إذا كان صدام حسين بارعاً في التخفي والفرار، فإن الرجل الذي قاد عملية مطاردته بارع هو الآخر في جمع المعلومات وتعقب الفارين والوصول إلى الهدف. فقد استخدم قائد فرقة المشاة الرابعة الميجور جنرال ريموند اوديرنو الدهاء والقوة العسكرية الهائلة في عملية مطاردة الرئيس العراقي السابق وتمكن العسكري، المعروف بطول قامته 193 سنتيمتراً ورأسه الحليق، في النهاية من القبض على المطلوب. على مدى ثمانية أشهر تعلم اوديرنو ورجال فرقة المشاة الرابعة وعددهم 32 ألف جندي دروساً مكنتهم من تضييق الخناق على الديكتاتور السابق في منطقة قريبة من مسقط رأسه. وعكف اوديرنو باستمرار على التشاور مع جنوده وضباطه ورؤسائه بحيث أصبح مقتنعاً تماماً بأن صدام موجود شمال بغداد، وانه يتنقل بين أفراد عائلته وعشيرته المقربين، وانه يتحرك باستمرار من تكريت الى مدينة كركوك الغنية بالنفط وبعقوبة القريبة من الحدود الايرانية. وعمل الجنرال بدقة بعد ذلك على الحد من قدرة صدام على المناورة باعتقال من يشتبه في انهم من حلفائه بمن فيهم البعثيون. ومع اعتقال العديد من حراس الرئيس السابق ومساعديه، تأكد اوديرنو انه اقترب من القبض على صدام. ولكن من يعرفون اوديرنو لم يدهشهم تمكنه من تحقيق هدفه، فقد اكتسب الجنرال البالغ من العمر 49 عاماً شهرة بأنه قائد جريء يرتبط بعلاقات جيدة مع جنوده ويتميز بعقل لامع وذكاء حاد. وقال الكولونيل بيل مكدونالد، الناطق باسم فرقة المشاة الرابعة، إن اوديرنو "يتمتع بذاكرة خارقة ... فما عليك سوى ان تطلعه على بيان ما وتقرأه له مرة واحدة ليتذكره جيداً". وعلى رغم ان بعض الضباط الذين يعملون تحت امرة اوديرنو يقولون إن شكله يوحي بالرهبة، ويشبهونه بالشخصية السينمائية يول برينر الحليق الرأس، إلا أنهم يجمعون على ان في داخله شخصاً عطوفاً. وخط اوديرنو، المتحدر من روكاوي في نيوجيرسي، طريقه المتفرد في الجيش وحصل على درجة الماجستير في الهندسة النووية أثناء خدمته في وحدات المدفعية الميدانية. وحرص على الحضور في ميدان القتال، مثلما حرص على ابقاء صلاته بعالم العلوم النووية. عمل اوديرنو ضابطاً تنفيذياً في كتيبة مدفعية ميدانية في السعودية خلال حرب الخليج عام 1991، إلا أنه عمل كذلك في واشنطن كضابط أبحاث نووية في وكالة الدفاع النووي خلال عامي 1986-1987 وفي مكتب وزارة الدفاع كمستشار لمراقبة الاسلحة. وساعدت تلك التدريبات اوديرنو على ان يكون مستعداً للقدوم الى تكريت الربيع الماضي، للقيام بمهمة القتال ضد صدام حسين ومجموعة المقاتلين المعادين للولايات المتحدة المختبئين شمال بغداد. ويصفه زملاؤه بأنه قائد يحسب حساباً للانعكاسات المحتملة لأية خطوة قبل أن تحدث. وبهذا الصدد يقول جيل ريتشاردسون القس في كتيبة المشاة الرابعة: "يبدو اوديرنو في أي محادثة وكأنه يتقدمنا بخمس الى عشر سنوات". ويضيف انه "أحد أذكى الأشخاص الذين عملت معهم على الاطلاق وأكثرهم وضوحاً في الرؤية".