ضغط مصري متواصل على المرمى الأرجنتيني... هجمة أرجنتينية مرتدة عكس سير اللعب... ارتباك دفاعي مصري من دون أي داع... تسديدة أرجنتينية زاحفة... شريف اكرامي يلتقط الكرة لكنها تسقط من بين يديه... الكرة ترتد الى هداف ريفر بلايت والدوري الأرجنتيني فرناندو كافيناغي الذي لم يتردد ولو للحظة في ايداعها الشباك المصرية قبل خمس دقائق فقط من نهاية الوقت الاضافي مسجلاً هدفاً ذهبياً قضى به على الآمال المصرية بالوصول الى الركلات الترجيحية حيث تتساوى فيها كل الفرص... صمت رهيب يخيم على مدرجات ملعب آل مكتوم في دبي... وهمّ كبير يطبق على صدور نحو عشرين ألف متفرج أملوا بصعود المنتخب المصري الى الدور ربع النهائي من بطولة العالم الرابعة عشرة للشباب في كرة القدم المقامة حالياً في الامارات. ما سبق كان "السيناريو" الدرامي للخروج "الدراماتيكي" للفراعنة من مونديال الامارات، وهو السيناريو الذي سيظل عالقاً، حتماً، في أذهان كل عشاق الكرة المصرية في الداخل والخارج. لكن... هل يمكننا القول أن كرة القدم أكدت مرة جديدة أنها في كثير من الأحيان تكون غير منطقية وغير منصفة؟ وهل يمكن أن نقول أن خسارة مصر أمام الأرجنتين يمكن أن تدخل في إطار هذا المفهوم؟ ممكن طبعاً لأن المنتخب المصري كان الأفضل بكل المقاييس في تلك المباراة، لكن من دون أن ننسى أيضاً أن نظيره الأرجنتيني لم يقف مكتوفاً بل قدم هو الآخر عرضاً جيداً سعى من خلاله إلى تحقيق الفوز المنشود... والفارق بين المنتخبين أن الأول أخفق في ترجمة الفرص الكثيرة التي لاحت أمامه إلى أهداف، في وقت أحسن الثاني استثمار أنصاف الأخطاء التي وقع فيها مدافعو الفراعنة وضرب ضربته وحلق إلى الدور ربع النهائي... وهذه حقيقة لا يمكن ان يختلف عليها أثنان. هناك إجماع كبير على أن مصر كانت الأقرب إلى تحقيق انتصار كبير يدون لها في السجلات "المطرزة" في مثل هذه المحافل العالمية، وأنها حققت مكتسبات كبيرة من وراء مشاركتها في هذا المونديال في مقدمها أنها قدمت للعالم منتخباً متطوراً استطاع أن يقارع حامل اللقب بل وأن يكون أفضل منه بكثير غالبية فترات اللقاء... ثم لا يمكن أحداً أن ينسى أنها أضافت كثيراً إلى رصيد ترشحها لاستضافة نهائيات كأس العالم للكبار المقررة في عام 2010 للمرة الأولى في أفريقيا على حساب منافسيها المغرب وتونس وليبيا وجنوب أفريقيا، لأن الحشود الجماهيرية التي لاحقت المصريين في مبارياتهم الأربعة وأينما تحركوا في دبي خير دليل على أن النجاح الجماهيري لمونديال الكبار إذا ما قدر له أن يقام في مصر مضمون 100 في المئة... بالأمس القريب، طلبنا من اللاعبين المصريين أن يرفضوا فكرة الثأر من المنتخب الأرجنتيني وأن يكون هدفهم الأساس هو تشريف الكرة العربية... وهو ما كان فعلاً على رغم الخسارة التي جاءت في لحظة غفلة لم تمنع خروج المصريين من أجواء البطولة برؤوس مرفوعة بعد عرض مثير ألهب حماسة ال20 ألف متفرج الذين تابعوا اللقاء على ملعب آل مكتوم في دبي، والملايين الأخرى التي تابعته عبر الشاشات العملاقة ومحطات التلفزة في الإمارات ومصر وبقية الدول العربية. لقد كان حديث المشرف العام على المنتخب والنجم الكروي الأشهر في حراسة المرمى المصرية عبر العصور أحمد شوبير على شاشة دريم عقب المباراة واقعياً للغاية، لأنه لمس الحقيقة بكل أطرافها حين أوضح أن المطلوب كثير جداً من ان أجل ان يحظى هذا المنتخب بالدعم المطلوب من الأندية التي تمده بلاعبيها بدلاً من الاعتراض والرفض على مشاركتهم معه على حساب فرقها... وكم كان واقعياً عندما تحدث عن "جمهوريتي" المنتخب والنادي الإسماعيلي والمعارك التي دارت بينهما من أجل تأكيد أحقية كل منهما في مشاركة أحمد فتحي وحسني عبد ربه في الاستحقاقات الدولية، مشيراً الى ان ريفر بلايت لم يفكر ولو للحظة واحدة في منع لاعبه كافيناغي من السفر مع المنتخب على رغم أن فريقه كان في أمسّ الحاجة الى خدماته في المراحل الأخيرة من بطولة الدوري وهو هدافه، ما أدى الى فوز منافسه بوكا جونيور باللقب... ونحن من هنا لا نملك إلا ان نقول: "عندك حق 100 في المئة يا شوبير". ولم تكن الدموع التي انهمرت من عيني الحارس المتألق شريف إكرامي وهو قائد المنتخب سوى اعتذار معبر منه ومن كل اللاعبين الآخرين لكل الجماهير المصرية والعربية بعد الإخفاق في إكمال المسيرة المونديالية، وتأكيد على أن كل ما تردد حول تعمد المصريين خسارة مباراتهم أمام اليابان في ختام الدور الأول هو كلام غير معقول وغير مسؤول لأنه ليس هناك شخص واحد يريد أن يخسر في مناسبة كبيرة بحجم مونديال الشباب. لقد خرج المنتخب المصري من مونديال الإمارات بشرف، لكن يجب ألا يعتبر المسؤولون عنه أن تألقه في المباراة الأخيرة هو نهاية المطاف... بل عليهم أن يبحثوا وبعناية في الأسباب التي أدت فعلاً إلى خروجه بعد وضع مسألة الحظ وعدم التوفيق جانباً، وفي رأينا المتواضع أن ابرز ما عانى منه المصريون، شأنهم في ذلك شأن المنتخب السعودي، هو العقم التهديفي وإهدار عشرات الفرص السهلة أمام مرمى خصومهم... ولا بد من وضع هذا الأمر جيداً في الاعتبار، لأن منتخباً يقدم كرة ممتعة ويصل إلى مرمى منافسه عشرات المرات من دون أن يسجل سيكون من الصعب عليه أن يحقق الانتصارات المنشودة. وأصيبت الكرة الأفريقية عموماً في هذا المونديال في مقتل، فخرجت مالي من الدور الأول ثم سقطت ساحل العاج أول من أمس في الدور الثاني أمام الولاياتالمتحدة بهدفين لجاستن ماب 7 واد جونسون 42 من ركلة جزاء، وتلتها بوركينا فاسو بالخسارة امام كندا بهدف لجوش سيمبسون 60. وفي مفاجأة خاصة بتناول المنشطات، أعلن الاتحاد الدولي امس ان حارس مرمى منتخب المانيا وفريق فيردر بريمن ألكسندر فالكه تناول منشطات من مادة التيتراهيدروكانابينول... وهو اول فحص ايجابي في مونديالات الشباب في السنوات العشر الاخيرة.