أشار بحث أكاديمي جديد صادر عن جامعة حيفا ان التمييز ضد فلسطينيي 1948 الذين يحملون الجنسية الاسرائيلية ليس محصوراً في الموازنات الحكومية المخصصة لبلداتهم وفي مجالات العمل والتعليم المتاحة أمامهم فحسب انما أيضاً يلحق بهم حتى في أروقة المحاكم، حيث يدفعون ثمناً باهظاً لمخالفات جنائية ارتكبوها، وذلك في وقت تتشدق اسرائيل بما تصفه نزاهة جهازها القضائي وتدعي انها من الدول الرائدة في العالم التي تتخذ من "العدل" نبراساً. وتناول البحث الذي أشرف عليه عدد من الأساتذة اليهود في جامعة حيفا "المساواة بين اليهود والعرب في جهاز القضاء الاسرائيلي" والتأثير المتبادل بين قومية القاضي والمتهم والضحية. واطلع الباحثون على أكثر من ثلاثة آلاف ملف جنائي أصدرت المحاكم قرارات فيها "لتؤكد النتائج ان التمييز اللاحق بالعرب في اسرائيل قائم في المحاكم أيضاً" وأن ثمة "عدالة مختلفة" تبين تمييزاً ضد العرب. وخلص البحث الى أن احتمال ادانة متهم عربي في قضية جنائية أقوى بمقدار ضعفين وأكثر من احتمال ادانة متهم يهودي في قضية مماثلة، والأمر ذاته بالنسبة الى احتمال الحكم بالسجن على مُدان عربي. وقد يكون غريباً ما توصل اليه البحث من حقيقة ان قضاة عرباً في المحاكم الاسرائيلية، وعددهم أقل بكثير من نسبة العرب في اسرائيل، ينزلون بمتهمين عرب عقوبات أشد من تلك التي يصدرونها بحق متهمين يهود بالمخالفة ذاتها. هؤلاء القضاة حكموا على 44 في المئة من متهمين يهود بالسجن الفعلي، فيما سجلت نسبة 80 في المئة حين نظروا في ملفات جنائية ضد عرب ارتكبوا المخالفات ذاتها. اما الأكثر غرابة فتمثل في حقيقة ان "قومية الضحية" تلعب دوراً كبيراً لدى القضاة العرب ليتبين انه في الحالات التي كان المعتدى عليه أو "الضحية" يهودياً حكم بالسجن على 40 في المئة من المتهمين اليهود بينما تنخفض النسبة الى 14 في المئة إذا كانت الضحية عربية. اما الأخطر في الموضوع فهو ما يلقاه المتهم العربي من عقوبة يصدرها بحقه قاض عربي عندما تكون الضحية يهودية، اذ يتبين انه في 90 في المئة من الحالات اصدر القضاة أحكاماً بالسجن ضد متهمين عرب ذوي سوابق جنائية. وبعد كل هذا لا يستغرب معدو البحث ما جاء من أن نحو نصف العرب في اسرائيل لا يرون أن المحاكم الاسرائيلية لا تميز ضدهم.