توصلت قيادة حزب "الاتحاد من اجل الحركة الشعبية" اليمين الحاكم في فرنسا الى موقف موحد، فعبرت عن تأييدها "عند الحاجة" لإجراء اشتراعي "يحظر المظاهر التحريضية السياسية والدينية" في مؤسسات التعليم العام، تاركاً القرار النهائي في هذا الشأن لرئاسة الجمهورية. وأتاح هذا الموقف الذي أقر خلال اجتماع المجلس الوطني للحزب الذي عقد أول من أمس حسم التباين في الآراء الذي برز بين اقطاب الحزب حول اصدار قانون يقضي بحظر ارتداء الحجاب في مؤسسات التعليم العام. ويمثل هذا الموقف تراجعاً لوزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي أبدى تكراراً معارضته لمثل هذا القانون، وعكس نوعاً من الالتفاف حول رئيس الاتحاد آلان جوبيه المؤيد لاصدار قانون يصون الطابع العلماني للمدارس والثانويات. وجاءت صياغة الموقف الذي أقره الاتحاد محكومة بهاجسين، الأول عدم اثارة الشعور لدى الجالية المسلمة الفرنسية بأنها مستهدفة من خلال الاجراء التشريعي المرتقب، والثاني يقضي بعدم استباق القرار النهائي الذي سيتخذ في هذا الشأن من جانب رئيس الجمهورية جاك شيراك على ضوء التقرير الذي تعده "لجنة ستازي" ومن المرتقب ان يسلم للرئيس منتصف كانون الأول ديسمبر المقبل. وشكل موقف حزب الاتحاد نوعاً من التسوية الداخلية التي تهدف الى قطع الطريق أمام المواقف والمواقف المضادة داخل الصف الواحد والى التخفيف من الضجة التي تشهدها فرنسا منذ شهور حول هذا الموضوع. وأبدى رئيس الحكومة الفرنسي جان بيار رافاران ارتياحه للتوافق بين قيادات الاتحاد حول هذه المسألة، خصوصاً انه كان من المترددين في شأن ضرورة اللجوء الى الجهاز التشريعي للتعامل مع قضية الحجاب. وقال رافاران في كلمة ألقاها في ختام اعمال المجلس الوطني للاتحاد انه يعتزم اقتراح تبني "اجراء تشريعي" من اجل "حماية كل النساء من انواع القيود الأصولية كافة". وأضاف ان المسألة بالنسبة اليه "ليست مسألة دين" وإنما هي على صلة بضرورة "اعطاء الأولوية لمكافحة" كل أنواع الانتهاك "لحقوق النساء". لكن تصريح رافاران أثار نوعاً من البلبلة، اذ اعتبر البعض انه يعكس خياراً حاسماً باللجوء الى اصدار قانون حول حظر المظاهر الدينية، ما حمل اوساط رئاسة الحكومة على السعي لتبديد هذا الانطباع. فأشارت الأوساط المقربة من رافاران الى ان كلامه لا يعني بالضرورة ان لا بد من اصدار قانون، وان مثل هذا القرار لا يتخذ على صعيد الحكومة، وانه تحدث بصفته من قادة الغالبية الحاكمة وليس بصفته الحكومية. ولا بد من التريث وانتظار القرار الذي سيعتمده شيراك على ضوء توصيات "لجنة ستازي" لمعرفة ما اذا كان حظر المظاهر الدينية سيتم من خلال قانون خاص بهذا الموضوع ام انه سيشكل بنداً من البنود التي سيتضمنها القانون الجديد الذي يجري اعداده في شأن التربية الوطنية. وفي غضون ذلك فإن الجدل حول الحجاب وكيفية التعامل معه مرشح للاستمرار بموازاة الانقسام الذي يثيره هذا الموضوع داخل المجتمع الفرنسي.