دخلت الكنيسة الكاثوليكية امس، على خط الجدل الدائر في فرنسا حول كيفية التعامل مع ظاهرة الحجاب، للإعراب عن رفضها لإصدار قانون يشدد على العلمانية ويحظر المظاهر الدينية في المؤسسات العامة. ورأى رئيس مجلس اساقفة فرنسا المونسنيور جان بيار ريكار ان اصدار قانون يحظر المظاهر الدينية في مؤسسات التعليم العام، "يمثل تراجعاً للحرية الدينية". وحذر ريكار في خطاب القاه في اختتام الجمعية العامة لمجلس الأساقفة في مدينة لورد، من ان يؤدي الخوف "حيال أنواع معينة من التعابير الاسلامية او الفئوية الى ريبة حيال كل اشكال التعابير الدينية". وأبدى قلقه من جراء "تقدم الدعوة الى اصدار قانون في هذا الشأن، على تربية الضمائر وعلى نهج تربوي طويل المدى"، مؤكداً ان "الاجراءات التي ستتخذ قد تعتبر قمعية من جانب البعض، وتعزز الطائفية بدلاً من ان تضع حداً لها". وكانت قضية الحجاب خيمت على أعمال الجمعية العامة لأساقفة فرنسا التي عقدت في اليومين الماضيين، كون الكنيسة الكاثوليكية تتخوف من ان يؤدي اي قانون جديد حول العلمانية الى تبديد الدور ولو الضئيل الذي نجحت في الحفاظ عليه عبر قانون سنة 1905 حول فصل الدين عن الدولة. وهذا القانون الذي كف يد الكنيسة وحظر اي دور لها في الحياة العامة، لم يحل دون ابقائها على مرشدين لها في المدارس والسجون والمستشفيات وعلى تمويل رسمي جزئي لبعض مؤسسات التعليم الكاثوليكية. ويأتي موقف الكنيسة الكاثوليكية ليزيد من ارباك السلطات الفرنسية التي تواجه حيرة حول الموقف الواجب اتخاذه من الحجاب، فتتستر تارة وراء لجنة "ستازي" المكلفة من جانب رئيس الجمهورية جاك شيراك اعداد توصيات حول الموضوع، وتارة وراء اللجنة البرلمانية التي شكلها رئيس الجمعية الوطنية جان - لوي دوبريه للغرض نفسه. وعلى رغم ان قضية الحجاب مطروحة في فرنسا منذ اكثر من عشر سنوات وتتسبب بخضات دورية هنا وهناك، فانها لم يسبق ان طرحت بالحدة نفسها التي تحيط بها اليوم. والجدل حول الحجاب يدور اليوم على خلفية من الاحتقان، مردها التفاقم المستمر على صعيد النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي من جهة، والحرب العراقية من جهة اخرى. لذا فإن السلطات الفرنسية تواجه مهمة بالغة الصعوبة تقضي بإيجاد سبيل لصيانة الطابع العلماني لمؤسساتها من دون السقوط في فخ الذين يتهمونها بالتساهل مع جاليتها المسلمة نظراً الى الوزن الانتخابي الذي تمثله، والحرص في الوقت نفسه على عدم الاقدام على ما من شأنه ان يفسر وكأنه استعداء لهذه الجالية.