يسعى لبنان هذه الأيام الى تسويق نفسه مقصداً للسياحة الصحية بعدما أصبح شبه متأكد من استعادته مكانته السياحية لناحية تمضية الاجازات فيه اصطيافاً وإشتاء. هذا ما ثبت في السنتين الأخيرتين، إذ أفاد معظم الاحصاءات عن بلوغ عدد السياح والمصطافين والمغتربين الذين يقصدونه خلال العام نحو مليون شخص. ويبدو الوضع جيداً، إلا أن طموح اللبنانيين يرمي الى زيادة هذه الأعداد من خلال زيادة فرص السياحة ومجالاتها. فإضافة الى ما فيه من مقومات هائلة في غير مجال منها الثقافة الضاربة في التاريخ وتروي حكايات حضارات كثيرة، معروفة من سياح كثر وبخاصة الغربيين، وكذلك الاستجمام والتنزه فيه المعروف أيضاً من جانب المصطافين، فإن لبنان رسمياً ونقابياً يسعى الى إيجاد سياحة طبية تستقطب سياحاً - مرضى من العالم العربي، أو بالأحرى يسعى اللبنانيون الى جعل لبنان مستشفى العرب مجدداً. والعمل من أجل ذلك بدأ فعلاً لا بمجرد تصريحات وتمنيات، بل من خلال خطوات عملية باشرتها "اللجنة الوطنية لإنماء السياحة الصحية" التي أنشئت قبل نحو عامين، وهي تضم ممثلين عن الوزارات والنقابات المعنية في الشأنين الطبي والسياحي. ويعلق نقيب الاطباء في بيروت الدكتور محمود شقير أهمية كبيرة على السياحة الصحية بالنسبة الى القطاعين الصحي والسياحي خصوصاً ان لبنان ينتج طاقات بشرية كبرى، وإمكانات إستشفائية وصحية أكبر كثيراً من حاجاته "لذا وجب علينا وعلى كل المعنيين في القطاع الصحي في لبنان العمل على الترويج لهذا القطاع لدفع العملية الاقتصادية الى الامام وإعادة لبنان الى نقطة الارتكاز بالنسبة الى الاستشفاء والسياحة معاً". إلا ان شقير يفضل ان يطلق لقب "السياحة العلاجية" عنواناً لهذه الحملة. ويشير الى ان في لبنان نحو 10 آلاف طبيب ونحو 12 ألف سرير للإقامة المحددة، وهناك أيضاً مستشفيات ومراكز صحية للإقامة المزمنة ومستشفيات جامعية مؤهلة لاستقبال حالات مزمنة وحادة اياً تكن درجات تعقيدها. ويوضح ان "الهيئة الاسترالية لاعتماد المستشفيات بمعايير دولية" اعتمدت في لبنان نحو 80 مستشفى، اضافة الى ان الاطباء اللبنانيين على تواصل دائم مع أهم المراكز العالمية طبابة واستشفاء ويتمتعون بمستوى عالمي، مهنياً واكاديمياً. ويقول شقير: "على رغم توافر كل تلك الامكانات كان هناك نقص في التخطيط والترويج، الا ان كل المعنيين بهذا الأمر في القطاعين الاستشفائي والسياحي عقدوا اجتماعات من أجل وضع خريطة تحرك سميت "من باب الى باب" أي ان توفر للمريض - السائح كل الامكانات لإحضاره من بلده عبر ممثلين للهيئة الوطنية الى المستشفى في لبنان، بدءاً من عرض ملفه على الاطباء المتخصصين، مروراً بتأمين تأشيرة الدخول له ولمرافقيه، وصولاً الى المركز الطبي والاقامة في لبنان". ويوضح ان مرضى من دول عربية كانوا يأتون في شكل افرادي تبعاً لسمعة طبيب لبناني "الا اننا نتجه الى توقيع بروتوكولات مع دول عربية ليأتي المرضى في شكل منظم من خلال الهيئة والدول المعنية". وعن كلفة العلاج في لبنان، يقول: "انها أقل كثيراً مما هي عليه في الدول الأوروبية، اضافة الى أمور أخرى غير مادية منها اللغة والتقاليد والعادات". ويتحدث بعض المصادر عن بلايين الدولارات ينفقها العرب في استشفائهم في الدول الأوروبية، منها إنكلترا وألمانيا اضافة الى الولاياتالمتحدة الأميركية واستراليا، وكذلك يشير الى ان بلداً عربياً يحقق سنوياً نحو 650 مليون دولار من السياحة الاستشفائية علماً ان امكاناته الطبية لا تشكل أكثر من 30 في المئة من الامكانات اللبنانية. ومن هذا المنطلق يتوقع اللبنانيون ان تدر السياحية الصحية مبالغ تسهم في انعاش الاقتصاد والقطاعات الطبية والفندقية. وعن التخصصات الطبية التي يمكن ان توفر للسائح، يقول شقير انها كثيرة تربو على 50 اختصاصاً، أبرزها: زرع الكبد والقلب المفتوح، وتصحيح التشوهات الخلقية عند الاطفال، وعلاج الامراض الخبيثة السرطان، وجراحات الترميم، والجهاز الهضمي، والعمليات بالمنظار. وعُهدت مهمة احضار المرضى - السياح الى لبنان ومتابعة أوضاعهم واحالتهم الى الطبيب المتخصص الى شركة K&M التي عدد مديرها العام خليل ملاعب مقومات السياحة الصحية في لبنان بالآتي: كفاية الطبيب اللبناني العالية جداً، ومستوى المستشفيات اللبنانية وتجهيزاتها المتطورة، والاسعار العلاجية المنافسة، ورحابة الشعب اللبناني وضيافته. ويقول ان مشروع السياحة الصحية هو مشروع متكامل يؤمن العلاجين السلبي اي تأمين العلاجات والجراحات، والايجابي اي تأمين الفحوص الطبية. ويسوق ملاعب دلالةً الى كفاية الطبيب اللبناني، انه قرأ في دولة عربية خلال مشاركته في معرض للتجهيزات الطبية شعاراً في جناح أحد المستشفيات الأميركية المعروفة عالمياً هو: نتكلم العربية. وبعد الاستفسار من المسؤول في الجناح عن سبب اللافتة، قال له ان في المستشفى ثمانية أطباء عرب بينهم اردني واحد والسبعة لبنانيون. ويقول "ان سمعة الطبيب العربي عموماً واللبناني خصوصاً كانت الحافز الاساسي الذي شجعنا على الانطلاق بهذا المشروع". إلا انه لا يغفل الحديث عن المستشفيات الكفية في لبنان التي يعود تاريخ بعضها الى 140 سنة، منها واحد لزرع النخاع الشوكي وآخر لجراحة الاطفال وثالث للسرطان ورابع للعيون وغيرها. وهناك أيضاً مستشفيات جامعية بدأ بعضها يحضر أجنحة للسياح المرضى فيها كل المستلزمات وهي أشبه بفنادق مخصصة للعلاج. وعن عدد المرضى - السياح الذين أتوا الى لبنان من خلال هذا المشروع، يقول ملاعب "ليسوا كثراً حتى الآن وهم نحو عشرين، الا اننا ننتظر مجيء مئات قريباً"، كاشفاً ان الشركة وقعت عقداً مع شركة تأمين عالمية لديها 180 ألف مؤمن لترسل مرضاها الى لبنان، اضافة الى توقيع بروتوكولات مع جهات عربية أولاها دبي. ويقول ان الشركة أعدت للسياح المرضى نظاماً يعتمد "الرزمة" يشمل الاقامة والسفر والعلاج، أي الكلفة الكاملة التي سينفقها المريض، بدءاً من وصوله الى لبنان ونقله من المطار الى الفندق والمستشفى، ودرس ملفه الطبي والتنسيق مع بلده لمتابعة العلاج هناك. وإذ امتنع ملاعب عن تحديد أسعار، إلاّ أنه أكد انها ستكون منافسة جداً للاسعار الأوروبية وفي الجودة نفسها. وقال يمكن المهتم ان يتصل بمكاتبنا في بيروت الهاتف: 1-954490-05-961. بريد الكتروني: [email protected] في الاماراتدبي والسعودية واليمن ومصر وقريباً في الكويت، مشيراً الى الاتجاه لافتتاح مكاتب في كل الدول العربية. وأوضح ان على المريض ان يرسل ملفه الى المكتب الذي يرسله بدوره الى المستشفى فتدرسه لجنة طبية وتحدد لصاحبه العلاج المناسب. فيرسل الملف مجدداً الى المريض ليعرضه على طبيبه، فاذا تمت الموافقة تجري ترتيبات احضاره الى لبنان. وقال ان اللجنة ستزور كل الدول العربية لاطلاعها على امكانات لبنان وبرامجه العلاجية بمعدل زيارة كل شهر لدولة، ودعوة الاختصاصيين في كل دولة الى زيارة لبنان والاطلاع على تجهيزاته ومهارات اطبائه. زيارة دبي وفي هذا الاطار كانت الزيارة الأولى التي قام بها وفد ترأسه النقيب شقير وضم عمداء كليات الطب في الجامعة الأميركية الدكتور نديم قرطاس، وجامعة البلمند الدكتور كميل نصار، والجامعة اليسوعية الدكتور فرنان داغر والأمين العام لاتحاد الاطباء العرب الدكتور بلال عبدالله وملاعب. والتقى الوفد نائب حاكم دبي وزير المال والصناعة رئيس دائرة الصحة والخدمات الطبية الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، ووزير الصحة الاماراتي حمد عبدالرحمن المدفع، ومساعد القائد العام لشؤون العمليات والتجهيزات في القيادة العامة لشرطة دبي اللواء ناصر السيد الرزوقي المسؤول عن طبابة أعضاء الشرطة البالغ عددهم 60 ألفاً، ورئيس جمعية اطباء الامارات الدكتور عبدالله شكر، والاطباء اللبنانيين 25 العاملين في الامارات. وأطلع الوفد اللبناني المسؤولين الاماراتيين على مستوى التعليم الطبي في لبنان وأهميته إذ ان فيه 6 جامعات تدرس الطب وتخرج سنوياً نحو 300 طبيب، ورغبتها في اجتذاب الطلاب العرب ليكونوا مستقبلاً دعماً مستمراً للثقافة والتبادل العلمي ما بين لبنان ودولهم. ورغبة نقابة الاطباء في تفعيل تبادل الخبرات مع الاطباء الاماراتيين من خلال برنامج للتثقيف الطبي المستمر وورش عمل في الحقل البحثي والمهني. وطرح الوفد الواقع الاستشفائي الطبي وامكانات لبنان لاستقبال حالات طبية وجراحية من خلال التنسيق مع الجهات الرسمية في الامارات. وقال النقيب شقير ان الوفد لمس تفهماً وتشجيعاً كبيرين من كل المسؤولين في الامارات الذين ابدوا رغبتهم في ان يترجم التعاون الى خطوات عملية في أسرع وقت، لأن معظم الاماراتيين يعتبرون لبنان بلدهم الثاني وهم يعرفونه من خلال زياراتهم السياحية. وذكر ان وفداً من "الجمعية الطبية" سيزور لبنان قبل شباط فبراير المقبل للإطلاع على الواقع الاستشفائي وتوقيع بروتوكول يحدد كلفة كل عمل طبي او جراحي، وكذلك توقيع اتفاق توأمة بين "الجمعية الطبية" و"نقابة الاطباء". يضم القطاع الاستشفائي في لبنان: - 161 مؤسسة بينها 144 للإقامة المتوسطة و17 للإقامة الطويلة. - 7 مستشفيات جامعية وعشرات المستشفيات في معظم المناطق نال 70 منها شهادة الاعمال الدولية. - يعمل في هذا القطاع نحو مئتي ألف من الأطباء والممرضين. - في لبنان عشرة آلاف وخمسمئة طبيب متخصص في 70 اختصاصاً، موزعين على النحو الآتي: 85 في المئة يحملون شهادات تخصص، و10 في المئة يحملون شهادات في تخصصين، و5 في المئة يحملون شهادات في ثلاثة تخصصات او تخصصات نادرة. أكثر من 37 في المئة تخرجوا في جامعات أوروبية، و11 في المئة في جامعات أميركية، و35 في جامعات لبنانية. - يوجد اكثر من 48 جمعية علمية وطبية.