفلسطيني لدفعهما نحو السلام كما يمكن ان تشجع المجتمع الدولي على التحرك. ويأتي اصدار الوثيقة في وقت اجتاحت قوات الاحتلال مدينة رام الله حيث خلفت خمسة شهداء، وشنت حملة اعتقالات طاولت اكثر من 300 فلسطيني. كما تتزامن حفلة التوقيع مع استمرار الجهود الديبلوماسية من اجل وقف العنف، اذ ارسلت ادارة الرئيس جورج بوش مبعوثها وليام بيرنز الى الشرق الاوسط للعمل على عقد قمة بين رئيسي الحكومة الفلسطينية احمد قريع ابو علاء وارييل شارون تمهيدا لبدء تطبيق "خريطة الطريق". وفي الوقت نفسه، تتواصل المساعي لاعلان هدنة بين الفصائل الفلسطينية خلال حوار القاهرة الذي أرجئ الى الخميس. كلمة من عرفات وفي سويسرا، شاركت شخصيات بارزة في احتفال التوقيع على "مبادرة جنيف"، وخاطب الحضور الرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر، ورئيس جنوب افريقيا السابق نلسون مانديلا الذي اتصل بهم عبر الفيديو، ورئيس بولندا السابق ليخ فاونسا في حين القى احد اعضاء الوفد الفلسطيني كلمة باسم الرئيس ياسر عرفات. وحرص القائمون على المبادرة على التأكيد على طابعها غير الرسمي على اساس انها تحرك على مستوى المجتمع المدني الدولي. ولاقت الوثيقة دعما دوليا عندما وقعت 58 شخصية سياسية دولية بارزة على بيان تأييد اعتبرها "بارقة امل لواحد من اطول الصراعات في العالم"، ومن بينهم الرؤساء السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف والجنوب افريقي دو كليرك والفنلندي مارتي اهتيساري. معارضة بين الفلسطينيين وبين الاسرائيليين وفي المقابل، لاقت الوثيقة معارضة بين الفلسطينيين الذين اعتبروا انها تتنازل عن "حق العودة". ونظم الفلسطينيون مؤتمرا شعبيا في غزة، وآخر في بيروت، وتظاهروا في رام الله، واصدروا بيانات التنديد في جنين ونابلس، محذرين من مغبة تبني الوثيقة بشكل رسمي والتنازل عن حق اللاجئين في العودة. ورغم ذلك، قرر الرئيس عرفات ايفاد مستشاره للامن القومي العقيد جبريل الرجوب وعدد من قياديي "فتح" الى جنيف لحضور التوقيع. وعلى هذه الخلفية، قرر وزير الدولة قدورة فارس التوجه الى سويسرا بعدما كان امتنع عن ذلك بسبب معارضة "فتح". وعلى الجانب الاسرائيلي ايضا، ندد مسؤولون من اليسار واليمين على حد سواء بالوثيقة واتهموا الموقعين عليها ب"الخيانة" ودعوا الى تقديمهم الى القضاء. الا ان استطلاعا للرأي اظهر زيادة التأييد للمبادرة التي حظيت بموافقة 31 في المئة من الاسرائيليين. كما ابرز سفر نحو 200 شخصية من سياسيين ورجال فكر وفنانين وصحافيين الى جنيف، حال الانقسام في اوساط الاسرائيليين على اختلاف مشاربهم.