تقدم مصحات النقاهة والعلاج الطبيعي دور مهماً في دول العالم المتقدمة، حيث إنها تعتبر حلقة الوصل بين المريض ومجتمعه على مستويات عدة، من تأهيل طبي و تأهيل وظيفي وتأهيل اجتماعي ونفسي؛ ليرجع المريض المصاب للمجتمع مرة أخرى عضواً فاعلاً من جديد، "الرياض" استطلعت آراء المهتمين بهذا المجال وخرجنا بمجموعة من الرؤى. تطوير السياحة بدايةً أوضح "أ.حمد آل الشيخ" -مدير عام البرامج والمنتجات السياحية في الهيئة العامة للسياحة- بأنّ فريق عمل من الهيئة العامة للسياحة والآثار وقطاع تنظيم الرحلات السياحية نظم عدداً من ورش العمل والاجتماعات مع عدد من المرافق الطبية في جدةوالرياض؛ لبحث تطوير سياحة الاستشفاء من خلال تصميم المنشآت الطبية مع منظمي الرحلات السياحية لبرامج وعروض للمواطنين والمقيمين. وأضاف: ويأتي عمل الفريق ضمن التعاون بين الهيئة ووزارة الصحة واللجنة الوطنية الصحية بمجلس الغرف السعودية، بهدف تطوير وتنمية سياحة الصحة والاستشفاء في المملكة، خصوصاً مع التطور الكبير الذي تشهده المملكة في مجال الخدمات الطبية وتوفر تخصصات عالية وأخرى نادرة تقدم بجودة عاليه لا تتوفر في دول أخرى. مستقبل واعد وأشار "آل الشيخ" إلى أنّ سياحة الصحة والاستشفاء من الأنماط السياحية التي لها مستقبل واعد في المملكة؛ لتوفر عوامل نجاح عديدة من حيث الكوادر الطبية المؤهلة والتجهيزات الحديثة في جميع التخصصات الطبية، حيث ذكرت الإحصائيات التي أعدها مركز الدراسات والمعلومات السياحية بالهيئة العامة للسياحة والاثار أنّ سياحة الصحة والاستشفاء في المملكة؛ حققت أكثر من 800 مليون ريال من إنفاق السياح المحليين والمقيمين، كما بلغت مصروفات السياح الوافدين للمملكة بغرض العلاج أكثر من أربعمائة مليون ريال على خدمات طبية وسياحية في المملكة. وأكد على أنه يمكن من خلال المرونة في تسويق برامج سياحة الصحة والاستشفاء، تكثيف عملية تسويقها أو تقليلها بناء على الطاقة المتاحة في خدمات المنشأة، كما تحقق هذه السياحة تفريغ المريض للعلاج والخدمات الطبية، حيث تتولى جهة مختصة توفير احتياجاتها من النقل والسكن والبرامج المصاحبة، وبالتالي زيادة رغبة المريض السائح في الحصول على خدمات إضافية يحتاجها المريض، مضيفاً: كما تستقطب حالات طبية من خارج محيط المنشأة، مما يسهم في تعاملها مع حالات طبية جديدة؛ تسهم في زيادة خبرات القدرات الطبية في المنشأة، وتفرغ المنشأة الطبية لأعمالها الأساسية، وتولي جهات أخرى مثل منظمي الرحلات السياحية الأعمال الخارجة عن نطاق إنمائها. صعوبة المنطقة في حين ترى "د.نشوه طاهر" -رئيسة اللجنة الإستراتيجية بالغرفة التجارية بجدة- أنّ الاستثمار بمجال النقاهة العلاجية لايحتاج فقط للمكان، بل يحتاج للكوادر المتخصصة، والبيئة هنا في المملكة صعبة، وخاصة أنّ العاملين ليس باستطاعتهم ضمان بقائهم في بيئة العمل لمدة طويلة، واستقدام الخبرات والعمال مكلف جداً، مما يحتم علينا تدريب بناتنا على موضوع النقاهة وتدريس المناهج الأساسية ويكون التدريب من مختصين أجانب بهذا المجال. ما المانع من وجود «منتجعات صحية» في قمم الهدا والسودة وفيفا وشواطئ الساحل الغربي؟ ثقافة طبية بينما يشير المستشار النفسي "صالح النفيسي" إلى أنه لا يوجد مستشفى مؤهل لخدمة المستفيدين من المحتاجين لهذه الخدمات الصحية بمقاييس ومعايير وأسس علمية، وكذلك لا توجد الثقافة الطبية لدى المستشفيات بالدور الفعال للنقاهة؛ لتهيئة المستفيدين من هذه الخدمات لممارسة حياتهم الطبيعية من الناحية الصحية والنفسية، إضافةً إلى أنّ نسبة كبيرة من المجتمع وفي مقدمتهم وزارة الصحة ورجال الأعمال لا يستشعرون الدور الهام والفعال والحاجة الماسة لمنتجعات ومشافي طبية للنقاهة داخل المملكة، رغم وعي المسؤولين والأعيان ورجال الأعمال والكثير من العامة بالدور؛ الذي تقوم به منتجعات النقاهة الطبية من خلال شدّ الرحال لدول مؤهلة لإيمانه بمدى الحاجة لفترة النقاهة والاستجمام. حمد آل الشيخ الحاجات الأساسية وأضاف: توجد سياسات محددة لهذه المنظومة منها الاحتراف في كشف الصور الذهنية، والتعرف على موطن نقص الحاجات الأساسية الفعلية من قبل فريق خبراء ومستشارين في علم النفس؛ حتى يتمكنوا من وضع برامج خاصة لكل مستفيد لإشباع حاجاته، والمملكة تملك إمكانية جبارة من الناحية الجغرافية والروحانية، حيث أنّ هناك اعتقاد خاطئ بأن بعض الدول استغلت الطبيعة واستثمرت إمكانياتها؛ لتقديم العلاج والنقاهة وهذا هو السائد في أذهان الكثير من الناس. وأوضح بأنّ المملكة مؤهلة جداً والمسألة فقط بحاجة إلى دراسة للاحتراف وأسس علمية لرفع معنويات المحتاجين لهذه الخدمات، مشيراً إلى أنّ هناك فرق بين مستشفيات النقاهة ودور الرعاية الاجتماعية بل هناك فرق بين كل اثنين من المحتاجين، ولكلٍ حسابات وآليات وسياسات ومفاهيم محددة بحاجة إلى إشباع بطريقة مقننة؛ حتى يتمكن الجميع من التمتع بحياته على المستوى الصحي والنفسي. إمكانية التنمية ويقول "د.سامي العبدالكريم" -رئيس اللجنة الوطنية الصحية بمجلس الغرف السعودية-: "تتوافر في المملكة خدمات وتخصصات طبية نادرة في جميع مجالات الصحة مع توافر طاقة زائدة عن الحاجة، ولو كانت نسبة قليلة في بعض أوقات السنة، وبالتالي فإنّ استغلالها يعني تنمية هذا النمط من السياحة لاستغلال الطاقة الزائدة، كما أنّ النمو الكبير للمستشفيات والمراكز الطبية الخاصة وتوفيرها لخدمات طبية عالية الجودة؛ يسهل من إمكانية تنمية نمط سياحة الصحة والاستشفاء، وذلك لسهولة تصميم برامج سياحية تخدم هذا المجال". نشوى طاهر وأوضح بأنّ تطوير سياحة الصحة والاستشفاء؛ يتطلب تطوير وتطبيق معايير عالية للخدمات المقدمة للسياح، وبالتالي يستفيد منها المواطن أيضاً، مما يسهم في تحقيق رغبات المواطنين في خدمات طبية أو مصاحبة لها ذات جودة عالية، كما أنّ تسويق تلك الخدمات لفئات أخرى يسهم في تخفيض أسعارها للمواطن. حجم الطلب وأضاف : تم تشكيل فريق بين اللجنة الوطنية الصحية بمجلس الغرف السعودية وهيئة السياحة والآثار ووزارة الصحة؛ يسعى لتنمية سياحة الصحة والاستشفاء من خلال عدد من المحاور منها دراسة حجم الطلب على سياحة الصحة والاستشفاء من السوق المحلي والخارجي، بالإضافة إلى العمل مع الشركاء في القطاع الخاص والجهات الحكومية؛ لتطوير هذا النمط، مؤكداً على السعي من خلال فريق العمل مع وزارة الصحة وهيئة السياحة إلى تطوير القواعد والمعايير والإجراءات الخاصة بمنتجات سياحة الصحة والاستشفاء في المستشفيات والمراكز الطبية وفي المنتجعات الصحية ومنشآت الإيواء، مما يساهم في تطوير منتجات ذات جودة مناسبة. تنمية القدرات وأشار "العبدالكريم" إلى أهمية دور البرامج السياحية في تسويق سياحة الصحة والاستشفاء، وعمل فريق لحصر الجهات المقدمة لتلك الخدمة وتطوير قدرات منظمي الرحلات وتحفزيهم لتصميم وتسويق برامج سياحية تخدم هذا النمط، حيث يتم العمل مع الشركاء على تنمية القدرات من خلال ورش تدريب على تصميم وتسويق منتجات سياحة الصحة والاستشفاء، بالإضافة إلى توفير المعلومات عن المنتجات والخدمات للمستفيدين، وكذلك عمل الفريق على الاشتراك في معارض متخصصة داخل وخارج المملكة لتسويق سياحة الصحة والاستشفاء. د.سامي العبدالكريم محفزات الاستثمار وأوضح بأنّ غياب الاستثمار في المراكز والمنتجات المتخصصة في سياحة الصحة والاستشفاء؛ يعد من نقاط الضعف، وكذلك غياب محفزات الاستثمار في معظم المواقع السياحية الطبيعية في المملكة، والعائق الأهم هو (صعوبة الحصول على التأشيرات والمرافقين)، وكذلك ضعف برامج التسويق والإمكانيات التسويقية للمستشفيات والمراكز المتخصصة، ومشيراً كذلك إلى عدم وجود عروض وحزم تسويقية خاصة بسياحة الصحة والاستشفاء إضافة لضعف الطاقة الاستيعابية للمنشآت الطبية والإستشفائية في بعض المجالات الهامة ( القلب – زراعة الأعضاء – المنتجعات الصحية ) ، ولكن هناك فرص متاحة للمستثمرين، وذلك لوجود طلب عالي داخلي على سياحة الصحة والاستشفاء، وكذلك وجود رؤوس أموال محلية جاهزة للاستثمار في حال وجود محفزات للاستثمار. ارتفاع الطلب وأكد على أنّ الطلب على العلاج خارج المملكة في المراكز المتخصصة في المملكة؛ موجود خاصة مع ارتفاع نسبة التعليم والمثقفين في المملكة الباحثين عن أماكن للاستجمام والراحة، مع توفر دخل متاح للإنفاق على تلك الخدمات، داعياً إلى استغلال المواقع الطبيعية الموجودة في المملكة التي تتميز بتنوع أجوائها خلال العام من خلال إقامة منتجعات صحية متكاملة في المصايف الجبلية( الطائف – أبها – الباحة )، والمناطق الساحلية على البحر الأحمر والخليج العربي، والمناطق ذات الطبيعة الريفية ( السياحة الريفية )، ورغبة بعض السياح القادمين للعمرة والحج في الحصول على العلاج في المملكة. وشدد "العبدالكريم" على أنّ المملكة تواجه تحديات كبيرة في هذا المجال من الدول المجاورة والتي لها السبق في سياحة الطب الإستشفائي والنقاهة" ومنها "الأردن ومصر ولبنان والإمارات"، حيث بدأ مجلس الغرف السعودية في جمع المعلومات والدراسات والأبحاث المختصة بسياحة الصحة والاستشفاء في المملكة، والمتابعة مع الوزارة والهيئة والجهات الأخرى؛ لتحديد المعايير والمواصفات المحلية والدولية الخاصة بالخدمات الصحية والإستشفائية الموجهة للأسواق الخارجية ،ووضع معايير للخدمات الصحية لسياحة الصحة والاستشفاء ، وتطبيق إجراءات الجودة في المرافق الصحية والإستشفائية، وتنظيم المؤتمرات والندوات الطبية والمعارض المتخصصة، وتعريف السياح بالخدمات الاستشفائية والصحية الموجودة بالمملكة، و تقديم الدعم لمنظمي الرحلات السياحية لتسويق البرامج السياحية للصحة والاستشفاء.